لم يخطر ببالي ولم أتوقع أن نعود ونعيش العصور الوسطى، عصور الجهل والظلام وأن نعيش عصر الإبادة كعصر ستالين، وعصر الابادة الجماعية كما في الحرب العالمية الاولى والثانية، وان نعيش عصر الاستبداد والانتقام والفوضى كما هو حاصل الان، ويحدث في سورياوالعراق ولبنان والجزائر والسودان وليبيا… الخ. وعلى رأس ذلك ما هو حاصل في مصر الان، ومما أثارني وجعلني أكتب هذا المقال، والذي تأخر لسفري في الخارج، حيث طفح الكيل وذلك بصدور حكم بإعدام 529 مصريا من الإخوان المسلمين وعلى رأسهم المرشد العام للإخوان في مصر في محاكمة لم تستمر أكثر من 48 ساعة. لم يكن الاعدام الا مشرعا في ديننا الحنيف حيث يقول الله سبحانه وتعالى(ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) صدق الله العظيم. ولكن متى يحدث ذلك القصاص؟ يحدث في جريمة القتل العمد وجريمة القتل الجماعي وعند الابادة الجماعية وعند بيع الاوطان، وعند التجسس لصالح العدو وعند الفساد في الارض…. الخ، وكل ذلك بعدما يثبت على الطرف المجرم ذلك حتى يلقى قصاصه بالعدل الذي يستحقه. ان هذا الزمن وهو العصر الذي نعيش هو عصر تغييب العقل والمنطق. أنا لم أكن يوما من جماعة الاخوان المسلمين او منتميا لحزبهم ولو كنت كذلك لما أسسنا حزب الحياة الاردني، ولكنني معجب بأخلاقهم وإنسانيتهم وصدقهم وامانتهم وحسن تعاملهم ووطنيتهم وانتمائهم وعدم تطرفهم وسلميتهم، وذلك من خلال علاقتي الاجتماعية والانسانية مع الكثير منهم. ولكن في الامور السياسية لهم توجه ولنا توجه، وهذا يعني الرأي والرأي الآخر، ولا يفسد ذلك لغة الحوار والاحترام والاجماع على خدمة الوطن وخدمة الأمة. ولكن ان تكون في عصر لا تعرف ما هي الحجج الدامغة لإيقاع عقوبة الاعدام سالفة الذكر، وهل كان هناك وقت يسمح لهم بالرد على ذلك وماذا عملوا ؟ هل باعوا الاوطان وهل قتلوا وهل فسدوا وهل نهبوا ؟ وهل كانوا موالين للصهيانة ومتعاونين مع الامريكان ضد شعوبهم ؟ ولماذا السكوت عليهم لعشرات السنوات العديدة والمديدة ولم يظهر منهم أي شيء مثلما نسمع الان ؟ ولكن نحن في عصر القتل والذبح في سوريا وكل طرف يعتبر نفسه على حق حتى أصبح المواطن لا يستطيع ان يفر من الموت، وكذلك في العراق وليبيا وفي العديد من دول العالم العربي، ويقولون لك هذه سياسة والسياسة ملعونة ولا دخل لنا فيها ؟! فهل يوجد اليوم شيء لا تدخل فيه السياسة ؟ فأكلنا وشربنا ومعيشتنا وبقاؤنا ووجودنا كله سياسة، وكرامتنا سياسة وكل شيء سياسة، وأصبحنا في وضع لا يستطيع المواطن في عديد من الدول العربية ان يعبر عن رؤيته ورأيه. هل هذا العصر هو عصر الاستعلاء والاستكبار والعلو الصهيوني اليهودي المجرم او عصر الاذلال العربي او العصرين مجتمعين مع بعض، وماذا نطلق على هذا العصر من تسمية ؟ كل ما أريده وأتمناه. أن يبقى عقلي معي حتى أحكم على الأمور بالعقل والمنطق والمصلحة العليا لشعوبنا وأمتنا.