علي عبدالله صالح الأحمر وعلي محسن الأحمر شخصيتان لرجل واحد بينهما تحالف ثنائي فريد قائم على فلسفة العصا والجزرة, من يخاصم علي عبدالله صالح يهرب من العصا فيطلب الجزرة من علي محسن, ومن يبحث عن الجزرة لدى اللواء الأحمر يجد الجزرة عند المشير الأحمر والعكس صحيح في كلا الحالتين. لم تكن سنحان بخيلة على الجمهورية بالرؤساء فزعيمها الأول المشير عبدالله السلال هو من كسر باب التاريخ لأبناء سنحان الذين عرفوا بأن لا شيء مستحيل تحت الشمس كما قال نابليون. من قرية بيت الأحمر الجدباء – أشبه بواد غير ذي زرع – انطلق الرجلان الأحمران هربًا من الحاجة والعوز يبحثان عن التاريخ والنفوذ داخل الهندام العسكري وخلف النياشين والأنواط والرتب. منذ بدء حكم آل الأحمر وعلي محسن أركان حرب الفرقة الأولى مدرع الذي لعب دورًا في ترسيخ أركان دولة علي, وكان الجميع يعلم علم اليقين بأن علي محسن هو أركان حرب الدولة بمعنى أنه الرجل الثاني القوي بعد علي عبدالله صالح بل ونائبه غير المباشر واسع الصلاحيات والنفوذ, فمثلاً هو من يملك الحق في تعيين سفراء في الخارج, ووزراء في الداخل, وأي ورقة تحمل أسمه ورسمه لا ترد, وتفتح لها جميع الأبواب والخزائن دون نقاش أو تردد أو حتى أخذ إذن من الرئيس وتعامل الناس معهما كأن أحدهما يكور الآخر كما يكور الليل النهار. أسس معاوية أول شعرة في الحكم وجعلها بينه وبين شعبه, أما شعرة معاوية في عهد علي عبدالله صالح فكانت بينه وبين علي محسن, ففاقت شعرة آل الأحمر شعرة معاوية في المرونة والدهاء والعطاء وحتى في البقاء. هكذا ظل الرجلان يمسكان شعرة معاوية من أطرافها, تارة يشدها المشير فيرخيها اللواء, وتارة يشدها اللواء فيرخيها المشير, بينما الشعب متشعب على نفسه يحتار في شخصية الرجلان محاولاً إيجاد انفصام بينهما أو توحد في شخصيتهما فلم يجد الشعب سوى شيء يشبه السحر..!! فكر الشعب فكان حاله كحال الوليد بن المغيرة الذي فكر وقدر, فقتل كيف قدر, ثم قتل كيف قدر, ثم نظر, ثم عبس وبسر, ثم أدبر واستكبر, فقال – أي الشعب كما قال الوليد – إن هذا إلا سحر يؤثر..!! لقد انقسم الشعب بين قوم تشيعوا في المشير وقوم تشيعوا في اللواء دون أن يدرك الشعب أن المشير واللواء هما علي..!! شعب يقسم بأن الرجلان مختلفان حتى النخاع, وشعب يحلف بأنهما متفقان حتى العظم وكأن اختلاف الرجلان لا يتعدى الغشاء الذي يفصل بين النخاع والعظم..!! تحالف الرجلان لفترة من الزمن, حتى أتى الأولاد وفتر التحالف, وتأثرت العلاقة, وتمترسا كلاً خلف حلفه, كلاً حسب موقعه, رجل على رصيف الستين والآخر على رصيف السبعين, بقى الرجلان على عرش اليمن مؤثران في حياتنا السياسية والدينية والعسكرية والاجتماعية طيلة الصيف الطويل, وخلال الربيع الجميل, وبعد الشتاء القارص, وربما أثناء الخريف القادم, وهذا هو سر العليان الأحمران أنهما لا يختصمان حتى النقمة من الآخر, ولا يكفران بالنعمة بوجود أحدهما إلى جوار الآخر, يتفقان فنرهق بعضنا البعض ويختلفان فنريق بعضنا البعض..!! في الختام نعم للتصالح الوطني الشامل الذي لا يستثني أحدًا وبهذا الأمر يكون الشعب قد عرف الطريق إلى بيت الأحمر..!!