مع غروب كل عام وإطلالة عام جديد يتحفنا المنجّمون والعرّافون في أنحاء العالم بتنبؤاتهم وتوقعاتهم من خلال إصدارهم كتيبات فلكية تباع في الأسواق أو أحاديث وتصريحات لوسائل الإعلام بمختلف مسمياتها يتطرقون فيها إلى أهم القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والكوارث الطبيعية وكثير من هموم العالم. تهافت إعلامي محموم وفي مثل هذه الأيام الأخيرة من كل عام، وفي تسابق محموم تستضيف بعض القنوات الفضائية التليفزيونية عربية وأجنبية المنجمين للحديث عن خفايا وأسرار العام الجديد المقبل ليدلوا بدلوهم وكأن ما يقولونه حقيقة واقعة. لقد انخرط كثيرون في سلك التنجيم وصنّفوا أنفسهم في خانة المستشارين الفلكيين والخبراء الذين يقرؤون المستقبل، ووجدوا في التنجيم مهنة وتجارة مربحة، وللهذيان الذي يقولونه قبول لدى بعض وسائل الإعلام خاصة المرئية وعلى وجه الخصوص القنوات الفضائية التجارية. والغريب أن مئات الآلاف بل ملايين البشر في أنحاء العالم وبالذات في المناطق العربية والشرقية يتجاوبون مع هؤلاء ويتابعون هذه الأمور ويبحثون عمن يقرأ لهم المستقبل باهتمام بالغ، ويصدق كثير من الناس هؤلاء المنجمين؛ لأنهم ربما يجدون في هذا الهوس طريقاً للهروب من الواقع أو بعض التسلية التي قد تنسيهم واقعهم المأساوي الذي يعيشونه حالياً أو عاشوه في سنواتهم الماضية. الإعلاميون والمنجمون يذهب عدد من الصحفيين والإعلاميين والسياسيين إلى القول: إن غالبية المنجمين والعرافين دجالون، وأن عدداً لا بأس منهم يبنون توقعاتهم على حسابات فلكية وإشارات تأتيهم من الفضاء والنجوم، والبعض الآخر يتهمهم بالزندقة، وآخرون يقولون إنهم يرتبطون ببعض القوى السياسية أو بأجهزة مخابرات توظفهم لتحقيق مآربها وتوعز إليهم نشر توقعات تملى عليهم مثل توقعات اغتيال شخصيات هامة سياسية أو اجتماعية مرموقة ومشهورة، ونشر أخبار سقوط أنظمة حكم وحدوث انقلابات عسكرية أو نشوب صراعات مسلحة وتغييرات سياسية ومشاكل مالية واقتصادية وغيرها من المصائب والكوارث والحروب. المنجمون وعام 2015م يتوقع الفلكي المغربي عبدالعزيز الخطابي أن يشهد العام الجديد 2015 م حرباً عالمية ثالثة وضرب أوروبا بقنبلة نووية، وسيتم قصف موسكو، وستقام الدولة الفلسطينية، ويستمر التوتر الفلسطيني الإسرائيلي، وسيتفكك الاقتصاد المصري، ويتوقع سقوط سلطة الرئيس التركي أردوغان، وستقتحم إيران عالم الفضاء، وستحصل أزمات حكومية في بعض دول أوروبا وأمريكا اللاتينية، وستظهر دول موحدة تحت اسم (الاتحاد السوفيتي الجديد) وأحداث كثيرة في مختلف أنحاء العالم وخاصة في ليبيا والعراق وبلدان الشام. وقفز هذا الفلكي المغربي في توقعاته سنوات إلى الأمام بقوله عن الشأن الداخلي لبلاده إن انقراض الأحزاب المغربية سيبدأ في عام 2017 م وينتهي عام 2030م، مؤكداً أن قضية الصحراء لا حل لها؛ لأنها مشروطة بقضية أخرى لم يذكرها. ومن الفلكيين العرب قال الفلكي التونسي، نائب رئيس الاتحاد العالمي للفلكيين حسن الشارني إنه يتوقع أن يشهد العام 2015 م اضطرابات كبيرة أبرزها تعرض حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله لمحاولة اغتيال تقوم بها عناصر الموساد الإسرائيلي بالتعاون مع عملاء في لبنان، وسيتم محاكمة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، وتُكشف أسرار مقتل أسامة بن لادن، إضافة إلى جملة اضطرابات سياسية ومناخية، واغتيال شخصية سياسية لبنانية مرموقة، وتعرض حياة حاكم في إحدى الدول العربية الآسيوية للخطر.. من جانبه توقع الفلكي الفرنسي المتوفى سابقاً نوسترا داموس انهيار اقتصاد العالم، وتعرض فرنسا وألمانيا لأزمة اقتصادية طاحنة، وكذلك الولاياتالمتحدة ستعاني من نقص حاد في الأموال، وظهور آلة جديدة خاصة بالترجمة التلقائية لأية لغة؛ بحيث تنتهي الاختلافات اللغوية بين البشر، واكتشاف إكسير الشباب ليبدو من يتناوله وكأنه شاب وإن وصل إلى سن الثمانين، وحدوث زلزال ضخم في غرب أمريكا وانتهاء نظام الضرائب في العالم. ونود بهذه المناسبة الخاصة بالفلكيين أن نذكر الفلكية الكويتية الشهيرة الراحلة «أم علي» التي طالما فاجأت العالم بتنبؤاتها الشهيرة لم تستطع التنبؤ بما حدث لها عام 2012م عندما سقطت من الدور الخامس بعدما حاولت الهروب من حريق شب في شقتها، لكن توقعاتها الشهيرة خلال السنوات القليلة التي سبقت وفاتها يقال إنها تحققت بالفعل مثل مقتل الزرقاوي ووفاة الملك فهد والشيخ جابر والفنان الكويتي خالد النفيسي. ما هي الحقيقة؟ اللافت للانتباه أنه كلما تحقق للمنجمين بعض توقعاتهم يتحدثون كثيراً عن نظرياتهم العلمية الفلكية التي يستندون إليها، ولكن العكس من ذلك تماماً حين تفشل، فإنهم يصمتون أو يرجعون ذلك الفشل إلى أنها مجرد توقعات في كل الأحوال.. تصيب وتخيب!! والحقيقة أن هؤلاء المنجمين والعرافين يتابعون بصورة دقيقة مجريات الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها ويسوقون تنبؤاتهم وتوقعاتهم بناء على استنتاجاتهم لهذه الأحداث وبما يتوافق معها ليظهروا قدراتهم الخارقة كذباً وبهتاناً.. وصدق من قال: كذب المنجمون ولو صدقوا، وفي رواية أخرى «ولو صدفوا»