لم يكن متوقعا ان يتنازل الرئيس السابق علي صالح عن سلطة الأمر الواقع التي يتمسك بها هو وحلفاؤه الحوثيين، حين مشوشاً ومهزوزاً في خطاب متلفز الليلة الفائتة.. يقول الباحث والمحلل السياسي اليمني علي البكالي في قراءته لخطاب صالح إن الرجل أشار في حديثه الى شرعيتين شرعية الداخل وشرعية الخارج في إشارة منه إلى التنازل عن سلطة الأمر الواقع التي يتمسك بها هو وحلفاؤه الحوثيين. وبدى الاستعطاف للمقاومة والجيش الوطني جليا في خطاب صالح حين يتساءل الرجل: "لماذا نقتل بعضنا البعض"، وهو ايحاء بإمكانية التقارب ومحاولة لمغازلة الأطراف اليمنية لإمكانية الوصول إلى حل وفقا للباحث البكالي. واوضح البكالي في تصريح ل«الخبر» ان صالح أراد القول أن المعركة بين اليمن والمملكة العربية السعودية، ويدعوا المملكة إلى الحوار الندي على الطاولة، كما أنه يستجدي المجتمع الدولي الضغط على المملكة للتحاور معه، ويطالب برعاية دولية للمحادثات بينه وبين المملكة، وفي ذات الوقت يغازل روسيا ويقول بإمكانية أن تكون المحادثات برعاية دولية روسية. البكالي أشار الى ان "صالح" بذلك يحاول أن يستخدم المحادثات كأسلوب للضغط على التحالف العربي فيرفض الحوار حتى إيقاف الحرب حد قوله. وفسر البكالي هذه التناقضات في مطالبته للحوار المباشر مع المملكة ورفضه للحوار حتى تتوقف الحرب، وتهديده بأن الحرب الحقيقية لم تبدأ بعد، ورفضه للحوار مع من وصفهم بالمرتزقة وفي ذات الوقت حديثه عن شرعية الخارج ، توحي بتخبط في الموقف الداخلي لجبهة الإنقلابيين نتيجة الهزائم التي منيت بها واقتراب المعركة من صنعاء معقل صالح لاسيما إذا أخذنا في الحسبان الأخبار التي تحدثت بالأمس عن رفض صالح للخروج من صنعاء بحسب طلب بعض مناصريه، وهي الأخبار التي نشرتها مواقع مقربة من حزب صالح حسب تعبيره. ولفت البكالي الى انه من خلال ذلك يمكن اكتشاف وجود فجوة كبيرة في الجبهة الداخلية للانقلابيين أراد صالح أن يغطيها بخطابه المتلفز بين قيادات حزبه، ولكن إذا ما نظرنا لحجم الحضور الذي كان متواجداً لحظة خطاب صالح بحسب ما نقلته قناته الفضائية اليمن اليوم نجد أن المكان يكاد يخلو من القيادات البارزة لحزب المؤتمر خاصة أعضاء اللجنة العامة، وهو ما يعني وجود حالة من التفكك والإنهيار كبيرة في صفوف الجبهة الداخلية لأنصار صالح أولاً، ثم بينه وبين الحوثيين، وهذا ما حاول أن يغطيه كحيلة من الحيل الكلامية من خلال تأكيده لأكثر من أربع مرات على الشراكة والتحالف بينه وبين الحوثيين، وكأنه يرسل رسائل تطمين لهم ليحافظوا عليه فيما لو سقطت صنعاء وفرّ أنصاره. ويرى البكالي بان صالح خلال خطابه غازل المملكة كثيراً رغم أنه في ظاهر الأمر يطالب بمحادثات ندية بينه وبين المملكة، فهو لم يتحدث كثيراً عن العدوان السعودي كعادته في خطاباته، وهو يرفض الحوار مع من يسميهم المرتزقة رغم أنه قدم اعترافاً ضمنيا بشرعية الرئيس هادي، وهذا يعد تنازلاً إذ كان سقف جبهة الانقلابيين يتحدث قبل جنيف2 عن رحيل هادي، وها هو اليوم يعترف بشرعيته وشرعية الحكومة. ولفت البكالي الى ان صالح من خلال كلامه المتلفز فقط يحتج على وجود الحكومة الشرعية خارج الوطن، وهذا نوع من المغازلة للمملكة وللحكومة على حد سواء. ويوكد البكالي بان حديث صالح عن حوار ندي مع المملكة ضمنيا يعد بمثابة المطالبة بمخرج آمن لنفسه وأسرته، وتلميحه بالرعاية الدولية الروسية يشير إلى إمكانية تدخل وساطة روسية وأممية لدى التحالف العربي بقيادة المملكة لضمان خروج آمن. ونوه الى ان صالح احترف في كلامه حتى لا تفهم المليشيات الحوثية هذا الطلب الضمني فقد أردفه بأربعة تأكيدات للشراكة والتحالف مع الحوثيين، ومثل هذه الألاعيب اللفظية يجيدها صالح باحترافية. ووصف البكالي تكرار صالح في خطابة لفظ (الحرب لم تبدأ بعد) (المؤتمر وجيشنا لم يحارب بعد) (وإذا لم ترجع السعودية عن غيها) بالتهديدات التي تبدو خرافية، كون مليشياته وجيشه وحزبه يقاتل جنباً إلى جنب مع المليشيات الحوثية منذ سقوط عمران. موضحا بان صالح يحاول من خلالها بث المعنويات في أنصاره وحزبه ولو لمزيد من الوقت كاف لإقناع المملكة والتحالف بحل يؤمن خروجه، وإشارته لروسيا أشبه باستدعاء لوساطة روسية بهذا الصدد. البكالي ركز على ما ابداه صالح لأول مرة من أسفه على القتلى من أبناء الشعب اليمني من الطرفين أو من وصفهم بالمغرر بهم، كما انه لأول مرة يلمح لعودة الهاربين في الخارج موضحا البكالي بان هذه الرسائل هي موجهة في الأساس للقوى السياسية وخاصة المشترك وعلى رأسه الإصلاح والناصري، وكأنه يسقط الوثيقة القبلية التي سبق أن عممتها المليشيات وأرغمت الناس على التوقيع فيها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يحاول إرسال رسائل تطمين للقوى السياسية بإمكانية عودتها دون حرب أو دون استعادة صنعاء، وكأنه يقول لا داعي للحرب في صنعاء، وهي رسالة استعطاف يحفها الخوف من المجهول، وقد أكدها بمحاولته الفصل في حديثه بين الحرب الداخلية وحربه مع التحالف بقيادة المملكة وتأكيده على هذه الجزئية في كل فقرة من فقرات خطابه. الباحث البكالي تطرق الى إمكانيه التنبؤ عاجلاً بإحدى أمرين إما وساطة دولية لخروج صالح خروجاً آمنا، أو أن صالح يمهد للهروب عبر طائرة روسية خاصة إذا ما اقتربت المعارك من صنعاء. المصدر | الخبر