هيئة مكافحة الفساد تتسلم إقراري رئيس الهيئة العامة للاستثمار ومحافظ محافظة صنعاء    اختتام بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد على كأس الشهيد الغماري بصنعاء    شبوة أرض الحضارات: الفراعنة من أصبعون.. وأهراماتهم في شرقها    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على 5 متهمين بحوزتهم حشيش وحبوب مخدرة    قرار مجلس الأمن 2216... مرجعية لا تخدم الجنوب وتعرقل حقه في الاستقلال    دائرة التوجيه المعنوي تكرم أسر شهدائها وتنظم زيارات لأضرحة الشهداء    يوم ترفيهي لأبناء وأسر الشهداء في البيضاء    وسط فوضى عارمة.. مقتل عريس في إب بظروف غامضة    لحج تحتضن البطولة الرابعة للحساب الذهني وتصفيات التأهل للبطولة العالمية السابعة    الرئيس الزُبيدي يُعزّي المهندس عبدالله سالم الدقيل بوفاة شقيقه    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    مجلس الأمن يؤكد التزامه بوحدة اليمن ويمدد العقوبات على الحوثيين ومهمة الخبراء    خطر المهاجرين غير الشرعيين يتصاعد في شبوة    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    "الشعبية": العدو الصهيوني يستخدم الشتاء "سلاح إبادة" بغزة    الأرصاد: أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    مدير مكتب الشباب والرياضة بتعز يطلع على سير مشروع تعشيب ملاعب نادي الصقر    شركة صقر الحجاز تثير الجدل حول حادثة باص العرقوب وتزعم تعرضه لإطلاق نار وتطالب بإعادة التحقيق    بيريز يقرر الرحيل عن ريال مدريد    عمومية الجمعية اليمنية للإعلام الرياضي تناقش الإطار الاستراتيجي للبرامج وتمويل الأنشطة وخطط عام 2026    تنظيم دخول الجماهير لمباراة الشعلة ووحدة عدن    فريق DR7 يُتوّج بطلاً ل Kings Cup MENA في نهائي مثير بموسم الرياض    الانتحار السياسي.. قراءة في نموذج الثاني والعشرين من يونيو 1969    مقتل وإصابة 34 شخصا في انفجار بمركز شرطة في كشمير الهندية    انهيارات أرضية بجزيرة جاوة تخلف 23 قتيلا ومفقودا    مليشيا الحوثي تستحدث أنفاقا جديدة في مديرية السياني بمحافظة إب    ضبط وكشف 293 جريمة سرقة و78 جريمة مجهولة    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    لاجئون ومجنسون يمنيون في أوروبا يتقاضون ملايين الدولارات شهرياً من أموال الجنوب    حكام العرب اليوم.. ومكياج السلطة    روسيا تمتنع عن التصويت على قرار تمديد العقوبات على اليمن    مؤسسة الكهرباء تذبح الحديدة    توخيل: نجوم انكلترا يضعون الفريق فوق الأسماء    وديا: السعودية تهزم كوت ديفوار    الارياني يرفض إعادة الآثار المنهوبة وبعضها بيع في باريس(وثائق)    أمين عام الإصلاح يعزي رئيسة دائرة المرأة في وفاة زوجها    حين قررت أعيش كإنسان محترم    محافظ عدن يكرّم الأديب محمد ناصر شراء بدرع الوفاء والإبداع    الكشف عن لوحة تاريخية للرسام السويدي بيرتل والديمار بعنوان Jerusalem    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الصين تعلن اكتشاف أكبر منجم ذهب في تاريخها    نمو إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في الصين بأضعف وتيرة منذ أكثر من عام    وجهة نظر فيما يخص موقع واعي وحجب صفحات الخصوم    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    حكام العرب وأقنعة السلطة    مي عز الدين تعلن عقد قرانها وتفاجئ جمهورها    إسرائيل تسلمت رفات أحد الاسرى المتبقين في غزة    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطر صانعة الثورات
نشر في الخبر يوم 11 - 04 - 2013

أثناء زيارة لقطر، طلب الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك أن يقوم بجولة استثنائية في استديوهات الجزيرة المغلقة. لكنه لم يصدق عينيه وهو يتنقل بين ممراتها الضيقة، فقد كانت تشغل حيزا صغيرا لا يتناسب مع نفوذها الإعلامي في المنطقة. يومها قال الرجل: "هذا هو صندوق اللهب الذي أشعل كل هذه النيران." لكن الرجل القادم من الكنانة على قدمين من ثقة، لم يكن يعلم أنه سيتحول في غضون سنوات إلى قصة ترويها الجزيرة بعد الانتهاء من حبكتها الدرامية.
صغيرة هي الجزيرة أيها الزعماء الراحلون، وصغيرة هي قطر أيتها الشعوب المغرورة بمحيط رمالها وكثرة مليونياتها، لكنها استطاعت في غضون سنوات أن تتحول من دولة مغمورة إلى لاعب أساسي في تشكيل المنطقة وإعادة صياغة جغرافيتها. فمنذ إطاحته بوالده عام 1995، استطاع الشيخ حمد بن خليفة خريج كامبريدج أن يستثمر عائدات النفط في تحقيق ثورة شاملة في مفاصل الدولة القطرية في مجالات الاستثمار والاقتصاد والإعلام ليحقق في غضون أعوام ما عجز غيره عن تحقيقه في عقود مديدة.
لكن علامات الاستفهام الكثيرة التي رافقت تلك النهضة الميمونة تركت المتابعين للشأن القطري في حيص بيص. إذ رغم عدائه المبين للأنظمة الشمولية في المنطقة ودوره البارز في إسقاطها، ظل الأمير القطري محتفظا لنفسه بحق البت في كافة الشئون القطرية، ولم ينشئ نظاما ديمقراطيا على النسق الغربي، ولم يطور النظم السياسية في بلاده، ولم يقم برلمانا حرا.
لكن علامات الاستنكار لا تتوقف عند حدود مملكته الصغيرة، بل تمتد إلى علاقاته الخارجية كذلك، فرغم إقامته لعلاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية مع الكيان الصهيوني، حول الرجل بلاده إلى منتجع سياسي لفصائل المقاومة الفلسطينية ورموزها. واستضافت جزيرته الصغيرة قادة الكيان الصهيوني لتعلن إنتهاء المقاطعة العربية للوجوه الكالحة. كما استطاعت قطر أن توطد علاقاتها الدافئة مع أمريكا عن طريق تحويل قاعدة العديد إلى قلعة عسكرية دائمة للأحذية الأمريكية البغيضة.
لكن أخطر الأدوار التي لعبها أمير قطر على الساحة الإقليمية دوره غير المنكور في إسقاط الأنظمة العربية الشمولية ومساهماته الإعلامية والمادية في تحويل الفصول العربية إلى ربيع دائم. وقد دشنت قطر تلك المساعي بمنتدى المستقبل الذي أقيم في الدوحة في فبراير من عام 2006 والذي ضم عددا من الوجوه الأمريكية البارزة، وشهد انسحاب الوفد السعودي في أولى جلساته اعتراضا على أهداف المؤتمر التي تسعى إلى تقسيم العالم العربي على حد قول الدكتور عبد العزيز رئيس الوفد السعودي.
وقد أكد المؤتمرون يومها على أهمية التحول الديمقراطي في المنطقة ودعم المنظمات غير الحكومية في سبيل إسقاط الأنظمة القمعية. كما أكد الحاضرون على أهمية دعم المعارضة في البلاد العربية وتثقيف الشباب العربي. ويومها، كان الرئيس الأمريكي بيل كلينتون حاضرا بقوة هو وابنته لتبادل وجهات النظر حول كيفية إجراء تحول ديمقراطي شامل في المنطقة.
واستطاعت قطر بما لها من مصداقية عند الإسلاميين أن تقيم جسورا للحوار بين الليبراليين في العالم العربي وأمريكا. وعلى إثرها، قامت قطر بإنشاء أكاديمية التغيير لتثقيف الشباب العربي ثوريا. كما استطاعت توظيف علاقاتها القوية مع جماعة الإخوان المسلمين لدعم تلك التحركات. وقد أسهم البنك الإسلامي القطري وعدة قنوات إعلامية مثل الجزيرة والإسلام أونلاين والدليل في تحقيق تلك الأهداف.
وكان الوجود القطري حاضرا في كافة ثورات الربيع العربي، بدءا بالدعم السياسي والمادي والإعلامي كما هو الحال في تونس ومصر، وانتهاء بالدعم العسكري والأممي كما هو الحال في ليبيا واليمن وسوريا. وفي كل الأحوال كانت الجزيرة حاضرة وسط صفوف الثوار لتسجل الحدث حينا وتصنعه أحيانا حتى عم ربيع الفوضى أغلب مناطقنا الثورية.
لكنني حقيقة لا أريد هنا أن أحول قطر إلى عملاق قزمي لأصنع أساطير هلامية حول تاريخ أميرها المشبوه، فقد ساهم في كل هذا الخراب وكل هذه الفوضى غير الخلاقة ظلم الحكام واستبدادهم وقهرهم للشعوب واستيلاؤهم غير المشروع على مقدرات البلاد العربية وخيراتها. بيد أني أقر حقيقة أن قطر لم تعد صغيرة كما نظن، لأنها تمكنت من خلال توسيع شبكة نفوذها من عبر التعاون مع كافة الأنظمة والحركات أن تتحول من نقطة في الخليج إلى دفة فوق سفينة التاريخ تحرك المنطقة يمنة ويسرة أو تعيدها للوراء قرونا. لم تصنع قطر أقراص الطعمية، لكنها صنعت شرق أوسط ممزق فوق خريطة رمال متحركة. وهي اليوم تشتري بنفوذها المتنامي ما يسقط من تاريخ تنازلنا عنه ذات غفلة وأهملناه ذات ثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.