تحدثت افتتاحية صحيفة "الغارديان" البريطانية، اليوم، عن حكم العائلة المالكة في السعودية، واصفة مملكة آل سعود بأنها مصنوعة من الرمال. وكتبت تقول: "كانت المملكة العربية السعودية، وحتى الآن، واحة من الهدوء في منطقة تعيش اضطرابا، ولكن من دون إصلاحات هامة ومؤثرة، فإن هذا الوضع قد لا يستمر". وقالت الصحيفة إن الاضطرابات التي تجتاح اليوم الشرق الأوسط لا تعتبر أمراً مبالغاً فيه، مضيفة أن الصدع التاريخي بين المسلمين السنة والشيعة أُعيد فتحه مجددا بعد الغزو الأمريكي للعراق، واليوم يمتد هذا الصدع من منطقة من البحر الأبيض المتوسط إلى بحر العرب، حيث تشهد العديد من صراعات الغضب في هذا المجال. ورأت الصحيفة أنه "ليس هناك أي دولة أو أي حدود في مأمن من التغيير العنيف"، مشيرة إلى أن السعودية بقيت إلى الآن في مأمن من هذا التغيير وهي تنعم الآن بواحة من الهدوء: "إلا أن السلام الذي يسود مملكة آل سعود قد يكون وهمياً". وأوردت في افتتاحيتها اليوم أن المملكة تبنت سياسات التأمين من موجات الغضب. وأضافت الصحيفة: "رصدت المملكة العربية السعودية ميزانية ضخمة لبلدها، تقدر بحوالي 219 مليار دولار أمريكي للإنفاق على الرعاية الاجتماعية والبنية التحتية، أي ما يعادل ضعف حجم خطة الإنقاذ الأصلية المقدمة إلى اليونان". وأشارت إلى أن الملك عبد الله سيبلغ 90 هذا العام، وقد عين للتو ابنه، الأمير متعب، وزيراً للحرس الوطني وهي واحدة من سلسلة من التدابير الرامية إلى تمهيد الطريق لخلافته. إلا أن الصحيفة تقول إنه من الحماقة الاعتقاد أنه بذلك تم تجنب الأسوأ. وأوضحت الصحيفة أن علامات التحذير لا تخطئها العين، مضيفة أن اثنين من الناشطين البارزين في مجال حقوق الإنسان حكم عليهم بأحكام قاسية وصلت إلى السجن لمدة 10 سنوات بتهمة "نشر الفتنة وإعطاء معلومات غير دقيقة إلى وسائل الإعلام". ونقلت الصحيفة عن الداعية السعودي المشهور د. سلمان العودة قوله في رسالة قوية إلى حكام البلاد: "هناك دخان وغبار في الأفق، والكل لديه ما يبرره بشأن ما يكمن وراء ذلك، وإذا كانت الأجهزة الأمنية مصرة على إحكام قبضتها على الأمور فإن ذلك سيزيد الأمر سوءاً، وسيزول أي أمل في تحقيق الإصلاح". وأضافت الصحيفة أن مملكة آل سعود أبعد من أن تكون متماسكة، فهناك 20 من أبناء الملك عبد العزيز آل سعود على قيد الحياة ينتظرون دورهم في الخلافة، وهم يتسابقون إليها، لئلا تدركهم الشيخوخة قبل أن يتمكنوا من وراثة التاج. ويعتبر ولي العهد الملك سليمان (77 عاماً) في المرتبة الثانية من تولي هذا العرش، وقد أناب الملك عبد الله في الاجتماع الأخير لمجلس التعاون الخليجي، ولكن مساهمته محدودة، ويعتقد أنه يعاني من الخرف، كما كتبت صحيفة "الغارديان". ولكنَ هذا، كما تقول الافتتاحية، لا يعني بالضرورة أن العرش سينتقل إلى أصغر أبناء عبد العزيز، وهو الأمير مقرن، ذلك أن اثنين من أبناء إخوة مقرن، وهما: متعب ومحمد بن نايف، وزير الداخلية الحالي، يتصارعان من أجل الجائزة (التاج الملكي). وفي هذا السياق، ينقل كاتب الافتتاحية عن الكاردينال ريشيليو (رجل دولة ورجل دين ونبيل فرنسي في عهد الملك لويس الثالث عشر) عبارته المشهورة: "لا دسيسة (مكيدة أو مؤامرة) قصر كاملة دون قوة وراء العرش: الأمير غير المتوج". وتقول الصحيفة إن الذي لعب هذا الدور هو خالد التويجري، رئيس الديوان الملكي والسكرتير الخاص للملك عبدالله، وهو حارس بوابة الملك، كما وصفته الافتتاحية. وتقول إن رئيس الديوان الملكي، خالد التويجري، أحضر الأمير بندر بن سلطان مرة أخرى بعد فترة طويلة من الغياب ليصبح الرئيس الأقوى لجهاز المخابرات العامة السعودية. وتضيف أن محور التويجري – بندر الرئيسية، جنبا إلى جنب مع ولي عهد دولة الإمارات العربية المتحدة، الأمير محمد بن زايد آل نهيان، كان له دور أساس في التأليب ضد الحكومات التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة. ويرى كاتب افتتاحية "الغارديان"، أن هذا المحور يواجه الآن معارضة من أعضاء آخرين في العائلة المالكة السعودية، وتحديدا من الأمير محمد بن نايف، الذي برز كأحد موازين القوى المهمة في الصراع على الحكم. واختمت الصحيفة بالقول إنه من الضروري أن يسمع صوت الإصلاح في المرحلة الانتقالية المقبلة في السعودية، إذ لا تزال هناك فرصة للتغيير بصورة سلمية، مشيرة أنه في حال تجاهل هذا الصوت، فإن ما حدث في البلاد القريبة لا يستبعد حدوثه هناك.