دعت رئاسة الجمهورية إلى حوار مجتمعي يفترض أنه انطلق الخميس بدعوى مناقشة خارطة الطريق وتحقيق أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو ، والحقيقة أن هذا العنوان محض دجل ، فلا يوجد في خارطة الطريق شيء جديد يحتاج نقاش ، الجديد فقط هو هؤلاء المتآمرون الذين يطرحون التلاعب بما اتفق عليه ويريدون جعل انتخابات الرئاسة أولا قبل انتخابات البرلمان من أجل التمكين من سرقة الدولة وترتيبها في غياب الرقابة الشعبية الحقيقية ، اخطف واجري كما يقولون ، لا يوجد أي بند آخر على طاولة هذا الحوار من أجل مناقشته بخصوص خارطة الطريق . هم يستحون أن يعلنوا ذلك صراحة ، يخشون همس الناس وغمزهم عندما تعلن الرئاسة الدعوة لمناقشة طرح فكرة انتخابات الرئاسة أولا ، هم يعرفون أنها لصوصية وسلوك سياسي مشين ، كما أنهم يعرفون أنها خيانة وغدر ، وأنهم تعهدوا أمام الشعب المصري وأمام المجتمع الدولي أيضا بتطبيق خارطة الطريق المعلنة والحفاظ عليها والالتزام ببنودها وخطواتها ، لكنهم اكتشفوا الآن أن الالتزام بها وإجراء انتخابات البرلمان أولا سيتولد عنه جسد دولة جديدة حقيقية ، سلطة تشريعية وسلطة رقابية وسلطة تشكيل حكومة أيضا ، كل ذلك باستقلال تام وإرادة شعبية حرة وبدون هيمنة أو سيطرة أي "فرعون" جديد ، وبالتالي عندما تأتي انتخابات رئاسة الجمهورية . فهي ستأتي على بنيان دولة ومؤسسات قائمة وليس على فراغ مؤسسي يصول ويجول فيه الفرعون الجديد ، وبالتالي فالانتخابات الرئاسية ستكون كأي بلد ديمقراطي محترم تفرز رئيسا هو جزء من الدولة ، وليس هو الدولة ، ولا يستطيع أن يتلاعب بإرادة الشعب ولا أن يعيد تشكيل هندسة الدولة وهياكلها على مزاجه ، فهناك برلمان بالمرصاد ، يعبر عن الإرادة الشعبية ، ويلزمه بالقواعد والدستور الذي من المفترض أن يمرروه بعد أقل من شهر من الآن ، المتآمرون لا يريدون برلمانا حرا ، يريدون ديكورا يتم هندسته بنفس طريقة مبارك وعصابته وأجهزة أمنه ، نمنح هذه الجبهة كذا مقعد ونهب هذا الحزب كذا مقعد ونمن على هذا الائتلاف بكذا مقعد ، والباقي في جيوبنا رهن الإشارة ، موافقون يا ريس ، وبذلك يتم غلق طريق التغيير الديمقراطي بالضبة والمفتاح ، ويتم إلغاء التداول السلمي للسلطة فعليا انتظارا لثورة ثالثة ، هذه الصورة الكئيبة يفكر بعض الجنرالات والأجهزة السيادية في إعادة انتاجها ، ولا يريدون الاتعاظ ولا التسليم بأن مصر تغيرت ، والشعب تغير. والثورة لن تقبل أن تعود الأمور في البلد إلى الوراء ، والدم الذي سال من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة لن يتسامح أو يتراجع مهما كانت وتيرة القمع أو القتل أو الاستباحة ، وأن كل ما يحصده هؤلاء المتآمرون هو المزيد من الانهيار للدولة والفوضى المجتمعية والخراب الذي لم يسبق له مثيل في مصر ، بالمثل الشعبي : ها يخربوها ويقعدوا على تلها ! . كن شجاعا يا سيادة المستشار عدلي منصور ، وقل للناس أن الدعوة هي للبحث عن مخرج أو "محلل" للتلاعب بخريطة الطريق ، وأن الاجتماع هو لمناقشة بند واحد فقط لا غير ، وهو جعل انتخابات الرئاسة قبل البرلمان ، قل لهم الحقيقة ، وهي أن هناك من يريدون صنع رئيس نصف إله يملك الرئاسة ويملك التشريع ويملك الرقابة ويملك الحكومة ويملك كل الأجهزة لفترة زمنية كافية لهندسة الواقع الجديد ومحو آثار الثورة بالتعاون مع الأجهزة إياها ، وأن هناك من يريدون أن يختطفوا الدولة وأجهزتها ويعيدون ترتيبها وهيكلتها على مقاسات الفرعون الجديد الذي يدفعون به لمواصلة الارتزاق والنهب من ورائه ، قل الحقيقة يا سيادة المستشار وهي أنك تتعرض لضغوط من الجنرالات ومن رجال أعمال فاسدين يخشون سيف العدالة ويملكون فضائيات وصحف لممارسة البلطجة ضد الجميع ويريدون فرض أجندة اللصوص على مسار الوطن ، لا داعي للدجل والحديث الكاذب عن تحقيق أهداف ثورة يناير وثورة 30 يونيو ، فأنتم تدفنون الأولى وتخونون الثانية ، وتغدرون بالجميع ، ولن تمروا .