ما أن تناقش أحدهم إلا ويمطرك باقتباسات من خطاب الرئيس الذي يمجدون كلامه ويتحفهم بإطلالته، وما أن تضعهم أمام الواقع المرير إلا ويقرون بذلك مخيرينا بأنه إذا لم يعجبكم الوضع فأخرجوا من البلاد! يقولون أنه لا يوجد في هذه البلاد رجل مؤهل لقيادة اليمن غير الرئيس علي عبد الله صالح، ومتى ما قال هذا الأخير جملة أو أتخذ قرارا فقد أصاب كبد الحقيقة وعمل ما بوسعه من أجل اليمن يسيرون معه كما البوصلة.
عندما تتجه مباشرة نحو القبلة كان صائبا أو خاطئاً، كان ديمقراطيا أو دكتاتوريا، كان قانونيا أو عبثيا ويبدوا من خلال حواري مع الكثير من المؤتمريين أن البلاد مقبلة على عقبات لا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه وتعالى بسبب تعصبهم مع الحاكم وليس بكونهم يبحثون عن الحقيقة ويهمهم حاضر البلاد ومستقبلها والتي يمكن من خلالها أن نصحح أخطاء جمة ارتكبت وما زالت ترتكب باسمهم وبالنيابة عنهم.
لم أستطع أن أقنع أحداً من المؤتمرين قبل الانتخابات الرئاسية حينما قام الرئيس بتمثيل دور البطل في مسلسل بعنوان "التخلي عن السلطة" وعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية لعام 2006 حينها كان يتفاخر المؤتمريون بأن الرئيس لله صالح أول رئيس عربي يدخل التاريخ من أوسع أبوابة بتنحية عن السلطة سلميا وأنه صادق في ما يقول. وبدء المسلسل الذي ألّفه رجال المخابرات يتضح شيء فشيء، شارك بالتمثيل طلاب المدارس والموظفين ورجال الأمن في حشد واسع يطالب الزعيم بالتراجع عن قراره بعدم الترشح لرئاسة الجمهورية لفترة رئاسية جديدة، وبدأ الرئيس كأنه مجبر على تحمل المسؤولية لترشح ولأخر مرة لفترة زمنية تنتهي في عام 2013 وذلك نزولا عند رغبة الجماهير الذي قيل أن بعضهم هدد حينها بالانتحار إذا لم يعدل الرئيس عن قراره، وذهبت لأسألهم عن تلك المسرحية التاريخية التي كان الهدف منها لعب دور الزعيم التاريخي المجبر على تولي الأمانة العظيمة هل لازال الرئيس صادقاً في عدم رغبته بالسلطة أم أن المسلسل انتهى ليس بموت البطل وإنما بتدمير شاشة العرض الذي يمثل فيها البطل ومعها مات أغلى ما يملك اليمنيون وهما الجمهورية والوحدة.
الأمر عصي عن أن تقنع أحدهم أنك يهمك مصلحة الوطن وأن حل مشاكل اليمن تأتي بالحوار والنزول عند الواقع، فالنسبة لهم يرون أن الجنوبيين ككل يبلغ عدد سكانهم 3 مليون نسمة وهؤلاء مهما بلغ بهم الحال في المطالبة بالانفصال فأنهم لن يستطيعوا مواجهة 20 مليون نسمة على أنهم مستعدين لتضحية بدمائهم من أجل الوحدة، وعندئذ فأن الوحدة ليست في خطر وأن المرتدين على الوحدة كما يقال لهم هم من سيخسرون المعركة بنفس التفكير يريدون حل قضية صعدة بالحرب لا غير، فالحرب عندهم مجرد بروفات وليس دماء تهدر وأرواح تزهق وهم لا يحسون بألم خبر يساق في أحدى الجرائد أو الفضائيات بمقتل عشرة جنود أو عشرين، فالنسبة لهم كما هو الحال عند الرئيس العسكر مجرد عمال بالأجر، وعندما يموت أحدهم يأتون بآخر.
أنا لا أتحدث عن المؤتمرين على الوطن، أولئك الذين يحرضون المؤتمريين على مواجهة المعارضة والتحريض على فتنة واسعة النطاق أنا أتحدث عن المؤتمريين البسطاء الذين لا يعرفون من المؤتمر سوى الرئيس والخيل ولا يكسبون من المؤتمر إلا الجرع والفقر والبطالة، أولئك الذين أوجه الدعوة لهم اليوم بأن اليمن لن يغفر لهم وقوفهم إلى جوار النهابين لخزينة الدولة ولحقوق المواطنين.