المشهد الاول القاهرة ( مصر ) – جمعة الغضب مئات الاشخاص يتظاهرون ليلاً في احدى شوارع القاهرة في جمعة الغضب الثامن والعشرون من شهر يناير. في الخلفية صوتُ لإطلاق نارٍ كثيف واذا بسيارة تأتي بسرعة جنونية وسط المتظاهرين دون اي احساس بالانسانية وبكل الحقد ولا شي غير الحقد والكراهية , تأتي مسرعة بين الحشود لتقتل وتدهس مالايقل عن عشرين شخص. لحظات وتختفي السيارة ولا يبقى سوى جثث ملقاه على جانبي الطريق وحشود تصرخ بشكل هستيري لا تكاد تصدق ما جرى للتو. المشهد الثاني دمنهور ( مصر ) – جمعة الغضب ذاتها في تطابق لمجريات ماحدث في المشهد الاول لولا الاختلاف في نوع العربة ,التوقيت وعدد الضحايا. العربة: سيارة إطفاء, التوقيت: النهار والضحايا: شخصُ واحد لكن الرعب هو هو لم يتغير والصرخات الهستيرية لم تختلف. تأتي سيارة الاطفاء بين الجموع فينفض الناس من حولها ثم تسرع فجأة وتمشي يميناً وشمالاً رغبة في قتل حتى من لم يقف في وجهها وفي لحظة كلمح البصر تدهس رجلاً كان يحاول النأي بنفسه الى اقرب رصيف لكن القدر لم يمهله او ربما حجم سيارة الإطفاء لم يمهله هو الاخر فارداه على قارعة الطريق ممداً يتسابق الناس الى انقاذه بعد ان فرت بالطبع العربة القاتلة.
المشهد الثالث المنامة ( البحرين ) – الثامن عشر من فبراير مجموعة لابأس بها تتظاهر في احدى شوارع المنامة رافعة اعلام البحرين تنادي :سلمية سلمية. فجأة يبدأ اطلاق النار من الجيش حامي البلاد والعباد على المتظاهرين العزل. ترى الدخان في الهواء ممزوجاً مع صرخات الاستغاثة وفجأة كما بدأ يتوقف إطلاق النار ويرى الباقون من الرجال في اماكنهم اخوانهم المصابين بين قتيل وجريح ملقين على الشارع امامهم. تبدأ الصرخات الهستيرية من جديد من هول قتل المواطنين من قبل الجيش بدمٍ بارد.
المشهد الرابع طرابلس ( ليبيا ) – العشرون من فبراير يظهر لنا سيف الاسلام القذافي في مساء يومٍ دامٍ خطف ارواح المئات من ابناء الشعب الليبي على يد كتائب أمن ومرتزقة القذافي الذي يمولهم من مال الشعب لقتل أبناء الشعب, يظهر علينا ببزته الايطالية ليتوجه الى ابناء ليبيا لتهدئة الوضع على الاقل هذا كان اعتقادنا لكنه إبن ابيه فيقلب كل الموازين ويهدد الشعب بحربٍ أهلية. كلام مقيت فعلاً يسمح لكل حاكم مهدَد ان يرسل أبنه ليعلن الحرب على ابناء بلاده اذا ماأرتأوا انهم لم يعودوا يريدونه حاكماً عليهم هذا ان كانوا قد ارادوا ان يحكمهم في يوم من الايام وكأنه مسلط عليهم بحكمٍ إلهي لا يقبل النقاش فإما هو او الحرب الاهلية.
المشهد الخامس جامعة صنعاء ( اليمن ) – الدقائق الاولى ليوم الثالث والعشرين من فبراير إعتصامٌ سلمي في ساحة جامعة صنعاء او ما سماه المعتصمون ساحة التغيير. شباب يحلم بالتغيير بوطن افضل, بحياة اجمل, و حرية لم يذقها في ظل نظامٍ عمرهُ اطول من عمرِ المعتصمين انفسهم. غارةٌ ليلية لمايدعون ب "بلاطجة" النظام المدعومين بالمال والسلاح ليثبتوا وجهه نظرٍ واحدة هي ان التغيير "السلمي" ليس في مصلحة البلاد وانا من ينادون بأسمهِ ويهتفون فداءً له هو رمز الامن والامان والاستقرار, وجهة النظر هذه يوضحونا بسلاحهم الموجه لصدور من حملوا كتبهم وارواحهم في سبيل يمنٍ لا يضطرُ فيه الاخ ان يقتل اخاه مقابل 10 دولارات ! إطلاق نارٍ تجاه ساحة الإعتصام, يركض الشباب ليدافعوا عن انفسهم بإلقاء الحجارة ولسانهم يقول الشهيد في الجنة. يتوقف إطلاق النار والحصيلة قتيلين وعدد من الجرحى.
المشهد الخامس عدن ( اليمن ) – الخامس والعشرون من فبراير شخصُ ملقى على الارض في احد ازقة منطقة المعلا ليلاً, على ما يبدو انه قتيل وليس جريح وفي الخلفية صوت اطلاق نارٍ كثيف وكأنها منطقة حرب. بضعة رجال يحاولون عبثاً سحب الجسد الملقى لكن قوى الامن ليس لديها من الانسانية ما يكفي للسماح بسحب جثة هذا الرجل الذي قتل من اجل مستقبل افضل لأبنائه ولي ولك ايها القارئ اينما كنت وحتى لرجل الامن قاتله. ينتظر الرجال حتى يتوقف اطلاق النار فيسحبان الجثة وسط صرخات الرجال وصرخات النساء التي تسمع من وراء النوافذ المغلقة.
المشهد السادس على شاشة الجزيرة إمرأة مسنة ليبية في احدى مقاطع الجزيرة عن ثورة ليبيا, تدعو وتقول : الله يصبرهم وينسيهم. ثنائية الصبر والنسيان في كلام المرأة المسنة التي من الواضح انها اكبر من عمر حكم القذافي ومن القذافي نفسه جعلتني اتسأل عما اذا سيأتي يومٌ علينا وننسى كل مارأيناه على مر الايام الماضية التي سطرت ومازالت تكتب فصلاً جديداُ في تاريخ العرب. للأسف لن ننسى هذا العنف الموجه ضد شعوب تطالب بأبسط حقوقها الأنسانية ومن حسن حظنا اننا لن ننسى. لأن كل ماحدث ومازال يحدث هو وقودٌ لكل ثائرٍ عربيٍ حر. ولعل عدم النسيان سيساعدنا على عدم السماح بتكرار هذه المشاهد وغيرها من الاحداث المروعة والمجحفة التي تجرع العربي مرارتها على مر عقود من الخوف والذل. نحن جيل الثورة لن ننسى ان حريتنا تتعمد بدماء الشهداء الاحرار وسندين لهم بمستقبلنا فحسبهم انهم عبَّدوا لنا طريق انتزاع الحرية بعد ان كان الحلم بها محرماُ. المجد للشهداء
المشهد ما قبل الأول سيدي بوزيد ( تونس ) – السابع عشر من ديسمبر 2010 شاب يضرم الثورة في كل جسدٍ عربي عندما اضرم النار في نفسه بعد ان رفضت بلدية المدينة اعادة عربتة المصادرة لبيع الخضار التي يعمل بها بعد ان سُدت في وجهه سبل الحياة ولم يجد مهنة يسترزق منها سوى بيع الخضار. ولم تكتفِ موظفة البلدية برفض طلبه وطرده لابل قامت بصفعة وقالت له "إرحل" ولم تعرف انها ستصبح لاحقاً شعاراً لكل الشعوب العربية. المجد لك يا بوعزيزي يا سيد الشهداء