طلبت شركتا "ليبيانا" و"المدار" للهواتف الخلوية في ليبيا من المشتركين المنتفعين بخدماتها مسح قنوات فضائية معينة من جهاز الاستقبال بأجهزتهم المرئية بدعوى أن هذه القنوات "تستهدف أمن ليبيا". وأوضحت الشركتان -في رسالة قصيرة بعثت بها الشركتان لعدد كبير من مشتركيهما داخل البلاد- أن هذه القنوات هي الجزيرة والحرة والعربية و"بي بي سي" و"سي إن إن".
رصيد مجاني وقدّمت الشركتان ميزة لمن يقوم بإرسال هذه الرسالة القصيرة إلى عشرة أشخاص بأنه سيمنح من خلال خدمة الدفع المسبق بالشركتين رصيدا مجانيا لاتصالاته يبلغ 50 دينارا (40 دولارا أميركيا).
يشار إلى أن شركتي المدار وليبيانا هما الوحيدتان في ليبيا اللتان تقدمان خدماتهما للمواطن الليبي، ويترأس مجلس إدارتيهما "محمد معمر القذافي" النجل الأكبر للعقيد القذافي، وهو في الوقت نفسه يتولى بشكل كامل إدارة قطاع الاتصالات في ليبيا.
وفي سياق آخر أعلنت اللجنة الشعبية العامة "الحكومة" في ليبيا وعن طريق رسالة قصيرة بعثت بها إلى مشتركي الشبكتين بأن عملية صرف 500 دينار (400 دولار) لكل رب عائلة ستكون مستمرة طيلة هذه الأيام حتى الساعة الثامنة مساء.
وطلبت الحكومة الليبية من المواطنين الليبيين في هذه الرسالة عدم التجمع أمام المصارف والازدحام عند أبوابها لتسهيل ما قالت إنه "عملية صرف هذا المبلغ". منح مالية وكانت الحكومة الليبية قد أعلنت في الأيام الماضية -وعقب اندلاع المواجهات بين ثوار 17 فبراير والكتائب الأمنية للقذافي وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى- أنها ستقوم بمنح كل رب عائلة ليبي مبلغا شهريا قيمته 500 دينار يضاف إلى مرتبه.
وقد عد الكثير من المراقبين هذه الخطوة محاولة لرشوة الثوار وشراء لذممهم، وهو الشيء الذي لم يعهده المواطن الليبي من حكومته في سنوات سابقة ارتفعت فيها وتيرة المطالبة بزيادة الأجور دون أن تعبأ الحكومة لذلك.
إعلام موجه وفي سياق متصل يقوم التلفزيون الليبي الرسمي بجميع قنواته بشن حملة إعلامية متواصلة على بعض القنوات الفضائية منها قناة الجزيرة الفضائية، حيث تتمثل هذه الحملة في استطلاعات للرأي بين أوساط المواطنين الليبيين في العاصمة طرابلس ممن يقومون بسب هذه القنوات وشتمها بشكل وصفه مراقبون بأنه "مستفز وغير مهني".
من جانبها تخصص قناة الشبابية الفضائية جزءا كبيرا من برنامجها العام هذه الأيام لبث دروس مسموعة لبعض أبرز مشايخ التيار السلفي في المملكة العربية السعودية ممن يصدرون الفتاوى الشرعية المحرمة للخروج في المظاهرات والاعتصامات التي تشهدها ليبيا وبعض الدول العربية الأخرى.
كما تبث قناة الهداية الليبية وبشكل متواصل حلقات مرئية يظهر فيها مجموعة من مشايخ التيار السلفي في ليبيا يقومون طيلة مدة هذه الحلقات بنهي المتظاهرين عن الخروج للاعتصامات ويطلبون منهم العودة إلى بيوتهم والبقاء فيها. تنظيم القاعدة ويصف هؤلاء المشايخ المظاهرات التي تشهدها المدن الليبية بأنها "فتنة كبرى تجتاح البلاد الليبية ويقوم بتمويلها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي".
أما قناة الليبية المملوكة لنجل القذافي الآخر سيف الإسلام فقد عادت للبث فجأة بعد تأميمها في العام 2009 من قبل القذافي ثم إلغائها بشكل كامل، وتسميتها باسم "قناة الجماهيرية الثانية" وهي تسلط الأضواء هذه الأيام على ما تقول إنها مظاهرات تأييد للقذافي، وتبث برنامجا مباشرا يوميا تتجاوز مدته الساعة تقدمه الإعلامية الليبية "هالة المصراتي".
وتتمثل فكرة هذا البرنامج الذي عنوانه "ليبيا هذا اليوم" في السب العلني والصريح للمعارضين الليبيين في الداخل والخارج، حيث أكدت مصادر موثوقة للجزيرة نت ارتباط المصراتي بضباط بارزين في جهاز الاستخبارات الليبي الذي يرأسه عبد الله السنوسي.
وتركز المصراتي في هذه الحلقات على ما تقول إنه "فضح كافة المعارضين الليبيين" حيث تعرض لهجومها عدد كبير من الإعلاميين الليبيين الموجودين في الداخل إضافة إلى انتقادها العلني لثوار 17 فبراير ووصفهم ب"المجانين واليهود"، وحذرتهم في الوقت نفسه بأنهم إذا استمروا في المظاهرات والاعتصامات فسيحرمون من النفط والغاز والمرتبات.
كما تشدد المصراتي في هجومها على وزيري العدل والأمن العام المستقيلين مصطفى عبد الجليل وعبد الفتاح يونس وكبار المسؤولين والضباط الليبيين الذين أعلنوا في بيانات عدة تأييدهم للثوار في ليبيا وانضمامهم إلى الثورة واتهمتهم بالاشتراك فيما وصفته بأنه "فتنة ومؤامرة كبرى تستهدف ليبيا من جهات خارجية".
دعوة للتدخل وحسب الخطاب الإعلامي الذي تعتمده المصراتي أثناء تقديمها هذا البرنامج فإن المتظاهرين الليبيين هم مجموعة من "الكلاب والجرذان والعصابات المسلحة ومتعاطي حبوب الهلوسة والمخدرات"، ودعت شيوخ القبائل وعقلاءها في ليبيا إلى سرعة التدخل لكبح جماح أبنائهم ووقف التظاهرات والاعتصامات، حسب قولها.
وفي سياق متصل تقوم هذه القنوات جميعها وخلال ساعات إرسالها ال24 ببث مظاهرات تأييد للقذافي في الساحة الخضراء وبعض المناطق في مدينة طرابلس فقط، وهي مظاهرات يظهر فيها عدد المشاركين قليلا جدا مقارنة بالمظاهرات المناهضة للقذافي في عدد كبير من المدن الليبية.
يشار إلى أن هذه القنوات الفضائية الليبية تنضوي جميعها في ليبيا تحت مسمى "الهيئة العامة لإذاعات الجماهيرية العظمى"، ويتولى إدارة هذه الهيئة العقيد علي الكيلاني القذافي، وهو من المقربين من العقيد القذافي وأحد أبرز ضباط معسكر باب العزيزية.