ما من أحد في هذا العالم وبخاصة في هذا البلد ( اليمن ) لا يعلم بهذه القصة من خلال التلفاز أو حتى القصص المكتوبة التي حكت عن فردة حذاء بلوري حيرت حاشية الملك والأمير الذي وقع في حب الفتاة صاحبة الحذاء البلوري ( سندريلا ) ، والذين كانوا يبحثون عن صاحبة هذا القدم التي تناسب هذه الفردة ، وحين وجدت هذه الفتاة كانت النهاية سعيدة للحاكم والأمير والأسرة الحاكمة . تتكرر هذه القصة ولكن بشكل مختلف نسبيا حيث هذه المرة يوجد كرسي الحكم الذي لم يعد يناسب أحدا من الشعب بكافة شرائحه غير هذا الحاكم وأسرته ، والمشكلة لا تكمن في الحاكم فقط ولكن أيضا في الشعب اليمني المسكين الذي تأثر بقصة سندريلا وترسخ فيه إيمان عميق بأن هذا الكرسي لا يمكن أن يناسب أحدا في هذا الوطن المليئ بالكفاءات والخبرات والعقول النيرة التي يمكنها رسم مستقبل أفضل بكثير ويحمل الخير الكثير للوطن والشعب ، وأصبح هذا المعتقد جزء لا يتجزأ من تاريخ هذا الشعب المسكين وثقافته وتفكيره ، ونسي تماما قول الله عز وجل ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) وهو التغيير والإيمان به والكفاح السلمي من أجل تحقيقه ، وأصبحوا يعتقدون أن كل من يفكر بالتغيير هو عدو لهم وأن السلطة مفصلة تماما ( بالمسطرة ) على هذا الحاكم، متناسين تماما الحرمان والكبت والظلم والغبن والتسلط والفقر والتخلف وعدم الوعي بأبسط الحقوق الغائبة عن الشارع اليمني وأنها فقط محصورة على الأسرة الحاكمة ومن والاهم ونافقهم من الحاشية الذين باعوا ضمائرهم وفضلوا الاستفادة من الحاكم وأسرته مهما يكن الأمر ومهما كانت الوسيلة . وقد عانى هذا الشعب المسكين كل هذه الظروف وطوال ثلاثة عقود طويلة صادر فيها هذا النظام الفاسد جميع ثروات البلد لصالح الأسرة التي تمتد إلى الأعمام وأبنائهم والأخوة وأبنائهم والأخوال وأبنائهم والأنساب وكل من تمتد إليه شجرة العائلة حتى أنه كل من اقترب من شجرة النسب هذه يصبح له الحق في نهب ثروات البلد بطرق مختلفة بعضها بتوجيهات مباشرة لشراء مواد بملايين الدولارات للجيش وبأغلى الأسعار أو عن طريق مناقصات يتم الغش فيها لإرسائها على هذا التاجر المزعوم المقرب من الأسرة الحاكمة أو عن طريق تهريب النفط والمتاجرة به ، نهب الأراضي و بسط النفوذ على ممتلكات الغير ، منع الشركات الأجنبية من الاستثمار في هذا البلد المليئ بالثروات الغنية إلا إذا قبلت هذه الشركات بنظام التشارك ( المال من قبل الشركة والحماية من قبل الشركة المزعومة للمالك من الأسرة الحاكمة أو الحاشية ويحمونهم من ماذا ؟ لا ندري .. المهم تفويت الفرص على هذا البلد وهذا الشعب المسكين . وهناك طرق كثيرة يصعب حصرها ولا يتسع المقام لنا لذكرها ، ولكن المهم أن هذه الأسرة قد بنت لنفسها الشركات والممتلكات والنفوذ ما جعلها شجرة تمتد جذورها بشكل مخيف بالنتيجة جعل الناس يعتقدون أن زوال هذا النظام من المستحيل ، وهذا غير صحيح البتة ، والدليل ترون الحاكم هذه الأيام يخطب في الحشود المغرر بها بالنقود المدفوعة لهم وليس من دافع غير المال يأتي بهم إلى هذه المؤتمرات الميئوس منها والتي تكرر نفس الأكاذيب والتي ينفق عليها النظام مليارات الريالات والتي يمكن الاستفادة بها لعمل مشاريع تنفع الشعب وليس شراء النفوس الضعيفة والمحتاجة لحشد الحشود أمام القنوات لإثبات أن هناك من يؤيد الحاكم و هو بنفسه يلعن هذه الحشود وكأني به يقول " والله لولا الفلوس ما شفت منكم واحد حضر ومجرد ما ينتهي المؤتمر حتى تذهبوا في سبيلكم متمنين زوالي " ،و أيضا ترونه يتلعثم في خطبه يتفوه بكلام غير مترابط مع بعضه وأفكاره غير منسقة أو مرتبة ، كثير الارتباك وألفاظه دون مستوى اللياقة الذي يجب أن يتحلى به الحاكم ، غير صادق فيما يقول ، شفتيه متيبسة من الكذب ومن ضياع الكلمات التي يحتاجها لنيل ثقة الشعب ، يخاف من نظرات الشعب له والتي يعلوها الملل واليأس وخيبة الأمل ، وهذا كله بسبب أن النظام بدأ بالفعل يلفظ أنفاسه الأخيرة و يتهاوى تحت وطأة (( ثورة شباب التغيير والحرية)) الذين سيقتلعون بتصميمهم وإرادتهم الحرة الشجرة الحاكمة من جذورها ليتم زرع نظام لن يكون همه إلا توطيد دعائم حكم سوي عادل سيحكم وفق مطالب الشعب وقابل للتغيير من وقت لآخر كي يحافظ على نظافته وقوته بعيدا عن عفن التأبيد والتوريث البغيضين . ومن الجدير بالقول ، وبعيدا كل البعد عن دائرة الحزبية والمعارضة والقبلية والتعصب ، فإنه يوجد في هذا البلد الطيب من يستطيع تولي دفة الحكم وزمام الأمور ويعمل على تشييد نظام عادل يعني بالشعب ولا شيئ غير الشعب ومصالحه ورقيه وتقدمه ، ويجتث جذور الفساد و الفقر والمرض من المجتمعات اليمنية ، ويقوم بتوزيع الثروات ( النفط ، والغاز ، والثروة السمكية والحيوانية ، والثروات المعدنية والسياحة ، ... الخ ) بالتساوي بين أفراد الشعب من خلال توفير الوظائف والقضاء على البطالة وتوفير الحقوق ( التعليم ، التأمين الصحي والاجتماعي ، الراتب المجزي وليس المخزي الذي تمن به الحكومة الفاسدة على الموظفين والذين يضطرون لكسب المال من مصادر أخرى غير مشروعة لتغطية نفقات عيشهم وتعليمهم ) ، وكذلك إقامة مشاريع استثمارية مساهمة تناسب جميع شرائح المجتمع والتي يعود ريعها على كافة الشعب ليعيش عيشة كريمة دون اللجوء إلى المصادر الغير مشروعة ( الرشوة ، الربا ، السرقة و غيرها ) ، وسيكون من الأهداف الرئيسية للنظام الجديد إصلاح القضاء و تقويم التعليم و تأسيس جهاز أمني ودفاعي لخدمة وحماية ممتلكات الشعب وليس كما هو الآن يقتل الشعب وينهب ممتلكاته وبأوامر مباشرة من النظام الفاسد الذي دأب على إدارته الأسرة الحاكمة ( الحرس الجمهوري والأمن المركزي و الأمن القومي ) ونحن نرى بأعيننا ما يجري في الساحة من قتل بوحشية واستخدام أبشع الطرق لقمع ثورة الشباب السلمية ثورة التغيير رغم وعود الحاكم في جميع خطبه الذي يضحك ويسخر بها على الشعب اليمني بأنه سيحمي الشباب ويحافظ عليهم والحقيقة غير ذلك تماما وترونها بأعينكم . وأخيرا وليس آخرا ، لو أن كل فرد من أفراد الشعب يفهم حقيقة التغيير وما تحتويه من خير عظيم ويؤمن بها ويكافح من أجلها وبالطرق السلمية التي تجنب بلادنا من التخريب للبلد الذي هو بلدنا وسفك دماء اليمنيين الذين هم نحن أو إخوتنا ، وندعو الله أن يهيئ لهذا البلد الخير الذي يكمن في وحدة أرضه وشعبه ، وهذا كله خير لنا من الإيمان بمبدأ ( سندريلا وفردة الحذاء البلوري ) أو ما يقابله في وضعنا الراهن ( عليندريلا و كرسي الحكم ) الذي أبقانا وسيبقينا في غياهيب الظلم و الظلام عقودا متوالية ولن نرى النور أبدا إلا إذا تغيرنا إلى الأفضل ، وصدق الله العظيم حيث قال ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) . تحية إجلال وتقدير لشهداء ثورة الشباب أينما كانوا في هذا البلد ، و لجرحاهم ولكافة المعتصمين بكل ساحة وبكل مدينة والنصر للحق و للمستضعفين والله أكبر ..