لم يترك نظام صالح الفاسد شيء حرمه الله إلا فعله. لقد ارتكب جرائم حرمتها كل الأديان السماوية والدساتير الدنيوية، ومارس كل أنواع الترهيب والتعذيب وإثارة الفزع وزرع الخوف بين أبناء الشعب بما فيهم الأطفال والنساء وكبار السن، وقتل المرضى والمعاقين، ناهيك عن القتل المستمر حتى هذه اللحظة والمتعمد الذي يستهدف كل أحرار اليمن. ورغم ذلك إلا أن الشعب ما يزال صامداً ومسالماً وثائراً ومتمسكاً بمطلب الحرية التي خرج من أجلها إلى ساحات اليمن وميادينها منذ خمسة أشهر دون كلل أو ملل. وحينما فشل هذا النظام الفاسد في إخماد الثورة، اتجه – إلى جانب وسائل القتل – لطرق أخرى ربما لم تخطر على بال إبليس لشدة قسوتها وجبروتها، وتتمثل في محاولة تجويع الشعب وإذلاله، فقطع كل وسائل الطاقة التي تحتاجها المستشفيات وكل المرافق الحكومية، والتي تقوض الحياة العامة للمواطنين، فلا كهرباء ولا غاز ولا بترول، وأدى ذلك لوفاة عديد مرضى، وتعفنت الجثث في ثلاجات المستشفيات. وما يزال الشعب يعاني كثيراً في الحصول على مشتقات النفط لتسيير أمور حياته البسيطة، ووصل الحد بالبعض إلى أن يتقاتلون فيما يبنهم بسبب الحصول على اليسير من مادة الديزل أو البترول، وهذا هو ما يسعى إليه النظام: زرع الفرقة والفتنة بين الناس، ومحاولة تركيع الشعب. ومع ذلك ما يزال الشعب صامداً ومسالماً وثائراً ومتمسكاً بحريته. والآن، عاد النظام إلى اسلوبه القديم الجديد والذي كان سبباً في بقائه على هرم السلطة حتى اليوم، إنها الفتنة التي يحاول زرعها في أوساط الشعب؛ فقبل اندلاع شرارة الثورة ظل النظام يستخدم قاعدة "فرق تسد" بحيث لا يجعل الأخ يحب أخاه، ولا الجار يراعي جاره، وأبناء العمومة وأبناء القبيلة يكونوا متحدين، وعمل على زرع الفرقة والفتنة بينهم، حتى يظل الجميع في صراع فيما بينهم، ويستفرد هو السلطة ويظل في مأمن من رقابة الشعب، بحيث يسرق ويبيع ويقتل بلا رقيب أو حساب. وللأسف فقد نجح في ذلك طيلة أعوام حكمه الماضية، لدرجة أنه سمح للبعض بالتسلح ودعم أطراف أخرى، حتى تتصارع الأطراف ويتخلص من الجميع، وطالما استخدم النظام أساليب كثيرة في سبيل نشر الفتنة والفرقة بين الناس، مثل الإغواء بالمناصب وشراء الذمم وتقوية طرف على آخر، واستخدم أيضاً أسلوب بالحرب كما حدث مع أهلنا في صعدة. وحينما اندلعت شرارة الثورة، وظهر زيف كل شيء لهذا النظام، تفاجئ وأعوانه في الداخل والخارج بقوة الشعب والتفافه حول ثورته في جميع أنحاء البلاد.. حتى صار لا فرق بين جنوبي أو شمالي، ولا زيدي أو شافعي، ولا فرق بين حوثي أو إصلاحي، أو اشتراكي، أو ناصري أو حراكي. وأصبحت النساء مع الأطفال والرجال داخل وخارج الوطن معاً وصفاً واحداً مع شباب الثورة السلمية خوف أو تراجع أو يأس. لقد تزلزل أركان النظام الفاسد، لدرجة أنه صار يتخذ الإجراءات العشوائية والغير مدروس نتائجها وكله لأجل فرض عقاب جماعي على الشعب. ومع كل هذا ما تزال الثورة صامدة، ويشتد عودها، وتزداد قوتها. وحتى ما حدث في الساحات من اختلافات حاول النظام استخدامها لصالحه بزرع الفتنة، وحينما شعر أن المعارضة أصبحت كلها متحدة ضده، سعى لأن يزرع الفتنة بينها وبين الشباب، وقد نجح في البداية إلى حد ما، ولكن على ما يبدو أنه قد تم تدارك هذا الفخ. ويواصل النظام محاولاته البائسة، في شق عصا الثورة الواحدة، فبدأت أبواقه الإعلامية تمتدح إخواننا الحوثيين، ولعل هذا ما لوحظ من خلال المتحدثين الإعلاميين للنظام وعلى رأسهم عبده الجندي، متناسيين أن النظام هو نفسه من قتل من أبناء صعدة أعداد لا تحصى في الحروب الستة! والآن ما يزال يحاول أن يزرع الفتنة بين اخواننا في الإصلاح واخواننا الحوثيين، ولكن دعوني أقول لهذا النظام على لسان الإصلاح والحوثيين وغيرهما.. هيهات لن تنجحوا .. لن تنجحوا .. لن تنجحوا. بل عليك أيها النظام وأعوانه إدراك حقيقة أن الشعب قد أصبح واعياً أكثر من أي وقت مضى بعدما اكتوى بنيران أفعالك سنوات طويلة، وعليكم الاستسلام للواقع، فقد وصلتم إلى طريق مسدود .. مسدود.