اذا كان الحبابي سيعود لقيادة قناة سبأ ، وباسليم الى الفضائية مجددا وهما من كانا على راس هذه القنوات قبل اندلاع الثورة وفي عهد المخلوع صالح ، اذن فما هي الفائدة التي سنجنيها من الخطاب الاعلامي المرتقب لزمن مابعد الثورة ، فهذه العودة في النهاية لاتعني سوى استخفاف بعقول الناس وتطلعاتهم المنشودة في التغيير والبناء . سيقول البعض ان الثورة لم تنجح بشكل كلي وبالتالي يصعب احداث اي تغيير في المناصب والمواقع الادارية لبعض المؤسسات الاعلامية ، لكن الظلم بعينه يكمن في اعادة انصاف الذين غضبوا منذ تسعة اشهر فقط ، وترك الساخطين الفعليين المطالبين بوطن افضل ، وبخطاب اعلامي ليس له علاقة بالقرف الذي تابعناه على محطات الموالاة خلال اشهر الاحتجاجات والاعتصامات المتواصلة .
وفي قراءة مبدئية للمشهد الحالي ارى كما يرى كثيرون غيري ان شيء لم يتغير في المشهد الوطني برمته ، المؤتمريون الشجعان عادوا من بوابة المعارضة مرتدين بزة وزراء ، والكثير من المؤتمريون الصامتون حافظوا على مواقعهم في الوزارة وفق اتفاق المحاصصة وليس الانقاذ كما يحلو للبعض ان يسميها ، علاوة على وجود مؤتمريون انذال احتفظوا بالقابهم الوزارية ، كما تربع مدراء العموم على كراسيهم ، وعضوا عليها بالنواجذ ، واستيقظ بعض العمداء المطبلين لفترة حكم صالح من صباح الصبح كي يلحقوا باعمالهم ، كما هو حال العميد العجل في كلية الاعلام وهو النموذج الاسوأ الذي يمكن ان يضرب به المثل .
هكذا ذهبوا في اليوم التالي الى اعمالهم بكل وقاحة وجرأة ، وكأن شيئا لم يحدث في البلد ، وكأن دماء الابرياء لم تسيل على الطرقات بفعل تحريض التافهين وجوقات المطبلين ومن سار على دربهم ، من الاوباش الذين استماتوا في غيهم ورفضوا ولو للحظة التاكيد على حق ابناء اليمن في تغيير واقعهم البائس والمؤسف والانطلاق الى رحاب حياة كريمة .
يتشابه هذا الواقع مع مختلف مؤسسات البلد ، لكن حديثي عن الاعلام يأخذ اولوية باعتبار هذا المجال هو المحرك الفعلي ، لكل هذا الضجيج والموت والقهر الذي عايشناه ولانزال منذ قرر شبابنا الخروج الى الشارع بصدور عارية لاتخشى الموت او تهابه .
استخف الخطاب الاعلامي بعقول الناس وحرض على استمرار دوامة العنف مقابل حفنة من الريالات ، ولايزال هذا الاعلام الذي يمول من اموال الشعب يؤدي هذا الدور البشع ، والقبيح ، وكنا نتوقع من وزير الاعلام المؤتمري الشجاع اتخاذ قرارات اكثر جرأة من اعادة الموقوفين الى اعمالهم ، او المستقيلين الى مناصبهم ، فالمطلوب فعلا تعيين وجوه جديدة من الاعلاميين الأنقياء الذين رفضوا المشاركة في اعمال القتل الممنهج لمباديء الثورة السلمية وكان لهم مواقف رجولية يشار اليها بالبنان منذ الوهلة الاولى للثورة .
على وزير الاعلام العمل بجد على تطهير المؤسسة الاعلامية في اليمن من انصاف الشخصيات وانصاف الرجال ، وان يلتفت لدور هذا الجهاز الحيوي ، الذي مثل وللأسف آلة مبكرة للغدر والطعن ضد تطلعات الشعب اليمني وآماله النقية والطاهرة في رؤية يمن نظيف خالي من اوكار الفساد وعشاق الفوضى ، وهذا الامر مقرون بالاعتماد على الشخصيات الكفؤة والمقتدرة وليس فقط الاكتفاء باعادة من ذرفوا الدموع الى مواقعهم كجزء من مهمة اعادة الاوضاع الى ماكانت عليه سابقا . مانأمله هو تفعيل دور الرقابة على كافة القرارات المستقبلية لان الشعب صار يدرك جيدا دور كل شخص من خلال هذا العام الذي كان قاسيا على كل اليمنيين وفيه ظهرت معادن الناس المخلصين الصادقين الذين يفكرون باليمن ولاشيء سواه ، والمنتفعين الانتهازيين الذين يجيدون الوصول لمناصب جديدة و الحفاظ على مراكزهم السابقة ولو من بوابة الانتماء للثورة !