(1) هو التاريخ يكتب نفسه في اليمن اليوم، شاءت الاقدار ان يكون عبد ربة منصور هادي هو رجل المرحلة الاصعب والأكثر تعقيداً في التاريخ اليمني الحديث منذ ثورة سبتمبر على الاقل وحتى اليوم، الرجل الصامت لفترة طويلة دامت عقدين من الزمن نتيجة سياسة الاقصاء والتعامل باستعلائية وبوليتارية بغيضة من قبل صانعي القرار في صنعاء اثمرت هذه السياسة بان أتت ثورة الشباب السلمية لتتجه نحو تصعيد الرجل رئيسا ليمن بلا صالح، هو احد رجال حرب صيف 94 واحد أجنحة التيار المعتدل إبّان حكم الحزب الاشتراكي اليمني جنوب اليمن في الثمانينات، يحظى عبدربه منصور هادي بقبول كافة الاطراف خصوصا ان الرجل لم يلوث يده بالفساد السياسي والاخلاقي خلال فترة حكم صالح، بل ظل محترماً لذاته على الاقل صامتاً، مرت الثورة اليمنية بمراحل صعوداً وهبوطاً لتصل الى مرفأ الحل السياسي الذي سيلبي بالضرورة مطالب التغيير إذا لم يحصل اي فعل يعترض هذا الطريق ولعل دخول المجتمع الدولي كطرف ضامن لهذه العملية يعطي الناس الثقة على الاقل الامان من مخالب الملك الطريد وغولته خلال الفترة الانتقالية، لم يكون خروج صالح جميلا بالنسبة لنا نحن كشباب ثورة لأننا كنا نريد انتزاع الملك دون مساومة او تفاوض لكن موازين القوى البراجماتية على ارض الواقع جعلت الكثير من الشباب يعيد النظر في طرح كهذا، لكن المهمة ستنجز دون خرط القتاد لوجود طرف ثالث هو الاقوى في المرحلة القادمة وهم الشباب بمختلف اطيافهم المتحزبون او المستقلون..
(2) انتخابات 21 فبراير ليست عملية ديمقراطية بمعناها الفلسفي العام لكنها عملية قيصرية توافقية لانهاء حكم استبدادي طال أمده ل33 عاما، كلما زادت نسبة المشاركة فيها زادت قوى الرئيس هادي، الاموال أتت بدعم خارجي لانجاح هذه العملية ليست ترفاً بيزنطيا بقدر ماهي ضرورة لانجاح التغيير نعم هو مرشح واحد والنتائج محددة لكن المشاركة هي بمثابة الثأر الاجتماعي من صالح وغولته.. تزمين التغيير وتقنينه هو من ظواهر مدنية الدولة قد يكون عبد ربة منصور بوتين اليمن الجديد ليصلح ما افسدة خورباتشوف الصالح، لن نفرط في التفاؤل لكن منصور إذا اراد التاريخ عليه ببوتين ليكن حصان طروادة الاخر الذي ينجز بقية احلام الشباب الملك يُنزع ولايوهب بسلاسة لذلك المشوار طويل، لذلك ستكون المرحلة الانتقالية بمثابة محطة تزود وقود الدولة القادمة، تحديات بناء الدولة المدنية في اليمن تحديات لانهائية وصعبة لغياب وجود الدولة خصوصا في المناطق الشمالية للوطن اليمني، لكن بداية هذه الدولة سيكون بإيجاد دولة كاملة السيادة على التراب اليمني تفرض الابجديات الاولية للدولة وتحفظ التنوع السياسي لمكوناتها لتهيئة بناء مجتمع رائد يسوده الحكم الرشيد، أطراف المعادلة التغييرية في اليمن مسئوليتهم جمعية توافقية كان نتاجها صعود مرشح الرئاسة التوافقي لسدة الحكم في 21 فبراير الجاري، سيكون عبدربه منصور هادي مطالباً بتلبية الحد الادنى لكل الاطياف اليمنية من شباب ثورة، احزاب، تكوينات اخرى، وتتمثل هذه المطالب في إرساء ابجديات بناء الدولة الراعية..
(3) قرر اليمنيون ان يبيعوا الماضي ويشترون مستقبل لجيلهم القادم يوم 21 فبراير حفاظا على بقاء هيكل الدولة مع ان التنازل كان مراً ان تمنح قاتلاً حصانة تتنافى مع كل القوانين الانسانية السماوية منها والوضعية، لكن بناء المستقبل يتطلب طي صفحة كانت سوداء والنظر بعين النحلة نحو افاق بناء دولة افلاطون الفاضلة، المشاركة في انتخابات 21 فبراير التي تمثل اول لبنات بناء الدولة هو احد اهم ما قدمته فلسفة الثورة لنا خلال عام كامل حيث كان الفعل الثوري متواصلاً لسنة بلاكلل فكيف إذا تك تتويجه بالزحف على صناديق الاقتراع لمواجهة ماتبقى من قوى العائلة المتغلغلة في كل مفاصل الدولة اليمنية، بناء ديمقراطية حقيقية كنظام حياة يتم تجسيده كممارسة وسلوك اجتماعي هذا من تحديات بناء الدولة المدنية القادمة. لكن اليوم نحن نمر في مرحلة الثورة اليمنية الى أين؟ بالطبع مشروع الدولة هو الاتي والدولة اليمنية تتطلب وعي سياسي مجتمعي مؤمن بقيم هذه الدولة، النموذج اليمني جديداً وجميلاً لانة حافظ على التركيب البنيوي للمجتمع ولم يتمزق النسيج الاجتماعي كما كان يريد صالح وعائلته، كم يحدونا الامل الفسيح أن نرى يمن مابعد 21 فبراير يسوده احترام يمنية اليمني ويكرم فيه العلم والانسان.