لازالَ “يومَ الأرضِ” منارةً هادية في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني ذلكَ لأنهُ مثلَ إعلاناً عالمياً واسعَ النطاق قال فيه الفلسطينيون كلمتهم و أعلنوا تمسكهم بالأرضِ و التاريخِ والهوية و حقهم الكامل و المشروع في دفاعهم عن وجودهم رغم كل المحاولات الإرهابية التي يمارسها العدو الصهيوني سعياً وراء الغاء الهوية الفلسطينية و رغمَ كل عمليات القمع و التنكيل و الهدم و التهويد و التهجير عن الوطن. فليس بخافٍ على أحد أن الأرض الفلسطينية هي الركيزة الأولى لإنجاح المشروع الصهيوني كما تحدثت بهذا أدبيات الصهيونية الصادرة عن المؤتمر الصهيوني في بال سويسرا 1897م. فمن أين جاءت تسمية يوم الأرض و كيف كانت بدايته ؟ ذكرى يوم الأرض الخالد،كان محصلة كفاح وطني متواصل بدأت تداعياته في 75-1976 بعد أن قامت السّلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة مطلقة، وهو ما أدى الى إعلان فلسطينيي الداخل لإضراب عام في يوم الثلاثين من آذار, كما شارك في انتفاضة يوم الأرض الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967، ليشكل بذلك حدثاً فلسطينياً وطنياً جامعاً ، ورمزاً لوحدة هذا الشعب ولحمته وتمسكه بأرض آبائه. تحرك فلسطينيو الجليل، بعد أن أدركوا هدف القرار ففي 29/7/1975 عُقد اجتماع للتشاور في حيفا، حضره عدد من المبادرين لحملة الاحتجاج على مصادرة الأراضي، وقد ضم هذا الاجتماع عدداً من رؤساء المجالس المحلية، ومحامين، وأطباء، ومثقفين وصحفيين، وأصحاب أرض وتقرر في هذا الاجتماع، تأليف لجنة للدفاع عن الأرض سُميت باللجنة القُطرية للدفاع عن الأراضي. بعد تشكيل هذه اللجنة، دعت إلى اجتماع في الناصرة يوم 15/08/1975، واتخذت عدداً من المقررات، كان من أبرزها: الدعوة لعقد مؤتمر شعبي للمطالبة بوقف المصادرة، وإصدار نداء إلى الرأي العام لحثه على مقاومة المصادرة. ودعت اللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي لاجتماع آخر في الناصرة يوم 06/03/1976 دعت إليه حوالي عشرين رئيساً من رؤساء المجالس المحلية، واتخذ المجتمعون قراراً بإعلان الإضراب العام يوم 30/03/1976 استنكاراً لمصادرة الأراضي. كان تحديد ذلك اليوم ثمرة تصاعد النضال الوطني في الجليل وبلوغه مستوى كبير من التنظيم، فقبل ذلك ومنذ النكبة كانت مقاومة عرب 48 قاصرة على الدفاع “السلبي” بالتمسك بالأرض، والبقاء عليها، والتكافل فيما بينهم، ورفض محاولات التفرقة بين صفوفهم وانتظار الظروف المناسبة للهجوم، وإعداد الجيل الجديد من أبنائهم لتلك اللحظات. كان ليوم الأرض دوره العظيم في حياة عرب 48 و الفلسطينين الحاصلين على الجنسية الاسرائيلية فللمرة الأولى منذ نكبة 48 تنتفض الجماهير ضد قرارات السلطة الاسرائيلية المجحفة , محاولةً تعطيلها بنضالها الشعبي مستمدين قوتهم من وحدتهم. يقوم الفلسطينيون أينما كانوا بالإحتفاء بهذة الذكرى و إحيائها سنوياً , في الضفة الغربية و غزة و القدس الشرقية و مخيمات اللاجئين و فلسطينيي الشتات في كل بقاع الأرض هي ذا تعود علينا هذه الذكرى الخالدة والشعوب العربية لازالت متمسكة بالدفاع عن حقها المسلوب , محاولةً تحقيق أهداف ثوراتها إلى نهايتها وتحرير فلسطين كل فلسطين , والتي رفعت في أبرز شعاراتها أنها تطالب بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وأنه لا خلاص لها إلا بطرد أذنابه من الدول العربية كلها حتى تتمكن من استعادة قرارها وتقرير مصيرها دون املاءات الامبريالية العالمية. . و كما نعتقد بخالقنا نؤمن أن قضية فلسطين ليست قضية تاريخ بعينه أو ذكرى يومٍ بعينه و لكنها قضية استمرار و كينوينة و بقاء . و لا تزال الشعوب العربية تقاوم و تحاول تطهير البلاد من المتقاعسين و المتآمرين و العملاء بعد أن أثبتت الأيام مدى انبطاح الأنظمة و تطبيعها السري و المعلن مع عدونا الصهيوني الغاشم.. لازال للحرية نبضها الراقص في شرايين الشعوب العربية و رغبتها الحقيقية في أن تكون لذا بقيت على عهدها رافضة لأي اعتراف بإسرائيل و رافضة أي فكرة تتبنى التطبيع معه مفضلةً رحلة الكفاح الشاق و المرير و الطويل . معركة الأرض لم تنته في الثلاثين من آذار، بل هي مستمرة حتى يومنا هذا، بأشكال نضالية مختلفة وعلى نطاق واسع من المحيط الى الخليج إن نضال الشعوب العربية كلها تواصل لفكرة يوم الأرض بعد أن أحست أنها مغتصبة في قوتها وفي ما تملك من كمشة صغيرة نهبتها وفقرتها..وكيف أن هذا الاحتلال من الطبقات الحاكمة لا يختلف عن الاحتلال الصهيوني للفلسطينيين لأنه في النهاية تسلط من الذي لا يملك على الذي يملك . خاتمة : “يا أيها الذاهبون إلى حبة القمح في مهدها احرثوا جسدي.. أيها الذاهبون إلى صخرة القدس مروا على جسدي.. أيها العابرون علي جسدي لن تمروا.. أنا الأرض في جسدٍ.. لن تمروا.. أنا الأرض في صحوها لن تمروا . “محمود درويش”