نشرت وكالة سبأ للأنباء يوم الجمعة الماضي السادس من شهر نوفمبر الجاري تصريحاً لمصدر مسئول في اللجنة الأمنية العليا، كُرِّس للتشهير باللقاء المشترك من خلال توجيه عدد من التهم إليه، وحمل التصريح في نهايته تهديداً صريحاً باستخدام القوات المسلحة ضد اللقاء المشترك، بما يسيء إلى القوات المسلحة أكثر من أي شيء آخر... في الواقع تصريح المصدر المسئول في اللجنة الأمنية العليا، الذي بثته وكالة الأنباء الرسمية لم يأت بأي جديد، هو نسخة مكررة من عشرات التصريحات المماثلة لمصادر أمنية وغير أمنية، وهو – أي التصريح- اقتباس باهت الدلالة من عشرات الخطابات الرسمية، التي ما برحت تتوالى بمناسبة وبدون مناسبة..
ولا أظن أن أحداً لديه الرغبة في أن يراهن على أن التصريح الجديد للمصدر المسئول في اللجنة الأمنية العليا يحمل جديداً يختلف عن تصريحات سابقة مماثلة، أو أن هذا المصدر قد أضاف شيئاً ما جديداً هذه المرة ينقذ مصداقية الجهات الرسمية في السلطة، التي وصلت إلى حالة مزرية من السوء..
على أن هذا كله لا يحول دون العثور على شيء ما يمكن أن يوصف بالمفيد.. فالمفيد في التصريح الأخير جاء في واحدة من فقرات البيان، يكشف مقدار الاضطراب الذي تقع فيه الجهات الأمنية الرسمية، عندما توكل إليها مهمة الإشارة إلى تنظيم القاعدة في تصريحاتها، فاللجنة الأمنية العليا، التي عبر عنها تصريح المصدر المسئول فيها، ظهرت حاسمة وواثقة من نفسها وهي تلقي بالاتهامات الصارمة ضد اللقاء المشترك، وضد الحوثيين، وضد الحراك الجنوبي، ولكنها عندما ذكرت تنظيم القاعدة بدت مترددة، والتهمة الموجهة نحو القاعدة انطوت على شيء من الاعتذار وربما الطمأنة.. وهنا تبدو الحاجة لإيراد النص المكتوب في التصريح كما نشرته الوكالة الرسمية.. تقول الفقرة:
" وأوضح- أي تصريح المصدر المسئول في اللجنة الأمنية العليا أن تحالف الشيطان بين دعاة الردة والعودة إلى عهود الكهنوت الإمامي ودعاة التفرقة والتمزق، ومن يناصرهم من عناصر الإرهاب في تنظيم القاعدة، ومن يقدمون لهم الدعم والمساندة السياسية والمعنوية والإعلامية وغيرها من أحزاب اللقاء المشترك، ومن يستطيع تحقيق أهدافه للزج بالوطن في أتون الفتنة والفوضى وعدم الاستقرار أو إعاقة جهود البناء والتنمية والتقدم فيه والإضرار بمصالحه ومصالح المواطنين"..انتهت الفقرة..
لا بد أن أعيد إلى الإذهان هنا أن هذه الفقرة هي الوحيدة التي ذكرت نصاً تنظيم القاعدة،وقد خلا بعد ذلك التصريح حتى من مجرد التلميح لتنظيم القاعدة، على أن ما أريد أن ألفت الأنظار إليه هنا، هو أن مضمون الفقرة جاء مختلطاً إلى درجة التوهان، والأهم من ذلك ، أن تنظيم القاعدة في الفقرة نفسها ليس متهماً، وإنما " من يناصرهم من عناصر الإرهاب في تنظيم القاعدة" والمتهم هنا ليس تنظيم القاعدة، وإنما عناصر إرهابية فيه، وتهمتها جاءت باهتة، هي أقرب إلى البراءة بإشارة التصريح إلى " من يناصرهم.."
يبدو أن السلطة تعتز بتحالفها مع تنظيم القاعدة، حتى وهي تحاول إنكار ذلك..