مرت شهرين على إختفاء الصحفي الكبير محمد المقالح ولا أدري لماذا المقالح بالذات ؟ لماذا السقلدي ؟ لماذا فؤاد راشد ؟... أيضاً لماذا الأيام ؟ لماذا المصدر ؟ . ثمة شيء غريب يحدث في يمن الإيمان والحكمة وكأن الحكمة هي سجن الصحفيين وحبس الكلمة وإعتقال الرأي ونفي الحرية . ما الذي تريده القيادة السياسية من الزميل والكاتب والناشط محمد المقالح أتريد منه أن يصعد على منبر الصالح ليقول صارخاً على الجميع أن يقاتل مرة أخرى في الجنوب كما فعلوا في 94م ، أم يتصدر صحيفة الثورة ليعلن عن حرب شعبية ضد الحوثيين ، أم يحتل مرتبه وزير الإعلام ليقل أن هناك مطابخ سيئة وكلام لا ينبغي أن يقال وأن هناك صحفيين يتحدثون عن الحريات والرأي الآخر ويناقشون بموضوعية ويطرحون آرائهم في قضايا تهم المواطن اليمني والعربي وهذا عيب ولا يجوز وخروج عن نطاق الدولة والقانون ومخالف للدستور بل عليه أن يعتبره جرم دستوري حتى يخرج ليرى أهله وأولادة ويعيش معهم أيام العيد ويسمع منهم ويسمعون منه التهاني بدلاً عن التعازي التي تتردد وهو في سجنه أو في مكانه الذي لا نعلمه . ربما كان على المقالح أن يؤلف قصيده مديح في حق القيادة السياسية وهي تصادر الحريات وتمنع الصحف من ا لصدور وتعتقل الصحفيين وتقتل الأبرياء وتنتهك الحريات وتكمم الأفواه و تسوق الدجل والتزييف وتمارس أقسى أنواع التعذيب والقسر والتهكم على الناشطين السياسيين والكتاب الأحرار ، لو رأيت المقالح في مكانه الآن لناشدته أن يقول شيء بحق الآلهة وينقذ نفسه ويفرح أهله وأولاده كما فعل عمار بن ياسر حينما عذبوه ليذكر آلهتهم بخير وذكرته بقول الله تعالى (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) لو رأيت المقالح لقلت له سيدي الفاضل قل شيء بحقهم قل أنهم من يؤسسون لحرية الكلمة ويناظلون من أجل الوحدة قل لهم إنهم هم فعلاً بناة اليمن السعيد وإن كنت لا تدري من هو اليمن ومن هو السعيد مع خالص الاحترام والإجلال للأولى . ما الذي تريده القيادة من المقالح تريده كذاباً ، تريده مزيفاً ، تريده مزوراً ، تريده متهكماً ، تريده عابثاً بالكلمة ، تريده مزمراً أو طبالاً ، تريده بائعاً أمام مقرات الصحف وفي دور النشر يمتدح الخطاً ويذم ا لصواب ، تريده أخرساً ، لا أظن أن من يؤسس لدولة يرغب في أن يكون هذا شأن السياسي والناشط اليمني. أليس من العيب أن من يناشد كل يوم ويدعو باسم الحرية والديمقراطية والأمن والأستقرار هو من يصادر الحريات ويلغي الديمقراطية ويختطف الناس من الشوارع . هذه هي الحال التي وصلت إليه السلطة اليوم في اليمن ، وهي تبدو مأزومة إلى درجة الخطف والاعتقال والقتل . ندرك جميعاً والمقالح أستاذنا أنه في سبيل التحرر على المرء أن يدفع الكثير من الأثمان حتى حياته إذا أضطر ا لأمر ، وأنه في سبيل العيش الكريم وحرية التعبير علينا أن لا نخاف من الأنظمة المستبدة وأن لا نهرب منها بل علينا توريطها بمزيد من الاعتقالات فهي مناط الخلاص ، فعندما يبدأ الاعتقال تبدأ الدولة بحفر قبرها بيدها ، وهي تلوح في مقبرة وليس في قصر رئاسة ، فمتى تعي السلطة أنها الآن في الجانب الخطأ من ا لسياسة بل في الجانب السالب من التاريخ . وأنها سوف تستمر في العد ا لتنازلي ما لم تطلق صراح هذا الرجل الشريف من أيدي خاطفيه وتحاكمهم محاكمة علنية ويلقون بهم أشد العقاب إلا إذا كان هناك طرف يصعب معاقبته أوطرف لا يحاسب ، مهما كان فلا يزال الأمر في يد السلطة ونحن نناشد ا لرئيس علي عبدالله صالح أن يتدخل في هذا الأمر حتى لا تحجب شمس المقالح ....