يقف سادا عليك طريقك الى المنزل, يقطع الطريق بكل همجية, يحمل في وجهة كل القسوة والشراسة, ودون ان ينبس ببنت شفه وبمجرد نظره من عينه الحمراء بلون الدم تقوم فورا وبكل خنوع بتسليمه راتبك الذي استلمته اليوم, تعطيه الكيس الذي تحمله في يدك وفيه غداء عائلتك , ثم تجد ان عليك ان تعطيه الدواء الذي اشتريته لابنتك الصغيرة, تتذكر وقلبك يعتصره الالم سعالها المتواصل طوال الليل, ولكن ما باليد حيله, تتذكر انك اليوم اضطريت لقبول رشوة فقط لتقدمها له, تتذكر الاذلال الذي شعرت به وكرامتك التي ذهبت بسببه, ولكن كان من الضروري توفير هذه الاموال له, تتذكر كل هذا وانت تعطيه كل هذا وتبتسم في وجهه في حنان حقيقي, فيبصق في وجهك باحتقار ويمضي وانت تعرف انك ستجده غدا في نفس المكان لتقوم معه بنفس ماقمت به اليوم. البلطجي الاكبر في اليمن, من يتواجد في كل الاجتماعات للنخب السياسية في اليمن, ليجعل نقاشاتهم تستغرق ساعات وساعات دون الوصول الى نتيجة, هو من ينشر الاهمال والفساد في اليمن, ومن ينشر الضعف والتبلد, بلطجي اليمن الاكبر يسيطر بكل سهوله على 22 مليون يمني, يملكهم تماما ويطيعونه طاعة عمياء, لاجله يفنون صحتهم وحياتهم ومالهم, ويضحون بعملهم واسرهم, يقضي لاجله اليمنيون الساعات الطوال ويعطوه كل شيء فلا يعطيهم سوى الفقر والموت.
لن تجدوا ايها السادة بلطجي اقوى من القات يقف في وجه بلد باكمله, القات, الذي أصبح من السخف النظر إليه على انه نبته خبيثة.. وعلينا الاعتراف انه أصبح كيانا شيطانيا ضخما يجثم على أنفاس 22 مليون إنسان و يخنق وطنا بأكمله, القات يقف في طريقنا ويحول بيننا وبين اي فرصة لحياة كريمة, ياخذ كلما نملك ليرميه في المرحاض حرفيا, يفرض بصمته وسمته على الحياة الاجتماعية ليطبع سلوكنا بصفات لا يمكن ان تكون طبيعية, ولايمكن القول الا انها مستجدة بسببه ومن اجله, القات بلطجي يقف امام عقل الانسان اليمني ونشاطه, ياخذه بعيدا عن اي نشاط مثمر, يحول كل الافكار الايجابية الى فقاقيع في الهواء تقضي عليها سريعا حرارة "الخدارة".. فهل تتخيلون معنى ان يمضي وطننا عشرات السنين في حالة "خدارة".
القات أفقر اليمنيين وأوصلهم إلى حالات متردية من سوء الحال, فالقات يضيع على اليمنيين ساعات طويلة من الممكن أن تتحول إلى دخل إضافي بدلا عن تحويلها إلى "فهنه"..عشرات السنين ضاعت وعشرات غيرها قد تضيع ونحن في حاله في منتهى الغرابة... ساعات كاملة نقضيها في ذهول نلوك ونستحلب سموما صرفة فقط لكي لا نستطيع النوم ونصاب بالضنك والإحباط والاكتئاب لنموت في النهاية من السرطان القات يحول كيس الفاكهة الذي يحمله الرجل إلى أطفاله وزوجته إلى علاقي قات وعلبة سجائر, القات يقتل التربة ويستنزف الماء, يأكل هو لنجوع نحن, ويشرب هو لنعطش نحن, القات يعذب أطفال اليمن ويخرجهم لبيع المناديل من اجل توفير قيمة التخزينة للاب, القات يزوج اليمنيات الصغار بالسياح المستعجلين...و مثله مثل اي عدو خبيث ستجده يهمس الان في اذنك بانه مجرد صديق وديع لا يمكن ان يتسبب بكل هذا الضرر.
ممل؟!... اي كلام سوف تقوله عن القات فهو ممل و مكرر, لا يستاهل انفاق دقائق من وقت التخزينة الثمين عليه.. كلام عن القات تدور عليه أحاديث اليمنيين منذ سنين فما الجديد؟؟ هل الحديث عن القات يحتل اولوية في هذه الايام الصعبة في اليمن,و هل يؤثر الكلام في قناعة من تدور حياته منذ ان يفتح عينه الى ان يغلقها "هذا ان استطاع ان يغلقها" حول القات.. لماذا إذا اكتب هذه السطور عن القات الذي دمرنا ؟؟.. لماذا اكتب عن المتحكم الحقيقي في حياة الناس وأحلامهم وآمالهم ومعيشتهم...اكتب لاننا انا وانت ايها القارئ الكريم لسنا بحاجه إلى قرار جمهوري بأن نبصق القات من فمنا, ولا نحتاج إلى مؤتمر لأصدقاء اليمن لارسال فريق خبراء لاخراج "البحشامة" من افواهنا, اكتب لعلك تقرأ ما اكتب فاستفزك بحق...اكتب.. لعلك تقرر ان توجه اقوى ضربه لاكبر بلطجي في اليمن و"تذبل"!!