لأن عقلية اليمني «مهجوسة» بالربح والخسارة، فلا غرابة إن قُلنا إن جماعات ركبت الموجة الثورية على حين غرّة جنوبا وشمالا لتنشئ لها دكاكين على هامش فعل ثوري عظيم للاسترزاق. مؤلم جدا أن يُتاجر البعض من ضعفاء النفوس بدماء الشباب مستغلين حماسهم الثوري وتطلّعهم إلى الخلاص من واقع مشوّهه ومؤلم باسم حماية الثورة تارة، وتارات أخرى باسم العمل السياسي. أثبتت الأيام الماضية من عُمر الثورة أن التغيير في اليمن لا يستهدف أشخاصا وإنما ثقافة وموروثا معقدا ومتخلفا ساهم طول العقود الماضية في الوصول باليمنيين إلى واقع مشوّه وقاهر لكل آمالهم وتطلعاتهم، ويلقي على مستقبلهم بالكثير من الغموض والمخاوف، فجاءت الثورة من أجل تغيير جذري يستهدف الجذور التي تغذّي ثقافة الفوضى والماضي، فوجدت نفسها تواجه تحديات كبيرة، فكلّما اسقطت صخرة برزت صخور عديدة تُقاوم بنفس الطريقة وتعمل بنفس العقلية البليدة والمشوّهة.
دكاكين في قلب الفعل الثوري.. يحدّث الشباب أنفسهم وهم يقدمون أرواحهم أضحية في محراب الحُرية عن شكل اليمن الجديد عن الآمال والتطلّعات، بينما يحدّث الماضويون والتقليديون أنفسهم عن المكاسب، عن الربح والخسارة.. كم ربحنا؟ كم حصتنا؟ مفارقة كبيرة بين جيل شاب نقي ونظيف، وبين جيل غارق حتى أذنيه في المكر والخداع والأطماع حتى وإن رفع راية التغيير فهو بحاجة إلى ثورة تنظيف وكشط من الداخل كي يعي أن اليمن بلد 25 مليون يمني، لا دكان أو شركة لفلان أو علان، للقبيلة أو للشيخ!!
نقول للذين يتسابقون لتشكيل المكونات والهيئات لقاء الحصول على أموال، «عيب عليكم اخجلوا»، لقد أثرتم بتهافتكم سلبا على ثورة الشعب، وما زلتم مُصرِّين في المُضي في طريق الخطأ، معتقدين بأن ما تفعلونه هو الصواب، وهذا ناتج عن العقلية المسكونة بالمكسب الشخصي على حساب المكسب الوطني الذي دفع الشباب راحتهم ودماءهم من أجله.
وحتى لا تكونوا هدفاً.. هدفوا نشاطكم لمصلحة وغاية وطنية!