قيل لي .. و القول ل"شاهين" ، أن "الجِراحة " تبدو قاسية .. مؤلمة .. و مبضع الجراح ينقش في أجسادنا ملامح الثورة الدموية ..!! ، لكن على رغم القسوة تبدو الرحمة في حالتها القصوى ، حين يُشفي جُرحنا من ألم المبضع المخيف ..!! في ذمار .. كثيرون يسمعون ل"جورج وسوف" و هو يغني ، و بحة الصوت تقتلنا .. تُسكرنا (طبيب جراح .. قلوب الناس أداويها ..) . من جهتي .. أعترف إدماني لهذا الصوت الحزين الساكن بحنايا الضلوع .. و كم يرفع بهجة الألم اللذيذ وهو يدندن لأم كلثوم "حب إيه .. اللي إنت جاي تقول عليه ..." . يا الله .. كم أشتاق لمراهقة جديدة .. بها الحزن .. و الحب و العذاب .. و آهات الصبايا .. لم أستطع تجريب هذا الإحساس المفعم بالنشوة الحبيسة .. ربما لوسامة إفتقدتها في صباي .. لكن ما علينا .. فهناك من يعيد خلايا المراهقة ، و قد وصل به العمر إلى أرذله .. و لأنه "طبيب جراح" فلا يستطيع كتم شعوره الغريب .. حين تلفح حرارة "البراقع" وجهه الحليق . الأطباء أنواع .. وصفات هناك من يداوي وهناك من يجرح .. هناك من تسمو به صفات الملائكية .. و هناك من يتشبه بالملائكية و هو شيطان مريد . أعرف طبيباً .. تهاوت في عهده كليات الطب بجامعة ذمار .. حيث ذكر خبر صحفي قبل أسابيع أن الجامعة أرهقت كاهل الحكومة بفوائد مالية تقدر بثلاثمائة مليون ريال عن مشروع كلية و مستشفى الطب البيطري .. الذي تهاوى عن أحلام الضعفاء المشردين داخل الجامعة . ما أبشع الحرمان ..!! ، لقد حرم هذا "الطبيب" وطنه و مدينته من مشروع عملاق .. و لم يكتف بذلك بل ساهم في تحميل موازنة الحكومة المثقلة بديون إضافية لمشروع خائب .. لا ينبغي أن يمر بدون حساب عسير . يواصل "شاهين" حديثه قائلاً : لقد طرد الطبيب مرضاه ، و حرم البروفيسور موظفيه من العيش بكرامة ، حيث يئن المتعاقدون تحت وطأة الراتب الوضيع ..!! ، و هو يستخدم عصا (لجنة شؤون الموظفين) للإلتفاف على وعوده العرقوبية السيئة . لا تبتئس "شاهين" ..!! ، قُلتها و في حلقي غصة من حديث دامع ..!! ، لم يأبه لحديثي واستطرد غاضباً : لقد طرد قيادات المؤتمر الشعبي العام و نكّل بهم في المحاكم لأنهم يحملون دليل فساد كلية الهندسة وكلية الطب البيطري وجرائم المناقصات وإيرادات الفندق والسيارة الجديدة .. و .. أوقفته بإشارة من يدي .. أطرقت حزيناً .. و ركلت حجراً في عرض الطريق .. قلت : يا "شاهين" .. هل ترى السماء .. زرقاء صافية .. كُن واثقاً ثقتك بزرقتها أن طبيبك الجراح لن يمر دون عقاب .. حتى و لو كان صديقاً لمدير مكتب الرئيس .. فالأخير لا يعلم عن أمر فساده شيء . يا "شاهين" .. أنت رجل رائع .. و شاب بريء في زمن تعدى فيه اللصوص على حرية الناس .. و حاكم الفاسدون الأبرياء .. لكن : لن يمروا .!! غن يا "شاهين" : شافوني قالوا متهني من كتر الفرح بيغني تعالوا و أسألوا عني .. أنا اللي بيا جراح .. أطبا الكون ما تشفيني و .. دمتم
