بعد الاتفاق المفاجئ بين السلفيين والحوثيين في دماج والمتضمن إنهاء التوتر ووقف الاقتتال بعد 95 يوماً من الحصار الذي فرضه الحوثيون على المنطقة، وبعد يوم من إبرام هذا الاتفاق أبلغت لجنة الوساطة الراعية للاتفاق الشيخ الحجوري بضرورة مغادرة دماج بناءً على التفويض الذي وقعه للرئيس هادي بحل القضية وفقاً لما يراه مناسباً، وهو ما يعتبره البعض انحيازاً من جانب الرئيس هادي وتعميقاً للطائفية أكثر منه حلاً للقضية كما يبدو من مضامين الاتفاق. لكن من وجهة نظري إن الرئيس هادي باتخاذه هذا الخطوة كان حكيماً وينظر إلى المواقف من زوايا عدة فهو يعلم إن الحوثيين لم يكن شغلهم الشاغل دماج والحجوري وطلابه، ولو أرادوا أن يحتاجوا دماج لأمكن لهم ذلك وفي خلال أيام قليله إن لم يكن ساعات، ونحن ننظر هنا لموازين القوى برغم المقاومة من جانب السلفيين، فالرئيس هادي يدرك تماماً أبعاد الحوثي من خلال توسيع نطاق الحرب إلى مديرية كناف في صعدة ومديرية حرض بمحافظة حجة، ومديرية أرحب في صنعاءحرض وعمران والجوف، فكل هذه المناطق ليس لها علاقة بالحجوري وبالفكر الوهابي الذي يحمله.
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد مغادرة دار الحديث بدماج إلى الحديدة: ما الذي سيفعله الحوثيون، هل سيتعايشون مع من تبقى من أهل دماج ليثبتوا لليمنيين وللمنطقة والعالم من حولهم إنهم أهل تعايش وسلام؟ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هل سيتخلون عن المواجهة المسلحة في الجبهات التي ذكرناها أم إنهم سيبحثون عن أعذار أخرى كون مشروعهم أكبر من كل هذا الأمر الذي يحتم عليهم أن يضعوا أنفسهم في مواجهة الدولة والقبائل المناوئة لهم خصوصاً بعد أن سحب الرئيس هادي بساط التوسع والنفوذ من تحت أقدام الحوثيين بإعلانه نقل الحجوري وطلابه من دماج كون حربهم مع السلفيين كانت هي الذريعة في توسعهم ونقل نفوذهم إلى مناطق عدة؟ فهل يلتزم الحوثيون ويدركون هذا أم إنهم سينكثون العهود والمواثيق ويختلقون ذرائع أخرى تضعهم في مواجهة الدولة والقبائل المناوئة لهم ولمشروعهم، فيكون هذا الاتفاق الذي ظاهره أنه لمصلحة الحوثيين وإن لم يستغلوه للتعايش فسيعجل بزوالهم ويكون سبباً في تحرير صعدة، فقد كان صلح الحديبية سبباً في فتح مكة وهذا ما ستكشف عنه الأيام القليلة القادمة.