"ثمة تصاعد في التوتر بين الحوثيين وخصومهم المتعددين – عائلة الأحمر، والفريق علي محسن الأحمر (...) وحلفائه العسكريين، المقاتلين السلفيين، والحزب الإسلامي السني، الإصلاح، والقبائل المرتبطة بهم". العبارة السابقة في مقدمة الملخص التنفيذي لتقرير الأزمات الدولية، وكان ينقصها مفردة "التكفيريين" لكن يبدو أنه كتب قبل بدء استخدام المفردة من قبل الحوثي، وأيضاً تجاهل أن الحروب مع الحوثي كانت في فترة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إلا انه ليس ضمن خصوم الحوثي (الحبّوب).
يا له من ملخص تنفيذي تافه! فيما صحافتنا غارقة في التهافت والسطحية وتمجيد القتلة والمخربين واللصوص. وهذه هي نقطة مهمة، فإذا كان إعلامنا ونخبنا يسبّحون بحمد الحوثي ومليشيا أخرى، فما الذي يمكن أن يقوله تقرير كتبه أشخاص لم يعرفوا موقع اليمن على الخريطة قبل تسلمهم الدفعة الأولى من أجور إعداد تقرير يعتمد على صفة "دولي"، وهي كل ما لديه تقريباً.
يصبح الدفاع عن مليشيا مسلحة أمراً سهلاً إذا تعلق الأمر بدولة مثل اليمن، ولن أستبعد إطلاقاً أن يصف التقرير المقبل الرئيس عبدربه بالمتمرد.
لقد وبّخ التقرير الدولة اليمنية بشكل قاسٍ، وهي تستحق ذلك، فلدينا "حكومة ضعيفة ومنقسمه وأوضاع اقتصادية مزرية وتدهور أمني"، ولدينا مخرجات حوار وطني تبقى "مجرد طموح يتطلع إليه اليمنيون في أفضل الأحوال" حسب التقرير.
ليت التقرير أشار أيضاً إلى أن الرئيس عبدربه والحكومة ينكرون وجود ذلك، ويعتبرون المحتجين ضد هذا الوضع مجرد مخربين تماماً كما فعل علي عبدالله صالح حين نشرت وسائل إعلامه في 2005 صورة لآلاف المحتجين تحت عنوان "مطلوبون للعدالة". كانت تغطيات إعلامية ماثلة تمجّد الحاكم والحزب والجماعة، وتنسى الناس.
إن الأنظمة التي لديها استعداد أن تتهم كل الشعب بالكذب والتخريب إذا لم يتجاهلوا شعورهم بالجوع ويصدقوا بطولاتها الزائفة، تستحق أن يصدر تقرير (دولي) يمجد مليشيا مسلحة ويدعوها- الأنظمة-لاحترامه والتعامل معه بشكل ندي.
على الأقل أصبح لدينا تقرير (دولي) يطالب بالتعامل مع مليشيا مسلحة بشكل ندي. هل سنسمع لاحقاً، فيما لو التفت إعلامنا لأبعاد التقرير، أعذاراً من قبيل أن هناك خطأ في الترجمة أو بأن هذا مجرد ملخص تنفيذي؟. لا أعتقد بأن هناك من يكترث لنا بعد اليوم.
كل عبارة في التقرير تجعلني اقتنع أكثر بأن من كتبه هو عبد الملك الحوثي نفسه، إذا كان الفتى يجيد الكتابة أصلاً، فالتقرير يحب الدعوة إلى وقف إطلاق النار ويرددها تماماً مثلما يفعل الحوثي، فطالما أدت هذه الاتفاقات والهدن إلى تقدمه وتمدده.
وبصراحة دعا التقرير إلى تحالف حوثي رئاسي، وهذا ما يبدو أنه يحدث بالفعل، وتصنيف الجيش كمليشيا تابعة لمحسن والإصلاح.
وتوصية واحدة إلى الداعمين الدوليين، وهي اختزلتهم في جمال بن عمر، وطلبت منه دعم الرجل المطيع عبدربه منصور هادي "لضمان التوصل إلى خطة سلام قابلة للتنفيذ تستند إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني" يا للعمومية! في التوصيات للحوثي دعاه إلى الاستمرار في المشاركة في المحادثات "برعاية الرئيس" من أجل وضع خطة لنزع السلاح تطبق على جميع اللاعبين غير الدولة.
في آخر فقراته يدعو التقرير آل الأحمر وعلي محسن والإصلاح والمؤتمر إلى المشاركة في المحادثات سواء بشكل رسمي أو غير رسمي. هل بات علينا الاعتراف بأن اليمن مجرد هذه الأسماء.