يعيش مراسلو قناة الجزيرة في العاصمة صنعاء حالة من القلق والترقب للحظة التي قد تقدم السلطات اليمنية على إغلاق المكتب نهائياً، وذلك في ظل تصاعد الحملة التحريضية الرسمية ضد القناة ومراسليها على مدى الأيام القليلة الماضية. وكان مصدر إعلامي في الحزب الحاكم هدد أمس بإغلاق مكتب القناة في حال استمرت في نشرها ما أسماها ب"التقارير المضللة". وذلك بعد يومين من مصادرة السلطات لجهاز البث الخاص بمكتب القناة بسبب تغطيتها لفعاليات أحزاب اللقاء المشترك. وكشفت قناة الجزيرة أن مكتبها في صنعاء تلقى إتصالا من مسئول يمني يحذره من تغطية فعاليات أحزاب اللقاء المشترك، قبل أن يتم مصادرة جهاز البث في نفس الليلة بسبب رفض مكتب صنعاء الإلتزام بتنفيذ تلك التحذيرات. وقال المذيع في "الجزيرة" حسن جمول أثناء تقديمه برنامج "ما وارء الخبر" الجمعة والذي خصص للنقاش حول إقتحام مكتب صنعاء والإستيلاء على جهاز البث بالقوة العسكرية، قال "أن مكتب الجزيرة تلقى الخميس الماضي، إتصالاً من أحد المسئوليين اليمنيين – لم يذكر اسمه - يحذرهم من تناول وتصوير ونقل فعاليات أحزاب اللقاء المشترك التي كانت دعت إليها ونفذتها الخميس في ثلاث محافظات يمنية هي العاصمة صنعاء وتعز والحديدة. وربط المذيع بين رفض القناة الإلتزام بتلك الأوامر والتحذيرات، وبين قرار السلطات في اليمن في نفس الليلة بالإستيلاء على جهاز البث التابع للقناة. كما كشف أيضاً أن لديهم قائمة بالإتصالات التي كان مكتب صنعاء يتلقاها من قبل مسئولين يمنيين بعضها يطالبون فيها المكتب بعدم تغطية مجموعة من الفعاليات، وأخرى يطالبونهم بتغطية فعاليات بعينها، لمصلحة الحكومة. وأستغرب المذيع من سذاجة المبرر القائل أن جهاز البث الخاص بالجزيرة غير مرخص له، بينما أن المكتب دشن العمل به في العام 2006 أثناء الإنتخابات الرئاسية بأوامر من الرئيس نفسه. وأعتبر مسئولون في السلطات اليمنية أن السماح للمكتب بإدخال جهاز بث لليمن إنما جاء تقديراً للقناة بسبب ما كان يعتقد من حياديتها، وأن مصادرته جاء بسبب إنتفاء تلك الحيادية وتضخيم الأحداث في الجنوب. ويكشف الإتصال الذي قام به أحد المسئوليين اليمنيين للمكتب وتحذيرهم من تغطية فعاليات اللقاء المشترك، زيف تلك المبررات. بينما تكمن الحقيقة في فشل السلطات تركيع القناة وتحويلها إلى ناطقة بأسم النظام. وبسبب تصعيد قناة الجزيرة لهجتها على خلفية الإستيلاء على جهاز البث، حذر مصدر إعلامي في الحزب الحاكم بإغلاق مكتب الجزيرة بصنعاء، فيما إذا استمرت في بث التقارير والصور والمعلومات والتقارير عن اليمن التي أعتبرها المصدر أنها "مثيرة للفتنه والأحقاد" حد وصفه. وأبدى المصدر الإعلامي في بيان صحفي حصل "المصدر أونلاين" على نسخة منه استغرابه ما أسماه "بردة الفعل وحملة التضخيم والتهويل المبالغ فيها، التي تقوم بها قناة الجزيرة", إزاء قرار وزارة الإعلام بسحب جهاز البث الفضائي التابع لمكتب القناة بصنعاء. وطالب المصدر القناة والقائمين عليها بالمراجعة الموضوعية والألتزم بالحيّاد والمصداقية والمهنية الإعلامية إزاء كل ما تبثه عن اليمن، مشيراً بأنه ربما يضطر اليمن وبعد تلك الرسالة الاحتجاجية التي وجهتها للجزيرة إلى اتخاذ خطوات أخرى، تتمثل في إغلاق مكتب الجزيرة وعدم الترخيص لمراسليها بالعمل من اليمن. ولم تستطع السلطات اليمنية – مع كل ما يحاوله مسئولوها - تقديم اية تبريرات مقبولة لما أقدمت عليه من تصرفات، سوى أن الأوضاع – بالنسبة للنظام – باتت أسوى مما يتصور.