الأرجح أن الفائدة الوحيدة الحقيقية لهذه الجرعة هو انها تعيد فرز المجتمع طبقياً كما ينبغي أي طبقة استغلالية وطبقة يتم استغلالها بما يقود إلى تلاشي كل صيغ الفرز الحقير السابق ، الفرز اللاوطني الذي عمل على إبعاد الناس عن همومهم الفعلية من خلال تقسيم المجتمع إلى مناطقيات ومذهبيات وحزبيات الخ. والحاصل من خلال هذا السياق هو أن هناك اثراءات غير مشروعة وأغنياء قلة يلتهمون الأغلبية من الفقراء في طول البلد وعرضه .. الأغلبية التي تعاني استشراء فساد الدولة ومراكز النفوذ فضلاً عن تخلي الدولة عن مسئوليتها الاجتماعية وتدليل الفساد وقوى الهيمنة وصولاً إلى عدم جبر ضرر كل الذين يثخنهم استمرار هذا الحال ما يزيد من الفجوة بين المتضررين والدولة من ناحية في حين يزيد التلاحم الشعبي لان المصير واحد من ناحية أخرى.
وأما بحسب المقولة الاستبصارية الخالدة للمعلم اللبناني الشهيد كمال جنبلاط فإنه " إذا خيرت بين ولائك لحزبك وضميرك فاختر ضميرك، لأن الإنسان يمكن له أن يعيش من دون حزب ولكنه لا يستطيع أن يعيش بلا ضمير " . لكن للأسف لا توجد أحزاب ضد المطالب الشعبية إلا في اليمن..كيف تستميت في اللف والدوران التبريري لمفاسد السلطة إلا باعتبارها للأسف مجرد عصابات ظل لمساندة هذا الفساد لا اقل ولا أكثر . رفع الدعم عن المشتقات معناه ببساطة تخلي الدولة عن آخر وظيفة لها.
زيادة أسعار المشتقات معناه ببساطة ارتفاع الأسعار القاصم في كل شيء ينتج بالمشتقات . ماذا يفعل شعب وهو في أعلى مراحل حياة الرمق غير أن ينفجر .؟ مسئولون بلا مسئولية يهنئون برغد مفاسدهم ونهش المال العام ولامبالاتهم .
بجحون بجدارة يمارسون التنظيرات الاقتصادية المشروخة على الشعب الغلبان في ضرورة رفع الدعم بينما لا يتفوهون بكلمة ضد فساد السلطة المهول الذي لو تمت مكافحته بصدق لصلحت عديد اعوجاجات هائلة في إدارة الدولة وماليتها . . ذات الإشكالية منذ اعتى عهود صالح حتى اليوم . إلا أن هذا الشعب ليس قدره على الإطلاق أن يستمر في تجرع الأهوال لصالح حفنة شريرة وأنانية وغير سوية وبلا ضمير.
ولقد تم التحايل على تضحيات الشعب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وذهبتم به إلى بؤرة الاقاليم المخيفة التي كثقب اسود سيبتلع اليمن بينما لم تعملوا حلولاً لآفة الميليشيات والإرهاب ولم تكرسوا وفاقكم المزعوم لسعادة الشعب بل لاتعاسه مزيداً وإفراغ الدولة من مضمونها على نحو لامعقول.
هذا الشعب الذي ضحى كثيراً ويفقد ثقته في النخب المبرراتية والامعائية لايهمه تصالحكم أو خصوماتكم السخيفة أصلاً كونها بعيدة عن همومة المعيشية اليومية.
هذا الشعب يريد أن يعيش ببساطة . إذن دعوه يحاول أن يعيش فقط وليس استمرار التنكيل به كما يجري .
انتم لاتتخيلون الضغوط المعيشية الهائلة التي يرزح تحتها ملايين المواطنين برباطة صبر لم يتبقى منها سوى شعرة وها انتم تعملون على قطعها. لذا عليكم ان تتذكروا جيداً انه لاعنف كعنف السلطة حين تزيد من تعقيد حياة الناس وإمكانيتهم في العيش بأدنى الحدود الكريمة.
ثم لاتستهينوا بمواجع الأغلبية الكاسحة التي تمارسون الاستعلاء عليها فلحظة الجد لا عاصم لكم من طوفانهم . لقد تركتموهم داخل البئر مكشوفة أيامهم للرعب وزدتم تردمون عليهم بحجر ثقيل لكنكم ستدفعون ضريبة حمقكم التي لاتتوقعونها حتماً.
تلك هي العدالة الاجتماعية. وبالمحصلة: يجب التنديد بقرار الحكومةرفع الدعم عن الوقود ماسيخلف ارتفاعا في كل الخدمات والسلع .وعلى ماتبقى من النخبة المحترمة الانحياز لطبقتهم الفقراء ومحدودي الدخل ، فهذا القرار بدون قرارات مرافقة حمائية وضامنة سيزيد من معاناة أغلبية الجماهير.
وبدلاً من تقشف الحكومة يتم إجبار المعدمين والطبقات الفقيرة والوسطى على التقشف . وبدلاً من تصحيح الاوضاع المالية والادارية المستشرية بالفساد ، نكتشف أن الشعب هو الجدار القصير لكل تلك الممارسات الاجرامية الشريرة التي يزاولها الأوغاد والأغبياء. عجبي .