في سياق استغلال فبركة حكاية النفق المؤدي إلى منزل المخلوع علي صالح؛ سربت مصادر موالية له خبراً واتهامات عن مشاركة خبراء فلسطينيين من حماس (أو مقاتلين قساميين غزاويين كما نص موقع مايو نيوز) متخصصين في حفر الأنفاق، وتم إحضارهم من فلسطين والأردن خصيصاً لهذا الغرض بواسطة شيخ قبلي نافذ! من الواضح أن جماعة المخلوع أرادت؛ دون تقدير للعواقب وذكاء اليمنيين؛ أن تستغل حالة الاستياء الصهيوني والأمريكي والعربي المتصهين ضد أنفاق غزة؛ التي كان لها دور كبير في هزيمة العدوان الإسرائيلي الأخير؛ لتحشر نفسها ضمن زمرة المتضررين من أنفاق حماس، ولتبدو بمظهر الحمل الوديع مثل الصهاينة في فلسطينالمحتلة الذين يتعرضون للتهديد بسبب أنفاق حماس.. فلعل ذلك يجلب لهم رضا المجتمع الدولي المتصهين، ويخفف عنهم بلاوي لجنة تحديد معرقلي التسوية في اليمن!
قد يجد المخلوع وأتباعه من يصدقهم من الصهاينة والأمريكان والعرب المتصهينين لأمر في نفس بنيامين وجون وعبسيسي؛ لكن من يقنع اليمنيين أن الذي خطط وموّل وأشرف على حفر النفق – سواء أكان المخلوع نفسه أو الشيخ النافذ الذي يتهمونه دون ذكر اسمه!- سيستعين بخبرات غير يمنية مع أن أحد أشهر المهن في اليمن هي مهنة: حفر البيارات.. ولاشك أن الشعب الذي يحفر أبناؤه مئات الآلاف من البيارات قادر على حفر نفق، ولن يكون بحاجة لخبرات حماس ولا غيرها من منظمات المقاومة الأخرى (التي لديها أنفاقها هي أيضاً لكن تم تجاهل اتهامها أيضاً كما يفعل الصهاينة لتركيز حملتهم على حماس فقط).. مع العلم أن حفر الأنفاق بين غزة ومصر هي إحدى أشهر المنجزات الفلسطينية المصرية المشتركة، ومن خلال آلاف الأنفاق؛ التي حفرها مصريون وفلسطينيون من عامة الناس؛ تمت عملية إيصال شريان الحياة للمحاصرين في غزة وتوفير احتياجاتهم للتغلب على الحصار الهمجي الذي كان يفرضه نظام المخلوع حسني مبارك، واستعاد فعاليته بعد الانقلاب العسكري السيساوي المدعوم إعلامياً من المخلوع وأتباعه!
وفوق كل ذلك؛ فإن الريادة اليمنية في حفر الأنفاق؛ واستخدامها للتسلل والهروب؛ مسجلة في التاريخ القريب في سجل المنجزات اليمنية أيام المخلوع، وقبل سنوات من حفر حماس للأنفاق الموصلة إلى فلسطينالمحتلة.. وللتذكير فقط فقد قامت فئة من اليمنيين المعتقلين (الذين يقال إن لهم علاقات خاصة مع نظام المخلوع السابق) بتجربة رائدة عالمياً بحفر النفق العظيم الذي أذهل العالم كله من داخل سجن الأمن السياسي إلى خارجه، مما أتاح لهم فرصة الخروج الآمن ليعاودوا نشاطهم المسلح.. والأكثر إعجازاً أن عملية الحفر اليمنية هذه تمت باستخدام أدوات بدائية مثل الملاعق، وتم إخفاء الكميات الهائلة من التراب بطريقة عبقرية لم تخطر على بال حمساوي ولا حفار بيارات يمني ورث المهنة منذ عشرات القرون! وكان الجانب الشريف في العملية أن أصحابها لم يتصرفوا كالأنذال جلباً لرضا الصهاينة ويتهموا "حماس" بمساعدتهم في الحفر.. ومن باب أولى أنهم لم يتهموا أحداً من العاملين في حفر البيارات في صنعاء بأنه أوحى لهم بالفكرة فضلاً عن أن يساعدهم في الحفر!
الفطنة مطلوبة في الكذب!
حكاية الربط بين حفر النفق وبين حماس كان ينقصه - أولاً- الحصافة الوطنية والقومية والإسلامية، وينقصه – ثانياً- الذكاء في التأليف؛ فقد وضعت جماعة المخلوع نفسها – أولاً- في صف واحد مع إسرائيل في العداء للمقاومة الفلسطينية من خلال التحريض ضد حماس التي تقود المقاومة في فلسطين، وتعدها إسرائيل وحلفاؤها العدو الأول! وثانياً؛ فإن واقعة قيام حماس بحفر أنفاق لإيصال مقاوميها إلى خلف خطوط العدو الصهيوني لم تعرف إلا في رمضان الفائت، وكانت أشبه بسر حربي، ولذلك كانت الأنفاق الحمساوية أكبر مفاجآت الحرب التي أربكت الصهاينة بكل إمكانياتهم التجسسية الهائلة، ومن غير المعقول أن يتسرب خبرها إلى صنعاء وشيخ نافذ فيها.. لكن خُبرة المخلوع الذين زجوا بحماس في اللعبة أرادوا القول إن فكرة حفر نفق باتجاه بيت المخلوع كانت معروفة من قبل العدوان على غزة، وتم إحضار الخبراء الحمساويين من غزة والأردن إلى صنعاء، وتم استنساخها ضدهم في الوقت نفسه الذي استهدف بها الصهاينة في فلسطين!
الصور الخاصة بالنفق التي عرضت على الملأ تظهر أن عملية الحفر تمت على الطريقة المعروفة في حفر البيارات اليمنية.. أما حجم النفق، ومتانة الجدران، وطريق النفق المبني بإحكام تؤكد أن عملية البناء تمت بهدوء ودون خوف الانكشاف، وكان الغرض منها أكبر من مجرد تسهيل وصول مخربين.. لا.. المسألة تبدو وكأن البناء يراعي شخصية كبيرة مخطط لها يوماً ما أن تستخدم النفق فلا بد ان يكون النفق على قد المقام ويراعي الإيتكيت.. والحق يقال فلم يكن ينقص الأبهة إلا بناء بوفية، ومركز اتصالات، ومحل بهارات، ودكان هدايا يبيع مجسمات لمسجد الصالح!
وربما نكتشف مستقبلاً أن المخلوع ومساعديه قاموا بأكثر من زيارة للموقع، واطلعوا على أعمال البناء.. وكالعادة فلا بد أن الزائرين ثمنوا الجهود التي يقوم بها العمال، وحثوهم على بذل المزيد من الجهد! ولا شك أن العمال أعربوا عن ارتياحهم لزيارة الزعيم ومساعديه.. ولعلهم استقبلوهم بالهتافات مثل:
- ما لنا إلا علي.. والإكرامية يا زعيم! ويا صالح اهرب.. اهرب.. عملنا لك نفق عترب.. اليمن في قلوبنا.. اليمن أولاً!
كراهية حماس.. عربون صهيوني!
قد نتفهم حالة البعسسة واستغلال خبرات الأجهزة الأمنية القديمة في التلفيق والسلبطة على عباد الله، وخلط الأوراق، وإشغال الدولة والمجتمع.. لكن أن يصل الإجرام إلى هذا المستوى المنحط من خلال التحريض على حركة المقاومة الإسلامية حماس في ذروة مواجهتها للصهاينة؛ فأمر لا يضاهيه إلا أفعال الصهاينة والانقلابيين المصريين! وعلى حد علمي فحماس لم تتخذ أي موقف معادٍ للمخلوع ونظامه كعهدها مع الأنظمة العربية الأخرى حتى التي تآمرت عليه، وهو بموقفه المتصهين هذا إنما يقبر حتى إحدى حسناته التي تمثلت في السماح بفتح مكتب لحماس في صنعاء.. لكن الفجور في الخصومة وصل به إلى درجة الانضمام إلى حملة التحريض ضد حماس وتشويه صورتها وهي التي لا ينقصها أصلاً أعداء من نوعية إسرائيل والذين وراءها وأمامها يتربصون بها الدوائر والاتهامات.. وهؤلاء سيجدون في اتهام إعلام المخلوع هذا فرصة لتشديد ضغوطهم على المقاومة الفلسطينية وسكان غزة، والإصرار على "حقهم المشروع" في تدمير الأنفاق.. فطالما أن القساميين الغزاويين وصلوا إلى اليمن لحفر أنفاق إرهابية فلا يستبعد أنهم سيكررون عملهم هذا في بلدان أخرى.. وربما يصلون إلى البيت الأبيض نفسه.. وقد يفاجأ أوباما بنصيحة أخوية تأتيه من صنعاء (حدة - جوار مركز الكميم) تحذره من نفق حمساوي قسامي غزاوي يتم حفره تحت البيت.. وبقية الحكاية مكررة، وقص لصق على الطريقة اليمنية!
والذي هو من شر البلية أن اتهامات إعلام المخلوع بمشاركة قساميين غزاويين في حفر النفق لقتل الزعيم؛ صدرت في الأسبوع نفسه الذي صرح فيه مسؤول مؤتمري إن المؤتمر يرفض الانجرار إلى الإعلام التحريضي!
يعني كل هذا التحريض لصهاينة وصليبيين ضد المقاومة الفلسطينية.. وتقولون: إنكم ترفضون التحريض؟
سلام الله على أيام مطالبة مصر بقطعة أرض مجاورة لفلسطين ليشن اليمن منه جهاداً ضد إسرائيل.. انتهى ذلك الزمن على علاته وجاء زمن يتهمون فيه القساميين الغزاويين أنهم تركوا غزة في ذروة عدوان صهيوني وجاءوا إلى صنعاء ليحفروا نفقاً تحت الأرض لتفجير مسجد، وكأنهم بذلك يقدمون هدية غير مباشرة للصهاينة الذين دمروا مئات المساجد في غزة تبرئهم من شناعة جرائمهم ضد بيوت الله؛ طالما أن الحمساوين القساميين والغزاويين الإسلاميين الإخوانجيين أنفسهم لا يتورعون عن ترك أرض الجهاد والسفر إلى اليمن للمشاركة في مؤامرة لتدمير مسجد في صنعاء!
مبروك للصهاينة وجماعة المخلوع اليمني هذا التحالف ضد المقاومة الفلسطينية.. وهارد لك يا حماس!