زرت الشيخ صادق بن عبدالله الأحمر مساء يومنا هذا. علاقتي به تعمقت قبل اشهر قليلة في إطار توسيع مشروع الاصطفاف الوطني السلمي وضرورة إشراك تحالف قبائل اليمن كمكون مجتمعي لا يمكن لأي اصطفاف وطني أن يغفله. خلال تلك الفترة عرفت صادق الإنسان بعيدا عما يصوره الإعلام، وكلما إلتقيت به أظل أراقبة كأنني خبير نفساني وناقد محايد. أريد أن ارى تصرفات او افعال قد تقنعني بما يقوله الإعلام عنه. وجدته شخص بسيط، "قبيلي" بالمعنى التقليدي الأصلي للكلمة. شهم، متواضع، كتاب مفتوح وبالفعل هو صادق له من إسمه نصيب. اليوم دخلت عليه في مجلسه الخاص. كان هناك عدد من مشائخ حاشد. سلمت عليه وجلست على يمينه مباشرة. كان كاشفا رأسه وقد اطلق لحيته التي أراه بها لأول مرة. وقد أشتعل رأسه شيبا.
كلما زرته يحب ان ينسى القبيلة والسياسة ويحدثني عن ذكرياته في أمريكا مطلع الثمانينات بحكم دراستي هناك ومعرفتي بتفاصيل المعيشة هناك. حكى لي اليوم عن سفره من نيويورك الى سانفرانسيسكو (4800 كم) بسيارته لعدة ايام وعن الشرطي الذي استوقفه ما بين اريزونا ونيفادا وكيف ان صدقه مع الشرطي نجاه من مخالفة بسبب تجاوزه السرعة وهو يسحب عربة U-haul خلفه. ثم حكى لي عن مولده وطفولته وانه عندما ولد سماه عمه حميد بإسم "جشم" وأرسلوا لوالده الشيخ عبدالله برقية وهو في السخنة فرد عليهم بأن يسموه صادق! وكيف أنه لم يعلم بتاريخ ميلاده بالضبط الا مؤخرا عندما راجع بعض من وثائق والده التي دونت ميلاده في غرة ربيع الآخر من العام 1377 ه. حدثنا قليلا عن احداث الاسبوع الماضي وكيف ان الحوثيين كانوا قبل يومين من حدوث الاشتباك مع حراسة الشيخ سام قد بدأوا بالانتشار والتمركز في مبنى اليمنية وانه فور بدء الاشتباك بدأ الهجوم من جميع الجهات وكأن الموضوع قد دب�'ر بليل وليس وليد لحظته.
يشهد جميع من التقى بالشيخ صادق انه لا يجيد كذب الزعماء ولا تدليس الساسة وانه يعامل كل من حوله كأب. خرجت من عند الشيخ صادق وأنا أسأل نفسي: لماذا يتحرش أنصار الحوثي ببقايا اطلال منزل قد دمرته حرب 2011؟ بعد خروجي بساعة شاهدت مقطع الفيديو المسرب للشيخ صادق. تألمت كغيري من الذين يعرفون طيبة وصدق وبساطة صادق كما تألم ناس كثير ممن لا يعرفه. ثم سألت نفسي: على فرضية فساد آل الأحمر، هل ما يتعرض له الشيخ صادق هو بسبب فساد مزعوم ام بسبب قرار جريء اتخذه في 2011؟ لماذا تَسلم املاك ومنازل واراضي كل الفاسدين الا منزل الشيخ صادق؟ هل هذا هو الثمن الباهض الذي يدفعه من أملى عليه ضميره يوما ما أن يختار الاصطفاف مع تلك الحشود التي خرجت؟ سفهاء الأحلام تصرفات أنصار الحوثي لاقت استهجان الليبراليين قبل القبائل والمؤتمريين قبل الإصلاحيين والنساء قبل الرجال والعلمانيين قبل المتدينين. ما يقوم به الحوثيين من اخطاء جسيمة في انتهاك حرمات خصومهم صارت بحمد الله وبفضل وسائل التواصل الاجتماعي مسجلة موثقة سهلة الانتشار. ما لا يدركه الحوثي ان تلك المقاطع والمشاهد يتألم لرؤيتها كل قبيلي حر من شرق اليمن الى غربها. ويتألم لمشاهدتها كل مواطن يمني يحلم بالدولة المدنية التي لن يوصلنا إليها حاقدون كل همهم الانتقام. لا يفرح بنشر فيديو يُساء فيه للكرامة الا جهلة القوم وسفهاء الأحلام ومن في قلوبهم مرض.