أتجاوز التحية وأنقل لكم شيئاً من الذي يدور حولي، وهو جزء من الذي يحدث في العالم خارج اليمن.
في الأسبوع الماضي اجتمع في دبي أشهر الرجال والنساء الذين يقودون العالم عبر الحكومات والشركات العملاقة: الرئيس المؤسس في شركة آبل، والمدير العام لشركة IBM والمدير التنفيذي لشركة سامسونج، ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، وأكثر من 150 خبيراً في العالم من العقول العبقرية التي تصمم أسلوب الحياة العصري في الوقت الحاضر.
قال الحاضرين الذين شاركوا في مؤتمر القمة الحكومي إن 65% من الوظائف التي سوف يعمل فيها أطفالنا الصغار ليست موجودة، ستكون هناك في المستقبل وظائف جديدة غير معروفة لنا الآن، وستختفي نحو 45% من الوظائف التي نعرفها اليوم، وعلى الحكومات أن تفكر بطرق حديثة ومبتكرة في التعليم والتطوير إن أرادت البقاء في المستقبل.
الذين اجتمعو في دبي جاؤوا بهدف استشراف مستقبل الحكومات، والعناوين كانت من هذا النوع: "مدن المستقبل"، "من الاستثمار إلى الابتكار"، "التوجهات المستقبلية للخدمات الحكومية"، "آفاق المدن الذكية"، "كيف يساهم الابتكار في تطوير الخدمات الحكومية"، "كيف يقاس نجاح الدول"، والعنوان الأخير تحدث فيه بروفيسور اسمه سايمون، ولا نحتاج إلى أن يقول لنا سايمون إن بلدنا الذي تسببتم في الوصول به إلى هذه المحنة العظيمة ليس له من اسم عند هؤلاء الناس سوى أنه بلد فاشل.
عندما تظهر في قناة المسيرة متحدثاً من صعدة عن "الشعب العظيم" لا أجد كلمة واحدة من الكلمات التي ناقشها المؤتمر خلال الأيام الثلاثة: عن سعادة المواطنين، وتطوير الخدمات الحكومية، واستثمار بحوث الخلايا الجذعية، وما يسمى "انترنت الأشياء" في تطوير البلدان وتعزيز الرفاه.
الشيوخ الإماراتيون تحدثوا أيضاً وقالوا كلاماً مهماً عن مواطنيهم والمستقبل الذي يأملونه لبلدانهم، قال محمد بن زايد إنهم يعرفون أنه سيأتي يوم يصدرون فيه آخر برميل من النفط إلى الخارج، وسأل: هل سنكون حزينين في ذلك اليوم، والجواب: لا، لأننا نخطط لذلك اليوم، ونحن الآن نعتمد على 30% على البترول وفي العام 2021 سينخفض اعتمادنا على البترول إلى 5% فقط.
بالنسبة لكثير من أنصارك الذين توفرت لهم خدمة الانترنت والفيس بوك، عندما يقرؤون شيئاً عن القمة الحكومية ودبي والعالم الحديث، سيتلون علينا بشكل خاطئ بعض الآيات القصيرة ثم يتبعونها بشتائم بدائية لا تنتهي، وأفكار سطحية عن المؤامرات الدولية، والمظلومية التي لم يتوقفوا عن الحديث فيها وهم يمسكون بكل السلطة.
أعيش في دبي وأعرف بعض أسرار تطور هذه المدينة التي لم تكن سوى ساحل مقفر وبحر يبتلع الغواصين الذين لم يكن لأهلهم على الساحل من مورد آخر سوى اللؤلؤ النادر في قاع البحر.
إليك هذا السر الكبير عن دبي: تعمل هذه المدينة بالطريقة التالية: توفر بنى تحتية ونظماً قانونية واستثمارية جيدة، ثم تنتظر العالم يأتي إليها للسياحة والإقامة والاستثمار، وقد نجحت في ذلك، ففي العام الماضي أصبح مطار دبي الأول على مستوى العالم في عدد المسافرين (أكثر من 70 مليون مسافر)، متفوقاً على أكبر المطارات في أمريكا وبريطانيا والصين.
في هذه القمة الحكومية حضر أكثر من 2500 مشارك و150 خبيراً دولياً جاؤوا من ثلاثين دولة، وعندما تحدث وزير التعليم الكوري عن أهمية التعليم ودوره في تطوير بلدانهم جاء بعده مواطنه بو كيون يون الذي يدير شركة سامسونج ليؤكد تلك الحقيقة، قال إن شركته تنتج في الثانية الواحدة 20 منتجاً.
أما المسؤول الأول في حكومة دبي فينظر إلى وظيفته بحسب ما قاله في افتتاح القمة على أنها تحقيق السعادة للمجتمع وتطوير التعليم والخدمات الصحية، وتوفير الوظائف والفرص، وتطوير البنية التحتية، وتحقيق العدل، وتسهيل حياة الناس، بما يحقق السعادة لهم. السيد عبد الملك:
كنت أتمنى صادقاً لو تحضر المؤتمر وتستمع إلى ما يقوله المسؤولون في الشركات والحكومات، لتدرك أن العالم يعمل بطريقة غير التي تعتقدها، أو يعتقدها أصحابك الذين ينظرون إلى إغلاق السفارات نصراً آخر للمجاهدين.
لقد انتقدناك، وسخرنا من أطروحاتك، ولم نبتعد كثيراً عندما قلنا إنك تقود مجموعة مظلومين ومغالطين وقتلة، وكنا ندافع عنهم أثناء حروبكم مع الدولة.
في الوقت الراهن في هذه اللحظات، أشعر بالرعب تجاه مستقبل بلادنا التي ليس لنا سواها، وقد امتلكت من السلاح والغرور والجهل ما يجعل هذا المستقبل المرعب قريباً جداً.
هل تريد ان تعمل شيئاً صالحاً، وتخدم الشعب الذي تتحدث باسمه، أرجع إلى أول المقال وأعد قراءة ما يفعله المسؤولون لخدمة شعوبهم، المسألة ليست معقدة، ويمكنك فتح خريطة العالم والنظر إلى نحو 200 دولة، لتعرف لماذا تطورت بلدان وظلت أخرى في القاع، أثناء ذلك ستعرف أن ما تقوم به مجرد ضلالات مسنودة إلى السلاح وحسب.
في هذه البلاد (أي في اليمن) خبراء وعباقرة وناس بسطاء وعاديون قادرون على إدارة بلدهم بشكل مناسب، وعندما تحشرهم بالطريقة التي تعمل بها، لن يشعروا بالأسى لوقت طويل، سيقاتلونك، وستقاتلهم ونستمر في طريق الكارثة الذي تسير في مقدمته.