وصلت دفعة قناصة جديدة الي جوار منزلنا في تعز ، انا الذي عشت ما يقارب ثلاثين سنة لا اسال احدا من اين انت؟ و لا احب ان يسألني احد ، و في مختلف مراحل حياتي افضل ان اقول انا يمني ، اليوم جعلونا الحوثيين و المخلوع نتحدث بنبرة محزنة و ندقق في انتماءتنا ، جلبوا الحرب الي عتباب البيوت ، استدعوا الطيران بكل قبحه ، و ها نحن نتفقد مدننا و احيائنا و اهلنا ، هل ما زالت منازلنا على خاطة الحي ، هل ما زال جيراننا على قيد الحياة ، اليوم قصف الطيران قصر صالة ، و تأثرت منازل الجيران و ابناء الحي ، هذا الحي الذي كان تحفة ووجهة لكل ابناء اليمن من داخل المحافظة وخارجها ، وكان-لمن لا يعلم-فيه اول حديقة حيوان في اليمن ، و الشذروان منتزة منذ الامام وجلس فيه الرئيس الحمدي و من بعده تردد عليه " علي صالح" على كل ، منذ ثلاثة ايام استقدم المتحوثون فرق جديدة تمركزت في سطح القصر و ظلت تقنص اي تجمعات لشباب الحي و ان كانوا شخصين ، وتمارس اسوأ اساليب الاستفزاز بينما تخطط لنقل اسلحة و معدات وقف لها بعض ابناء الاحياء المجاورة ، ثعبات و حسنات المحترمين. صالة كانت حتى ثلاثة ايام خارج دائرة الاستهداف ، من كل المتحاربين ، و الذي اعلمه ان مجموعة من العاطلين عن العمل التحقوا بالمليشيا تسلحوا لكنهم لاذوا بالفرار و لم ينخرطوا بالقتال غير مجموعة لا تتجاوز عدد اصابع اليد ، هم الاخرين عندما احتفلت تعز بالنصر نهبوا اسلحة من القصر واختلفوا فيما بينهم و تقاتلوا بعد ان وصل بعض قيادة الحوثية الي الحي و اعتقلوا بعضهم ولم يعلم عنهم احد شيء حتى اللحظة ، و حتى هذا التوقيت لم يتدخل احد لكن المجموعة الجديدة الذين قدموا من خارج تعز وتحديدا من شمال الشمال كما ميزهم ابناء الحي وفشلوا في اقناعهم بالعدول من استخدام سطح القصر و طردهم بلطف من الحي انتشروا و تمركزوا في موقع الدفاع الجوي في " الممطار".
انا من تعز و تحديدا من صاله ، صدقوني امقت هذه العصبويات ، ناهضنا الحرب منذ اربعة و تسعين وما بعدها ، كان اخي الطبيب يذهب الي حدود عدن ضمن طاقم المستشفى العسكري فتظل امي وزوجته ايام وليالي دون نوم حتى يعود ، اتذكر انه رواى لنا فضاعات من مخلفات الحرب ، كيف شاهد اناس يسلبونا القتلى اشيائهم الشخصية حتى الساعات و اسلحتهم بينما كان يكتفي بالعودة سالما ؛ امي رحمها الله كانت تحضه كلما اعاد حكاية جديدة و تزجرة اياك ان تسول لك نفسك اخذ ولو طلقة رصاص واحدة ، و بالفعل قتلة حينها من قتلى من الطواقم الطبية ، و كان هو يعود كما لو انه ولد من جديد بالنسبة لاولده و نحن.
استعيد كل ذلك لاننا اسرة مسالمة ، لم يعلمنا والدي رحمة الله عليه ان نحمل حتى عصا ، و اليوم ابلغني اخوتي انهم تسلحوا و انهم سيدافعون عن انفسهم من الحوثيين ، و فرق علي عبدالله صالح التي استغلت تلة اعلى منازلنا وتقصف منها على المدينة ، و ثعبات و بعض احياء المدينة. ولم يسلموا من اي شي الرصاص الراجع و القصف الذي يقض مضاجع الاطفال و عسكرة الحياة برمتها. سيقول البعض انبريت اكتب واندد لان الحرب طرقت ابواب حينا او مساكننا ، فأقول ليس دم الاخرين و لا و لا اعراضهم مباحة و لكن كل بيت يمني مع الحرب او ضدها يسقط منه جريح او شهيد يثقبوا قلوبنا كل لحظة و كل يوم.
ابلغني اخوتي انهم سيدافعون عن انفسهم هكذا اكدوا و عن الحي الذي نبت فينا ونبتنا داخله ، و نحن نعرف كل من تحوثوا و نعرف مرتزقة علي عبدالله صالح اسما اسما وبيتا بيتا ،و نحفظ المتحوثيين منهم الجدد و القداما في صالة تحديدا ومن استقدمهم ومن يأويهم. مع العلم اننا وابناء هذا الحي جميعنا نرتبط بكل حب واخاء بعلاقات اسرية و اخوية و لا يوجد اي شائبة بين ابناء الحي وانتمائتهم ولا احد يبحث عن توجهات احد. و هنا أأكد ان اي من ابناء صالة تدخل او قرر ان يخوض في مغمامرة الهجوم على بيوتنا ومساكننا لا يلوم الا نفسه و اي اضرار في الممتلاكات و الارواح او اي استهداف لاخوتي سيكون التصرف بابشع و الرد اقسى. من قدموا من خارج الحي ومن خارج المدينة يتحملوا عواقب التمترس هناك و هذا بلاغ للناس.