عندما قال شيخان الحبشي للشيخ محمد بن أبوبكر بن فريد أنت عدو للغنم    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    عضو مجلس القيادة الدكتور عبدالله العليمي يعزي في وفاة المناضل الشيخ محسن بن فريد العولقي    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    "ثورة شعبية ضد الحوثيين"...قيادية مؤتمرية تدعو اليمنيين لهبة رجل واحد    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    فيديو مؤثر.. فنان العرب الفنان محمد عبده يكشف لجماهيره عن نوع السرطان الذي أصيب به    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    "ضمائرنا في إجازة!"... برلماني ينتقد سلوكيات البعض ويطالب بدعم الرئيس العليمي لإنقاذ اليمن!    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    جريمة مروعة تهز شبام: مسلحون قبليون يردون بائع قات قتيلاً!    لماذا رفض محافظ حضرموت تزويد عدن بالنفط الخام وماذا اشترط على رئيس الوزراء؟!    رصاصاتٌ تُهدد حياة ضابط شرطة في تعز.. نداءٌ لإنقاذ المدينة من براثن الفوضى    ليفربول يعود إلى سكة الانتصارات ويهزم توتنهام    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    أين تذهب أموال إيجارات جامعة عدن التي تدفعها إلى الحزب الاشتراكي اليمني    ورشة في عدن بعنوان "مكافحة غسل الأموال واجب قانوني ومسئولية وطنية"    السلطة المحلية بمارب توجه بتحسين الأوضاع العامة بالمحافظة    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    خصوم المشروع الجنوبي !!!    لماذا اختفت مأرب تحت سحابة غبار؟ حكاية موجة غبارية قاسية تُهدد حياة السكان    افتتاح دورة مدربي الجودو بعدن تحت إشراف الخبير الدولي ياسين الايوبي    مجلس القضاء الأعلى يقر إنشاء نيابتين نوعيتين في محافظتي تعز وحضرموت مميز    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    تنفيذي الإصلاح بالمهرة يعقد اجتماعه الدوري ويطالب مؤسسات الدولة للقيام بدورها    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بغزة وارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و683    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    صحيفة بريطانية: نقاط الحوثي والقاعدة العسكرية تتقابل على طريق شبوة البيضاء    ماذا يحدث داخل حرم جامعة صنعاء .. قرار صادم لرئيس الجامعة يثير سخط واسع !    غدُ العرب في موتِ أمسهم: الاحتفاء بميلاد العواصم (أربيل/ عدن/ رام الله)    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    ماذا يحدث في صفوف المليشيات؟؟ مصرع 200 حوثي أغلبهم ضباط    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصور الإمام.. هل تحمل أوزاره لتستحق الهدم!
نشر في الجمهورية يوم 27 - 09 - 2012

على مدى ال«14» عاماً التي تقلد فيها الإمام أحمد حميد الدين الحكم من عاصمته السياسية “تعز” راح يشيد عشرات القصور ودور الحكم والدواوين الملكية والإدارية أكثرها لتسيير أمور الدولة وأقلها لمسكنه الخاص مع أفراد أسرته وزوجاته وأصهاره، وإن كان هذا هو ما تردد في ألسن الناس طيلة النصف قرن الماضي منذ تقوضت وإنهارت مملكة الإمامة، غير أن للعزي محمد مصلح مدير عام مكتب الهيئة العامة للآثار بتعز سابقاً قولاً مغايراً نوعاً ما: لما شاع عن تلك القصور وبهرج الحياة التي عاش فيها الإمام أحمد مع أسرته وحاشيته وأصهاره ورجال دولته.
كما لا يبتعد كلام الأستاذ محمد عبدالرحمن المجاهد عما قاله العزي محمد مصلح.. فإلى السطور التالية.. مما قاله وما رصدناه من سواهما عن التقييم المنصف لمدى استحقاقه الإمام أحمد لما شيده ولعل الأهم من هذا كله هو الرصد والتعريف للقارئ عن قصور ودور الإمامة لا سيما ونحن نعيش الذكرى الذهبية لمرور نصف قرن على قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر من الانتصار على ذلك العهد البائد.
قصور الحكم
وإن كنا قد نشرنا في صحيفتنا خلال السنوات الماضية أو لعل صحفاً أخرى ومراجع غيرها قد أتت على ذكر قصور الحكم الإمامي لكن لا بأس من رصدنا لها مجدداً وعلى عجالة.
ولأن قصر “المقام” الكائن في العرضي كان أهمها فلم يكن سكناً خاصاً بالإمام أحمد وزوجاته وأبنائه فحسب بل كان يستقبل في أسفله رجالات الدولة وأعيان البلاد ومشائخها، وعلى بعد نحو “30” متراً أسفل القصر ينتصب قصراً مماثلاً للأمير عبدالله حميد الدين أهم وأقرب أشقاء الإمام أحمد وفيما بين القصرين وحولهما تتوزع ممرات وأفياء وثمار وشذروان وأقفاص للأسود والقردة والطيور واصطبلات للخيول، ولأن كثيراً من ذلك ظل إلى مابعد الثورة بعشرات السنوات إلى ماقبل نحو عشر سنوات خاصة حديقة القرود، غير أن المحزن فيما تهالك من ملحقات قصر “المقام” هو حمام المياة البخارية المبني بالنمط التركي الجميل في الجهة الغربية من القصر تماماً حيث التهمت آخر جدرانه وقبابه مساحة كلية الآداب.
حيث يدرس الطلاب أهمية الحفاظ على تاريخهم ومتعة الاستمتاع بعبق الماضي بدلاً من معاقبته وتحميله وزر من شيدوه!!
حالياً ما تزال بواقٍ من جدران الحمام الأثري وجدرانه المكسية بالقضاض باقية لكن الطريق إلى ترميمها يبدو بعيد المنال طالما والقصران الأصليان في المقام لا يزالان آيلان للسقوط “وسقائل” الترميم مرصوصة على جدرانهما دون عمل يذكر منذ نحو “6” سنوات.
قصر صالة
إن كان قصر المقام في العرضي شيد نهاية الأربعينيات فور تقليد الإمام أحمد عرش أبيه فقد شيد قصر صالة منتصف الخمسينيات بعد حركة 1955 ويحكي الأستاذ العزي محمد مصلح مدير فرع الهيئة العامة للآثار بتعز سابقاً أن الإمام أحمد كان مغرماً بالتنزه في صالة فقرر تشييد ذلك القصر الجميل وعلى أسفله شذروان كبير تتراقص فيه المياه وتجود من أسفله بسواق للأهالي والمواشي ووادي صالة، ويضيف العزي:
لكن القصر منذ نحو عشر سنوات بدأت مداميكه تتآكل وتتشرب مياه الأمطار وبدلاً من تلبية صرخاته وصرخات المعنيين بآثار البلد تردد كلام بأن لا فائدة من ترميم القصر وأن الأسلم هو هدمه تماماً وتشييد كلية للمجتمع على أنقاضه وهذا بالفعل ما أكده المهندس فيصل مشعل مدير عام مكتب الأشغال بتعز.
وبحرقة أشد يتحسر العزي مصلح بل وكانت السطور وكل من يتذكر مبنى “المجتمع الحكومي” المسمى لا حقاً بعد الثورة والذي كان قبلها داراً للضيافة في العهد الإمامي وشيد على طابقين فقط وبأحجار قوية فلا يختلف أثنان على كون قرار هدمه كان مجافياً للعقل ولعل مبرر احتياج الدولة لأرضيته لبناء فرع مكتب المالية هو أيضاً ضرباً من السخف والعبث إذا يتساءل المرء هل ضاقت وتقلصت ونهبت أراضي الدولة والأوقاف في أطراف وأفياء مدينة تعز إلى هذا الحد حتى لا تبقى إلا أرضية ذلك المبنى الجميل الذي دخل طي الذكريات بدلاً من ترميمه والاستفادة منه لإقامة أنشطة ثقافية أما الجديد ذكره فقد كان المبنى داراً للضيافة لاستقبال وإيواء الوفود الدبلوماسية والشخصيات المرموقة من البلد آنذاك وفترة حكم الإمام أحمد الذي أمر بتشييده فور تقلده الحكم.
جراش الدبابات
على أكمة تطل على مدينة تعز تدعى أكمة “ العكابر” كان الإمام أحمد يحتفظ بنحو عشر دبابات “T35” أشتراها من السوفييت وقد تدرب عليها مجموعة من الضباط كمحمد جمال وعبدالجبار سيلان ومحمد محمود ومحمد وجيه وآخرون ممن يتذكرهم العزي محمد مصلح المتخرج من الكلية الحربية من العراق سنة 1972م وعموماً ظل جراش الدبابات يحمل ذات الاسم وذات الخدمة حتى شيد على جزئه المطل على المدينة منزل الرئيس السابق علي عبدالله صالح بعدها تقلصت مساحة الجراش ليصبح مقراً للتموين العسكري أما الآن فلا دبابات ولا تموين إلا ما يخدم ويحرس ذلك المنزل.
أول قصر جمهوري .. صار مقراً للأحزاب
بعد نصف قرن من زوال حكم آل حميد الدين وقيام ثورة سبتمبر الخالدة ثمة مبنيين اثنين متجاورين من جملة العقارات والقصور التي تحولت من أملاك الإمامة إلى أملاك الجمهورية الأول هو قصر أحد زوجات الإمام أحمد وأبرزهن صيتاً وثراءً وزهداً في آن واحد وهو المبنى الذي سمي بعد الثورة ب فندق الجند وحالياً مطعماً سياحياً وصالة للأفراح والمناسبات.
القصر المبني من الآجر ما يزال متماسكاً بل ويحظى بترميمات كل بضعة أعوام تجعله من أجمل المباني القديمة المتصلة بتلك الحقبة والمؤهلة كذلك لمجارات العصر ويتساءل البعض عن سبب ذلك الصمود للمبنى وسر رونقه دوناً عما سواه من المباني والقصور والعقارات التي خلفتها الإمامة كقصر صالة وقصور العرضي ووو...إلخ.
وللإجابة الشافية على ذلك أن قصر ابنة القاضي نصار بعد بضع سنوات من هروبه إلى المملكة مع سائر زوجات وعائلة الإمام استعادت القصر من أملاك الدولة ربما بحكم قضائي أو أمر رئاسي، ويذهب العزي مصلح مدير عام الآثار بتعز سابقاً إلى أن ابنة نصار كانت من أسرة ثرية إضافة إلى أن معزتها الخاصة لدى زوجها الإمام أحمد ربما سخر لها تنمية ثروتها والاستثمار من العقار ومع هذا يروي العزي مصلح أن المرأة المنحدرة من محافظة حجة مسقط رأس الإمام اشتهرت في زهدها وعزوفها عن بهرج الملك وزخارف الحياة وشهواتها فهي لم تنجب للإمام ذرية فانصرفت إلى التصوف وفعل الخيرات وبناء المساجد كجامع نصار الكائن في الجحملية وعودة إلى قصرها الذي صار مطعماً وصالة للأفراح وسميت الصالة ب “الملكة” تيمناً بذكرى الملكة مجازاً بنت نصار عودة إلى كشف أسباب بقاء القصر حالياً وسر تماسكه، فلا سبب سوى أن المبنى عاد إلى الأملاك الخاصة لآل حميد الدين واستمر إلى اليوم والأصح لورثة زوجته “ المتصوفة الزاهدة” بنت القاضي نصار.
المقارنة
وبمقارنة مبنى فندق الجند سابقاً “قصور زوجة الإمام”
بمبنى مقر فرع المؤتمر الشعبي العام بمحافظة تعز الذي بني بعد قصر بنت نصار بسنوات وبأحدث المواد من الخرسان الاسمنتي المسلح كأول مبنى من نوعه في تعز وربما اليمن يحمل تلك المواصفات العصرية في تلك الحقبة الإمامية من منتصف الخمسينيات، بمقارنة هذين المبنيين المتجاورين في المكان والمختلفين في المواصفات يتضح أن المبنى الخرساني الحديث قد طالته التشققات ونخر الصدأ أحشاءه الخرسانية وهو المبنى الفريد الذي بني بالنمط الإنجليزي القادم من عدن وقد شيده حسب ما يروى عبدالكريم عبد الإله صهر الإمام أحمد حميد الدين والد إحدى زوجاته.
لكن الجدير بالذكر هنا أن هذا المبنى العريض المشرف على وسط مدينة تعز من على تلة منبسطة قد صُودر على آل حميد الدين وتحول فور بزوغ ثورة سبتمبر إلى أول قصر جمهوري في محافظة تعز ولعل هذه المكانة يفترض أن تكون كافية لصون المبنى من عوامل الزمن والإهمال الحكومي، لكن الحاصل الذي حل بالمبنى للأسف بعد تشييد القصر الجمهوري الحالي هو ذاته ما حل بمعظم القصور والدور والعقارات المماثلة من إهمال فالمبنى العريض تحول منذ قيام الوحدة عام 1990م إلى فرع مقر الحزب الاشتراكي اليمني ثم تحول بعد حرب صيف 1994م إلى فرع مقر حزب المؤتمر الشعبي العام بتعز ولا يزال حتى الآن كذلك دون دفع ريال واحد لأملاك الدولة، وكذلك دونما أدنى ترميم.
دار الناصر ودار النصر
سألنا الكثير من سكان مدينة تعز ممن عاصروا عهد الإمامة لنتعرف على العقارات الخاصة التي بنيت من خزينة الدولة المتوكلية لزوجات وجواري وأسرة وأقارب ورجال الإمام أحمد سواء في الجحملية الحي السياسي للحكم أو وسط المدينة القديمة في الأسفل فلم نجد في الجحملية كما أسلفنا في زوايا أخرى من هذا الملف سوى دار السيد محمد عباس والد زوجة الإمام ومنزل والد زوجته الأخرى عبدالكريم عبدالإله مقر حزب المؤتمر حالياً ولن ندعي أننا بذلنا جهداً في التوصل إلى حقيقة بناء تلك الدور من خزينة الدولة الإمامية أم حر مالهم، لكننا تجولنا في المدينة القديمة لنلتقط صوراً ونتعرف على دار الناصر ذائع الصيت فلم نجد له أثراً فقد بنيت على أنقاضه مدرسة “مجمع هائل التعليمي للبنات” وعن ماضي بناء ذلك الدار وملكيته يقول الأستاذ محمد عبدالرحمن المجاهد أن جده الأسبق يحيى بن أحمد بن علي المجاهد بناه في أواخر أيام الأتراك وقد كان الدار يسمى «بدارالعطبة» لالتصاقه بشجرة قديمة لثمرة القطن، وبعد تقلد الإمام أحمد الحكم اشترى الدار من المجاهد وسماه بأحد صفاته التي ابتدعها لنفسه فكان “دار الناصر”.
ويضيف الأستاذ/محمد عبدالرحمن المجاهد أن دار الناصر أو دار “العطبة” تم هدمه في العام 1968م بقرار رسمي أرعن تماماً كما تقوضت دور وقصور كثيرة بدلاً من ترميمها والاستفادة منها، للشئون الثقافية والتراثية والفنية والحفاظ أولاً على تراث وتاريخ الحقب والعقود المتعاقبة من عمر اليمن.
دار النصر
لم يكن تعلق الإمام أحمد وتولعه بمدينة تعز حتى صارت عاصمة للحكم أمراً مبالغاً فيه لاسيما وعلاقة المدينة بجبل صبر زادت من عشق المكان فقبل نزول الإمام أحمد والياً للعهد في تعز كان سلفه في الحكم هو الأمير علي الوزير الذي تغلب على إصابته بالعور في احدى عينيه بتوسعه في العلم والأدب وعلوم الفقه والقضاء والسياسة، ولأن الرجل كان شاعري الإحساس فقد ترك مدينة تعز لسائر مرافق الحكم واعتلى وسط جبل صبر مقر فندق جبل صبر حالياً وشيد قصراً جميلاً يطل على المدينة ومن بين جدرانه وتحت أسقفه المزخرفة سير أمور الحكم لأكثر من عقد لكن الإمام أحمد خلفه واكتفى بالقصر متنزهاً ومقراً إدارياً للشرطة والقضاء بعد أن سماه ب“دار النصر” ولا تزال تسمية قرية “صهلة” تنعت غالباً ب“دار النصر” والمحزن أيضاً أن الدار أو القصر تم هدمه بمبررات واهية لا تدخل العقل قبل نحو “15” عاماً.
وسط المدينة القديمة والباب الكبير
يذكر الأستاذ/محمد عبدالرحمن المجاهد أن سور مدينة تعز القديمة لاتزال منه أطلال بسيطة وأن من شيده هو الإمام مطهر بن شرف الدين الذي حكم مدينة تعز قبل دخول الأتراك.. أما الباب باب موسى فقد شيد قبل أن يأتي الإمام أحمد إلى تعز لكنه أغلق المدينة من الناحية الشرقية بباب آخر وأوسع وأجمل وسمي حتى اليوم ب“الباب الكبير” ولأهمية ذكر الجميل في مهام وزارة الثقافة قبل أعوام لتداركها حث الصندوق الاجتماعي للتنمية على إعادة ترميم وتأهيل البابين على النحو الحالي لكن السيء في الأمر أن بيت الفن للفنون التشكيلية وحدها من حاربت للحصول على جناح من غرف الباب الكبير لكن باقي المرافق ما تزال بعد تجديدها وترميمها في قبضة قسم الشرطة ومرافق أخرى ما يزال فرع حزب المؤتمر الشعبي العام يتحصل على إيجاراتها.
قصور الجحملية وأشغال الروضي
لا تتعدى الدور والمباني التي شيدت لكبار رجال الإمام أحمد في الجحملية خاصة ال”30” داراً وإن كان الإمام قد أوكل الروضي من أصل تركي والد الطبيب المعروف عبدالكريم الروضي مهمة الإشراف على بناء تلك القصور وكذا المساجد كجامع العرضي أن كان ذلك فإن من التقيناهم من كبار السن في الجحملية من عاشوا وعملوا في قصر الإمام كالحاج محمد الجلب، ومحمد المقدشي، وصالح الكوكباني، وعبدالكريم زكريا أكدوا لنا أن معظم تلك المباني الخاصة بكبار رجال المملكة المتوكلية بنيت من حر مال أولئك بدليل أنهم لم يتذكر أي منهم أن محمد الروضي أشرف على بناء أياً من دورهم تلك كدار القاضي الوشلي والذاري بصرف النظر عن إمكانية حصول أصحابها على عطايا نقدية من خزينة الإمام أم لا.
لعل ما كان يتعلل به بعض المعنيين وربما ما يزالون يبررون إهمالهم ذك لكل مخلفات الإمامة هو دافع الكراهية لتلك الحقبة من الزمن البائدة، وقطعاً يتفرد المعنيون المماثلون في العالم ممن لا يصبون جام سخطهم ونقمتهم على كل عقار وتراث يتصل بأسلاف الحكم، صالحين كانوا أم طالحين، فلا وزر للتراث والتاريخ يحمل بذنب من عاشوا وحكموا من بين أضلاعه.
كيف اختفى بهرج الإمامة المتوكلية؟
جواريه وعبيده.. مجوهراته وخيوله الأصيلة!
بمقارنة الملك عبدالعزيز آل سعود الذي قيل بأنه امتلك نحو (300) من الجواري والإماء بالإمام أحمد حميد الدين الذي زهد ب(18) جارية “فقط” نجد أن الأخير فعلاً بالغ الزهد بالنساء لكن هذا لا يبرئ صاحبنا من تهمة التحايل على الدين والمقاصد الشرعية، فالإسلام عندما جاء بمرحلة انتقالية من الكفر إلى الإسلام راعى أهمية التخلي التدريجي عن الجواري والعبيد فلم يحرم امتلاك الجواري والعبيد لكنه حث على العتق لكن الإمام أحمد وكثير من الملوك في عصره والعصور التي قبله فهموا الدين كما يحلو لهم وبما يتماشى وشهواتهم الجنسية ورغباتهم التسلطية فكان امتلاك الإمام للعبيد والجواري مكملاً هاماً لإضفاء الهيبة والبهرج على الملك.؟
الدويدار
يحكي الوالد الحاج محسن راجح الآنسي الذي كان يعمل “مراسلاً” في قصر الأمير عبدالله شقيق الإمام أحمد القصر الواقع أسفل قصر المقام الخاص بالإمام أنه يتذكر جيداً يوم كان عمره“15” عاماً قبل قيام الثورة بعامين أن جواري الإمام كان عددهن“18” لكنه أبداً لم يكن مسموحاً له ولا لسواه مشاهدة أياً منهن فقد كان وحده الدويدار مسموحاً له بدخول القصر وتلبية شراء حاجيات جواري الإمام ونسائه أيضاً.
والمعروف عن“الدويدار” أنهم صفة ينعت بها أي رجل بالغ يفتقر تماماً إلى شهوة الجنس إما بمرض خرج به منذ ولادته أو بسبب تعرضه لحادث أو ما إلى ذلك، ويرى الحاج محسن راجح الآنسي أنه من السخف اتهام البعض للإمام أحمد أو حتى والده بأنه كان يخصي الصبي ليستعمله “دويدار” يأمن عليه حريمه وجواريه وبناته.
مصير الجواري
وعن جواري الإمام ال“18” يضيف الحاج محسن راجح الآنسي أن الموالين للإمام فور انفجار الثورة قاموا بنقلهن جميعاً مع نسائه الثلاث وابنته أيضاً إلى دار السيد محمد عباس المقابل لقسم شرطة الجحملية سابقاً والسيد عباس هو والد أحدى زوجات الإمام أحمد وقد صودر منزله إلى أملاك الدولة لاحقاً لا يزال حتى اليوم.
من جانبه يضيف العزي مصلح مدير عام الهيئة العامة للآثار بتعز سابقاً أن المملكة العربية السعودية والأردن ووو...حثوا الصليب الأحمر الدولي على إرسال طائرة خاصة نقلت زوجات الإمام وجواريه من تعز إلى المملكة العربية السعودية حيث تعين على الملك عبدالعزيز آل سعود احتضان كافة أسرة آل حميد الدين وتعيين رواتب شهرية لسائرهم فضلاً عن تأمين المساكن وما يزالون حتى اليوم!
قصص الجواري
ولعل ما أمكن كاتب السطور من جمعه عن ما حل بجواري الإمام لم يكن كافياً وشاملاً عنهن مما رصدناه عن اثنتين فقط الأولى لا تتذكر والدة المحرر “المصدر” إسمها جيداً لكنها كانت تدعى بنت الكوكباني.
والحكاية المؤلمة عن المرأة أنها كانت ذات حُسن وجمال لكنها لم تكن محمية بأسرة واتباع مخلصين للإمام لتظل آمنة و مكفية بالمأكل والمشرب كسائر زوجات الإمام وجواريه اللائي أنجبن له البنين والبنات كوالدة عبدالله والقاسم على سبيل المثال، لذا فقد ظلت ابنة الكوكباني لبضعة أيام قبل وصول طائرة الصليب الأحمر الدولي تنتقل خلسة من بيت إلى بيت في حي الجحملية “قرب الجولة” وما أن يشتد بها الجوع حتى تخنس إلى بيت السالمي لشراء الملوج الخبز والعودة إلى مخدعها المستور بعيداً عن عيون الجمهوريين المتحمسين بالتنكيل بأسرة الإمام وتروي أمي أيضاً أنها التقت بتلك المرأة بعد مضي عشر سنوات من قيام الثورة في جبل أبا قبيس أثناء موسم حج ذلك العام.
وعرفت منها أنها لم تتزوج بعد الإمام أحد، وما عرفناه نحن في حي الجحملية أنها توفيت قبل نحو عشرة أعوام وخلفت تركة تقدر بعشرات الملايين لعائلات أشقائها وشقيقاتها في الحي ممن نعرفهم.
الحكاية الثانية هي للجارية السمراء التي توفيت قبل نحو(3) سنوات فقط بعد أن أمضت عمرها بعد قيام الثورة في إحدى غرف المبنى المتصل بقسم شرطة الجحملية سابقاً، ومنذ نعومة أظافري وأنا أذهب وأغدو من وإلى المدرسة وسوق الجحملية ومشهد تلك العجوز المسكينة حفر له خصوصية في الذاكرة، كنا وحتى وفاتها قبل 3سنوات يدفعنا فضول الرائحة الزكية المنبعثة من مخدعها المتهالك والنظيف معاً، رائحة الطهي فقط على مواقد الفحم عند الظهيرة وروائح البخور المصنوع بالأيادي الحبشية عند المساء وعلى طول سنوات مرورنا أمام بابها نصف المغلق لم نعرف لها اسماً غير أم “عبدالله”.
عبيد الإمام ودارهم المحتضار
إن كانت جواري الإمام ال “18” تسكن في قصره المسمى ب “المقام الشريف” فقد كان للإمام أيضاً أكثر من “40” عبداً حسب رواية العزي مصلح الذي عاصر عهدهم وفقه تاريخ اليمن برمته وقد كانت أبرز مهام العبيد حمل المظلات من الشمس أثناء ترجل الإمام القصر أو أثناء ركوبه الخيل خارج القصر فضلاً عن مهام أخرى لكن الحاج/ محسن راجح الآنسي نفى أن أحداً من أولئك العبيد كان معني بتنظيف القصور ومرافق الحكم فقد كانت تلك المهام لعمال نظافة آخرين.
وعند المساء يتوجه معظم العبيد للمبيت في دارهم الخاصة ذات الثلاثة طوابق في أعلى المدينة القديمة حسب ما توضح الصورة المرفقة التي التقطت قبل الثورة والدار المسمى ب «دار العبيد» مايزال شامخاً لكنه مهمل ومهترئ أيضاً وينتظر شقة الموت.
الخيول
حتى الخيول التي اعتنى بها الإمام أحمد والبالغ عددها نحو “60” فشل الثوار في الحفاظ عليها ربما لأنها كانت تذكرهم بالطاغية تماماً كالقصور عموماً توفي قبل “3” سنوات أشهر ساسة خيول الإمام أحمد هو المرحوم الذي عرفناه ب “حجفه” لكن أحد من عملوا في قصر الإمام وكان على حد قوله مشرفاً على تربية الخيول لا يزال بصحة جيدة يدعى يحيى ضبيان “85عاماً” انتظرته حتى أكمل لعبة الضمنة في النادي الأهلي بتعز وسألته عما يتذكر عن قصر الإمام ووو... فعزف عني قائلاً: قد رحل ورحلوا من بعده وأنتم عادكم تعصدوا فيه لكن هدأ وقال: أنا كنت تبع الخيول وما زلت حتى اليوم أتذكرها وحزين عليها.. سألته أين ذهبت؟ قال: جاء واحد تاجر يمني من الحبشة واشتراها!.
مصير المجوهرات
وعن خزائن المجوهرات الخاصة بالإمام وزوجاته وسائر أسرته مما لم يتم تهريبه أو سرقته وصناديق من العملات الذهبية والفضية خصص لها لجنة بإشراف القوات المصرية التي دخلت اليمن بعد عشرين يوماً من اندلاع الثورة وبعد أن تم جردها ذهبت تلك الثروة في صناديق محكمة الإغلاق إلى جمهورية مصر العربية وظلت هناك إلى أن تولى رئاسة الجمهورية العربية اليمنية المرحوم الزعيم/ إبراهيم الحمدي فتوجه إلى الرئيس السادات في مصر واستعاد الثروة وقيل أن شيئاً لم ينقص منها.
فاستفاد الحمدي من تلك الثروة في تأمين العملة اليمنية وكانت تلك الخطوة من منعشات الاقتصاد اليمني في عهد المرحوم الحمدي.
هل كان القضاء مستقلاً قبل الثورة
لا ندري هل من الضرورة أن نأتي على ذكر العهد الإمامي في مثل هكذا مناسبات بأعياد الثورة- لنلقي عليه فقط بكل ماهو قبيح ونتجاهل كل ما كان جميلاً وإنسانياً، قطعاً يجد المرء نفسه في ورطة لكن الأمانة الصحفية لا تعرف إلا ذكر الحقيقة كيفما كانت.
- خلال السنوات أو العقود الماضية سمعنا كثيراً عن عيوب العهد الإمامي “ التجهيل والجوع الفقر والمرض ووو...” لكنا أحداً منا لم يسمع عن ظلم وفساد في القضاء تفشى في ذلك الزمن مقارنة بما تلا قيام الثورة وحتى اليوم!
- على غير ما يتوقعه كثير من القراء فيمايلي بلسان الاستاذ العزي محمد مصلح من أن ثورة 1955م لم تكن ثورة بل كانت حركة انقلابية قام بها مجموعة ضباط عاقبهم الإمام لقيامهم بالاعتداء على أهالي إحدى قرى الحوبان ونهب ممتلكاتهم ورغم ذلك لم يأمر الإمام بإعدامهم إلا بعد محاكمة قضائية واستفتاء شعبي في ميدان الشهداء قبل جز أي من رقابهم والدليل على ذلك تلك المقولة التي ترددت عن لسان الشهيد الثلاياء “لعن الله شعباً أردت له الحياة فأراد لي الموت” بمعنى أن الأغلبية في الميدان أيدوا الإمام وإن كان منهم أو أغلبهم بدافع الخوف والجهل إلا أن العبرة في هذه الجزئية هي حرص الإمام على تنفيذ الأحكام علناً وابتعاده عن التنكيل بمعارضيه سراً وبأياد غادرة وبلا محاكمات ولعل هذا ما يحسب للإمام بصرف النظر عن نية كثير من الشهداء الأحرار وعلى رأسهم الثلاياء والعلفي واللقية...الخ نيتهم في التخلص من الإمامة المتخلفة ودفع حياتهم في سبيل ذلك.
جارية الزبري
- ومن أبرز القصص المعروفة لحرص الإمام على تنفيذ أحكام الشرع واحتكامه للقضاء المتمتع بحيادية مطلقة هي قصة إحدى جواريه المنحدرات من زبيد فقد حكي أن أحد أهالي منطقة زبيد أدعى ملكيته لتلك الجارية فما كان من الإمام أحمد إلا الامتثال إلى ما سيقضى به قاضي زبيد فأرسل الإمام إليه وكيلاً للتقاضي مع ذلك الرجل وبعد مرور عدة جلسات دامت طيلة عامين ظلت خلالها الجارية في منزل قاضي زبيد ذاته لم يسلمها للإمام وبعد عامين صدر الحكم بملكية الإمام للجارية حينها فقط استعاد الإمام جاريته! وأعيدت إلى قصر المقام الشريف.
مياه ثعبات
- ومن القصص الشهيرة لاحترام الإمام للقضاء أن منذ توليه ولاية العهد كان يستأثر بمعظم المياه العذبة المنحدرة من جبل صبر ومن قرية ثعبات تحديداً – لكن سكان المنازل الواقعة بين قصره في العرضي وقرية ثعبات تكاثرت وحقول الأهالي زادت حاجتها للمياه فراحوا يقطعون عليه المياه مراراً وتكراراً وكلما أرسل عكفته وعماله لإعادة المياه بالنهار يخرج الأهالي ليلاً ويقطعون عليه الماء حتى ضاق الإمام وأرسل يطلب من يمثل الأهالي للتفاوض معه بشأن المياه فوصل إلى قصره الفقية محمد ناجي فقال له: يامولانا هذه المياه حياة الناس وتنبع من أراضينا أسفل جبل صبر الناس قد استأثرت بمعظمها نهاراً حتى تضرر الناس والأرض والبهائم فلا نرجو إلا العدل، وبعد أخذ ورد مع الإمام احتكم الطرفان للقضاء الذي أفضى- بامتناع الطرفين لاحقاً – بأن يستفيد أهالي ثعبات والجحملية من الماء طوال النهار فيما تتحول مياهه ليلاً إلى ساقية الإمام.
- لكن أبرز و أشهر قصص حيادية القضاء ونزاهته أيام الإمام هي قصة عنجهية الشخص المعني بإعدام المحكوم عليهم بذلك والمسمى ب“ الوشاح” بعد أن تورط في قتل أحد الباعة البسطاء في شارع الجحملية “جوار دكان مخسه” فلم يأبه الإمام لاستغاثة الوشاح بالعفو عنه أو تركه ليلوذ بالفرار فما كان إلا أن ذُبح بذات السيف الذي جز به مئات الرقاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.