لا يزال العقيد الركن يحي صالح العيزري، قائد كتيبة حماية التلفزيون (الفضائية اليمنية)، مختطف لدى مليشيا الحوثي، منذ ما يزيد عن عام وثلاثة أشهر، ولم يفرج عنه حتى اللحظة. تعرض العقيد العيزري، للاختطاف في ذات اليوم الذي تعرض فيه مبنى التلفزيون للاقتحام من قبل المئات من مسلحي المليشيا، واختفى بعدها عن الأنظار، فيما تشير معلومات إن المسلحين قاموا بنقله وأخرين إلى أحد سجونهم في مديرية ضحيان بمحافظة صعدة.
كان العيزري يؤدي عمله هو وجنوده وقد سطر هذا الضابط وجنوده أروع المواقف وتحملوا الحصار الخانق عدة أيام قبيل عملية الاقتحام.
منعت المليشيا عنهم الماء والغذاء، فيما كان وزير الدفاع، المسؤول عنهم، يرفض مدهم بالتعزيزات العسكرية والمواد الغذائية، وحتى مياه الشرب.
كان بإمكان العيزري أن ينسحب وأن ينجو بجلده لو أنه رضي بفتح قنوات اتصال مع قيادة الحوثيين، كما فعل العشرات من قيادات الجيش والأمن، معتبراً ذلك خيانة لميثاق شرفه العسكري، وللقسم الذي أداه يوم تخرجه من الكلية الحربية.
ظل هذا الضابط وجنوده البواسل الشرفاء يدافعون عن مبنى التلفزيون، والطاقم العامل فيه. كان يرتدي بزته العسكرية، ويتنقل من موقع إلى أخر.
لم يفكر بالإختفاء أو الهروب أو الانسحاب كما فعل العشرات بل المئات من الضباط والقادة العسكريين والأمنين الذين خانوا شرفهم العسكري، وسلموا الويتهم ومعسكراتهم واسلحتهم ومعداتهم إلى مسلحي المليشيا بلا اكتراث.
قال لي أحد الجنود المقربين من العيزري، أن عددا من قيادات المليشيا، وضباط يحملون رتبا عليا في الجيش حاولوا التواصل معه عدة مرات، وبشتى الطرق والوسائل من أجل إثنائه عن موقفه الرافض لتسليم مبنى التلفزيون للمسلحين، إلا أنه استمر هو وجنوده يدافعون عن المؤسسة.
بعد عدة أيام من الحصار الخانق الذي فرضه المسلحون الحوثيون، على مبنى التلفزيون، ورفض وزير الدفاع السابق إمدادهم أو التجاوب معهم سقط التلفزيون أثناء بثه المباشر واستغاثة الإعلاميين، وفي مقدتهم الزميل جميل عز الدين؛ قبض على العيزري وأجبر الجنود على تسليم أنفسهم في عملية تعد خيانة عظمى لهذه الكتيبة التي لحقت بها مؤسسات الجيش والأمن.
زج بالعشرات من جنود هذه الكتيبة في السجون التابعة لمسلحي المليشيا، وبعدها قيل أنه تم إطلاق سراحهم مقابل تعهدات التزموا من خلالها بالتأييد لما تصفه المليشيا ب "المسيرة القرأنية"، والإيمان بأهدافها ومبادئها على حد قول أحد الجنود. فيما لم يعرف حتى اللحظة مصير العقيد العيزري.
يقول أحد أقارب هذا الضابط أنه حصل على معلومات تشير إلى أن العيزري تعرض للاختطاف من قبل مسلحي الحوثي، وتم توقيفه في أحد المباني بالعاصمة صنعاء ثم نقله إلى أحد سجون ضحيان بمحافظة صعدة.
منذها بدأت رحلة البحث عن العقيد العيزري، من قبل شقيقه، وعدد من أفراد أسرته، في محاولة لمعرفة مصيره أو حتى الإطمئان عليه، إلا أنهم لم يتمكنوا من فعل شيء.
الضابط العيزري، ينتمي إلى منطقة "أنس"، بمحافظة ذمار، وأغلب أبناء "أنس"، بما في ذلك المشائخ والوجهاء ينتمون إلى جماعة الحوثي. رئيس مجلس النواب وأربعة من الأعضاء ينتمون إلى هذه المنطقة، إلا أنهم تخلوا عنه ولم يفعلوا شيئا.
المؤسف والمخجل أن كل ما يفعله هؤلاء المشايخ هو الدفع بالأطفال إلى ساحات الموت والدمار.
الخزي والعار لمن اقتصرت مهماتهم على التحشيد والتجنيد للمليشيات، ولم يجرؤوا حتى على سؤالها عن قريب لهم. لقد خذلوا هذا الضابط وتخلوا عنه، كما تخلت عنه قيادة الجيش وقيادة اللواء.
أغلق الجميع تلفوناتهم، وأبواب منازلهم أمام شقيق العقيد المختطف وأسرته التي حاولت الاستعانة بمن تعرف ومن لا تعرف حتى أنها ذهبت إلى صعدة عدة مرات وطرقت أبواب المنظمات وأقامت عمليات الاحتجاج ولم تحصل على غير وعود فارغة.
من يأبه لصراخ وأنين وحرقة أطفال هذا الضابط الذي لم يعرف مصيره حتى اللحظة؟!