لا يعجز اليمنيون عن إيجاد بعض الأسباب الباعثة للبهجة والتندر، بل إنهم يحولون بعض مآسيهم إلى أسباب للتندر والفكاهة، بطريقة مدهشة. مؤخراً، ابتدع مجموعة من الناشطين، ممن يهوون تعاطي نبتة القات، مبادرة أطلقوا عليها "عيد الغصن"، أو "اليوم العالمي للقات"، للإحتفال ب"القات"، الذي يعتبرونه من وجهة نظرهم، سبباً للإمتاع ونسيان الواقع المرير.
هذا اليوم أطلقته ما باتت تعرف ب"نقابة الموالعة – مالي"، التي تشكلت أيضا، في أروقة مواقع التواصل من قبل مجموعة من هواة "تناول القات"، ولاقت صدىً واسعاً من باب التندر والبحث عن الطرافة، وقد أجمع أعضاء هذه النقابة الافتراضية، على اختيار الكاتب الساخر "مروان كامل"، نقيباً "للموالعة اليمنيين"، والذي خرج في ساعة متأخرة من الليلة الماضية، ببيان مطول خاطب فيه "الموالعة والمولعيات".
"كامل"، الذي يطلق على نفسه "النقيب المنتظر"، هنأ الموالعة والمولعيات ب"عيد الغصن"، في خطاب مفعم بالطرافة، شكر فيه المتفاعلين مع "يوم القات العالمي"، أو "يوم الغصن"، متحدثاً عن فضائل "الولعة" (تناول القات)، وكذلك "الموالعة"، (هواة تناول القات).
كامل قال، إن فكرة "عيد الغصن"، لم تكن مجرد احتفال مع المحتفلين، بل فكرة هادفة، تطمح النقابة، أن تصبح موروثاً إجتماعياً وثقافياً لمعالجة الصورة المشوهة عن القات في الخارج بدرجة رئيسية، حسب خطابه.
تحدث نقيب "الموالعة" أيضا، عن حادثة قتل أمجد عبد الرحمن، نقيب "موالعة عدن"، والذي لا يزال القاتل يسرح ويمرح، متعهداً بعدم ترك دمه، حسب قوله.
"نقابة الموالعة" المعروفة باسم "مالي"، لم تكتفي بالاحتفال ب"عيد الغصن" على مواقع التواصل، بل انتقل الأمر، إلى شوارع صنعاء، ومدينة تعز، حيث عُلقت لافتات في العديد من الشوارع، لإحياء هذا العيد، إلا أن السلطات، وخصوصا في تعز، وجهت بإزالة هذه اللافتات، الأمر الذي أثار حفيظة "النقابة" على مواقع التواصل الاجتماعي، ودفعها إلى إصدار بيان استنكار.
ناشطون تفاعلوا مع هذه المناسبة، الساخرة، مشيرين إلى أنها تمثل محاكاة ساخرة للواقع، وردة فعل مشروعة، على فشل السياسة في استيعاب الطاقات الشعبية الخلاقة، التي سمحت ثورة فبراير بتفجيرها.
كما أن إعلان "عيد لتمجيد عادة تعاطي نبتة القات"، ما هو إلا تعبير عن حالة السخط، أو اليأس مما آلت إليه أوضاع البلاد، وخصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، الذين حولوا حياة الناس إلى جحيم، وابتدعوا مناسبات وأيام، لكل شيء بما في ذلك الموت، بينما يدنسون بشكل يومي كرامة الإنسان اليمني، ويمتهنونه، بطريقة غير مسبوقة.
تفاعل
وقد أطلقت نقابة "الموالعة"، "مالي"، هاشتاق للاحتفال بيوم الغصن باللغتين العربية والإنجليزية، #happy_qat_day و #يوم_القات_العالمي، وقد لاقى هذا الهاشتاق تفاعلاً من كثير من اليمنيين، الذين وجدوا في هذه المبادرة شيئا جديدا جديرا بالتفاعل من باب المتعة، والتندر.
الناشط عمار العولقي، قال معلقاً: "هاهم أصبحوا واقعاً! الموالعة أثبتوا أنهم أفضل أداءً وأكثر ترابطاً من مكونات أخرى كنا نتوسم فيهم الخير"، معقبا بالقول: "عيد مولعي سعيد وكل عام وأنتم بخير".
الناشط ماجد الأحمدي، بدوره قال: "إلى كل الموالعة الصابرين المرابطين كل عام وأنتم بألف خير".
لمياء الحروي، تفاعلت مع الحملة بطريقة مختلفة، حيث قالت على حسابها: "نهنئ جميع الموالعة اليمنيين والأجانب بمناسبة #عيد_الغصن"، متمنية أن تأتي المناسبة العام القادم، وقد أصبح "الموالعة" بدون أسنان، في رسالة تهكم للحملة ومنظميها.
انتقادات المبادرة، التي أطلقتها "نقابة الموالعة" كما أسماها أعضاؤها، لاقت انتقادات من قبل ناشطين ومثقفين، ممن اعتبروها، إضافة أخرى إلى خيباتنا كيمنيين.
وفي هذا السياق، قال الكاتب المناهض للقات، حسين الوادعي، إن مواقع التواصل الاجتماعي، امتلأت مؤخرا بخرافتين قبيحتين، الأولى خرافة الولاية "الحوثية"، والأخرى خرافة "القات".
الوادعي، ساوى في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك"، بين خرافة "الولاية الحوثية، وعادة "تناول القات"، مشيرا إلى أن الخرافة الأولى تقول إن اليمني وضيع وتابع وخانع، بينما تقول خرافة "القات"، حسب قوله، أنه يجب على اليمني، أن يظل، مخدرا ومضللا وقذراً وفاشلاً.
ولفت إلى أن الجامع المشترك بين "القات"، و "ولاية الحوثيين"، هو أن اليمن لن يتطور أو يبني نهضته ما لم يتخلص أبناؤه من هاتين الخرافتين.
الكاتب الوادعي أضاف: "خرافة القات أخطر من خرافة الولاية لأن اليمنيين عشقوا الجمهورية ويدافعون عنها ولن يقبلوا بخرافات الولايه، أما خرافة القات فقد غلبتهم وسيطرت عليهم حتى صاروا عبيداً لها وعشاقاً لكهنوتها".
مبادرة مضادة بالرغم من أن الاحتفال ب"عيد الغصن"، بدأ بفكرة ساخرة، إلا أنها تطورت لتتحول إلى سجال واسع، حول "القات"، والمشاكل التي يتسبب بها، سواءً اقتصادياً أو صحياً، وأيضا نفسيا، خصوصاً أن هناك العديد من البحوث التي تشير إلى أن تعاطيه يمثل نوعاً من الإدمان الذي يجب محاربته.
وكرد فعل على هذه المبادرة، أعلن مجموعة من الشباب في تعز، عن مبادرة مضادة، أطلقوا عليها حملة "تعز بلا قات"، علما بأنه سبق وأعلنت مبادرات وحملات مماثلة مناهضة للقات، منها مبادرة "أعراس بلا قات"، إلا أن تأثيرها كان محدود، كون تعاطي القات، عادة رافقت اليمنيين منذ عدة عقود، كما أنها أصبحت مصدر رزق للملايين، من المزارعين والباعة في مختلف المحافظات.