بمقدور كل يمني أن يختلف مع مواقف المملكة في كل مواقفها، وبمقدور كل يمني أيضا أن يكره المملكة حد اللانصاف، ويستطيع الإنسان (اليمني) أن يسب ويشتم مواقف (المملكة) التي يعتقد أنها تخذله بالدرجة الأولى، لكن مواقف واقعية يجمع عليها كل اليمنيين بلا استثناء المحب والكاره، وهي تلك المواقف المنقذة للإنسان اليمني التي يكون «للمملكة» كل الدور على كل المستويات سواء اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، ويد المملكة عميق بهذا الشأن منذ 80 عامًا تقريبًا ولا ينكر هذا إلا مكابر جاحد، ولعل هذا ما يشرف (السعودية) دائمًا على كل حال. إن السعودية لم تكن مجرد جارة لليمنيين وحسب، ولم تكن مجرد دولة تحافظ على دبلوماسيتها بما يخص تعاملها مع دولة ك«اليمن» أيضًا، بل كانت وما زالت الدولة الوجدانية لكل يمني، ولقد ظلت أيضا هي الرافد الأوحد للاقتصاد (اليمني) الهش الذي ينقذ الملايين من الموت الذي يطال كل يمني بداخل وطنه. إن (المملكة) وبكل وضوح هي الأمل الذي يتجلى مع كل كارثة تحل باليمن الذي نهشه جوقة من حكام استمرءوا إذلاله ونهب حقوقه، وحينما يتخلى الجميع عن الإنسان (اليمني) لا يجد أمامه سوى السعودية تتجلى بكل حيويتها وإنسانيتها مهما كانت مواقفها مخيبة لدى شريحة كبيرة من اليمنيين، إلا أنها الحقيقة التي لا يمكن تجاوزها. لقد ظل اليمنيون يتعاملون مع (السعودية) كدولة معادية لكل ما يتعلق باليمني أرضا وإنسانا بسبب الإعلام الذي لم ينجح برسم خطوط عريضة مضمونها أن اليمن والسعودية شريان (حب) لا ينقطع مهما اختلف موقف الدولتين السياسي بما يخص مواقف الشرق الأوسط والمتغيرات التي طرأت عليه منذ 2010. إن القارئ في تاريخ مراحل (اليمن) لن يجد أحدا يحتك به سوى (المملكة) يجدها القريبة من البحث عن حلول ترضي الداخل اليمني وتجعل منه آمنا مستقرا مع النظر لمصلحة السعودية في الشأن (اليمني) والذي من حقها الحفاظ عليه وتقويته مع مرور الوقت والزمن. جملة مشهورة مترسخة في أذهان شعبنا (اليمني) هي: – أن السعودية بكل ما تقوم به في اليمن هو فقط لمصلحتها وليس من أجل مصلحة اليمنيين. والحق يقال: إنما تقوم به (السعودية) في بلادنا يفوق هذه الجدليات بفارق كبير لا يوصف، ذلك أن خيرها في بلادنا وافر، وليس خفيا لنختلف عليه بل ظاهر يمس الإنسان اليمني واحتياجاته بدءًا من راتبه وانتهاء بالمساعدات الإنسانية التي لا تتوقف عند كل أزمة تحل بالأرض اليمنية التي ينهشها الساسة انتقاما، وآخرون لهثًا خلف الغنائم التي يكون الإنسان وسيلة لكل هذا السطو المنظم. إن الناظر ل(السعودية) كوجدان يمني يلاحظ مواقف عميقة إنسانية صادقة، وتأكدت لدى الجميع هذه المواقف التي تضرب في العمق الإنساني، والواقع على الأرض منذ عقدين من الزمن وأكثر، وتعمقت هذه المواقف في الإنقاذ الأخير المتمثل في «عاصفة الحزم» المباركة للشعب اليمني من جحيم «إيران» الحوثي الذي وصل حدًا لا يطاق، وانتهك الكرامة والإنسان، والعرض، وكل الانتهاكات التي لا تخطر على بال إنسان سوى الفطرة بدءًا بتفجير المساجد والبيوت، وانتهاء بمطاردة الخصوم وكل من يقف ضد هذه الميليشيا الخمينية، والانقلاب على شرعية اختارها اليمنيون بانتخاب أجمع عليه أكثر من 8 ملايين إنسان، بعيدًا عن الوهم المقدس في أحقية الحكم البطني التابع للسلالة الهاشمية التي تعتقد أن الإنسان تابع للبطن، ومن خالف هذه المنظومة الطاغية مصيره الموت. إن تدخل السعودية لم يأت بحثًا عن أطماع، ولم يكن حفاظًا على مصالح وحسب، بل كان واضحًا جدًا أنه لم يكن سوى إنقاذ للمواطن اليمني الذي عانى أشد المعاناة، واستمرأت إيران تعذيبه وقتله، بأدواتها الضالة في الداخل اليمني، والذي مهد لها الرئيس السابق (علي صالح) الطريق، وعبد لها المسار. منذ عقدين من الزمن والسعودية تحتضن الملايين من اليمنيين على أرضها، يعملون، ليعولوا أكثر من 7 ملايين إنسان في وطنهم الأم، أرسلت المملكة المعونات بشتى أنواعها والتي لم تتوقف أبدًا حتى مع اختلاف وجهات النظر في المواقف السياسية مهما بلغت حدتها بين الدولتين، وحينما تتذكر الموقف السعودي كوجدان يمني بالغ الأثر عليك أن تقارن – إن صح التعبير – بين الموقف (السعودي) والموقف (الإيراني) الذي لا يعرفه المواطن اليمني إلا من بوابة البارود وحسب الذي قتل الآلاف من اليمنيين، وشرد ضعفاءهم، وانقض على كل شيء جميل في اليمن، وحاول تصدير الثورة الخمينية التي مضمونها يكمن في – الوهم المقدس – الحق الحصري في الحكم، والعيش لمعممي من يدعون الانتماء ل(آل البيت) زورًا وبهتانًا. إنما تقدمه إيران لليمن ليس بشيء يستحق النسيان، أو اللامبالاة، ذلك أنه وفي كل بيت يمني يوجد به قتيل، أو معاق، أو مختف قسريًا، أو مطارد، أو معتقل، ببركة أسلحة الدمار التي تقدمها إيران عبر ربائبها في اليمن والمتمثل ذلك بالحوثي، وصالح ورجال آخرون يلبسون القبعات لطلب الدرهم والدينار، وليس ما تقدمه إيران شيء عابر غير أن سفن «جيهان1، وجيهان2» اللتين أفرج عنهما مؤخرًا الرئيس هادي وعرفها العالم باعتبارها سلاح دمار شامل جاء ك«هدايا» لشعب لا ينقصه سوى رغيف الخبز، وليس ذلك وحسب، وإنما أكثر من 3000 آلاف حوثي يتلقون تدريباتهم في (طهران) ليعودوا إلى وطنهم اليمن للجهاد ضد أبنائهم الذين يموتون اليوم بحثًا عن بترول وغاز لأن هذه الخدمات تذهب لهؤلاء المجاهدين الذين ينتشرون في اليمن وربوعها لقتل الإنسان اليمني، وتفجير بيوته، ومساجده. بكل صدق ووضوح، وبعيدًا عن الحياد الخادع، والمواقف الضبابية، إن السعودية لم تكن سوى هدية من الله لدولة ك«اليمن» ولم تكن سوى فأل خير لشعب يموت في اليوم مئات المرات بحثًا عما يسد رمقه فكانت المنقذة يوم أن تركها العالم في العراء. إنه لمن الظلم، والإجحاف نكران دور «وجداني» تقوم به السعودية تجاه اليمن وإن كان من مواقف عظيمة وتاريخية سيكتبها التاريخ، والزمان، والمكان، هو إنقاذ (السعودية) للشعب (اليمني) من جحيم (إيران) الذي فاح عفنه في كل شوارع اليمن بدماء هذا الشعب التائه، ولقد كانت إيران على أهبة الاستعداد لضم صنعاء إلى أحد محافظاتإيران الذي ذهب معمموها للقول إنه علينا أن نحتفل بضم رابع عاصمة عربية إلى (ولاية الفقيه) لكنه لم يكن لهم سوى حزم الملك السليماني، الذي باغتهم بأقوى صفعة لن ينساها المعمم المختبئ، وتلك صفعة لهم، ولنا كشعب يمني «إعادة أمل» حينما أعاد – صنعاء – لأهلها. شكرًا السعودية، الملك سلمان، عاصفة الحزم. شكرًا لأنكم أنتم ووحدكم من تكونون معنا في كل مأزق، فتنقذوننا. شكرًا لأننا ننتمي لبلد (جحده أبناؤه، ونكل به حكامه) وأنتم أهلنا، وجيراننا. شكرًا لكم وبلا حدود أيها السعوديون ملء الفم.