يبدو أن الحوثيين والمخلوع علي عبدالله صالح لا يريدون حلا في اليمن ووضع حد لمأساة تسببوا بها، اذ لا تفسير لتأخرهم عن مفاوضات الكويت غير ذلك، ولن ينفعهم هدر دماء الابرياء تزجية للوقت على امل حدوث معجزة ما تعيد لانقلابهم الروح بعدما قضت عليه المقاومة الشعبية بمساعدة قوات التحالف العربي، وبعثرت “عاصفة الحزم” مفاصل المشروع الايراني للاحتلال الذي تقنع بقناع عصابة “انصار الله” وقوات المخلوع المتمردة. إذا كان الحوثيون والمخلوع يراهنون على احداث تغيير على الارض من اجل تحسين موقعهم التفاوضي فهم واهمون، فسيطرة الحكومة الشرعية والمقاومة على غالبية المناطق امر محسوم ولا رجعة فيه، وباتت الضرورة اليوم ملحة لمكافحة توسع تنظيمي القاعدة و”داعش” الذي تسببت به المغامرة الاجرامية الحوثية، لهذا فان الحجج التي يطلقون بالوناتها من صنعاء وصعدة لن تغير في الواقع شيئا، بل هم بذلك يقربون اعناقهم اكثر من حبل مشنقة الادانة الدولية التي تلاحقهم بفعل القرار 2216. هؤلاء ليس أمامهم الا المصالحة الوطنية لتخفيف الوطأة عنهم، وربما تكون منقذهم الوحيد، اما اطالة امد الحرب فهي تضيف الى سجلهم جرائم جديدة تزيد من اغلاق نوافذ الامل المتاحة لهم اليوم. لا يحتاج العالم الى ادلة على خرق الحوثيين ومنذ اللحظة الاولى اتفاق وقف اطلاق النار، بل كانت جرائمهم واضحة للعيان الى درجة بدأت فيها تتكشف أكاذيبهم حتى لمؤيديهم، وهو ما استدعى ردا محدودا من المقاومة والتحالف واذا كانت لديهم ذرة من الحرص على الخروج من الازمة فليوقفوا خروقاتهم وينخرطوا في بحث المخارج الكفيلة بتضميد الجراح اليمنية. ايضا من الضروري ان يدرك الحوثيون بعدما اصبحت الحدود السعودية، التي تشكل بوابة الخليج الجنوبية، آمنة بالكامل، وبعدما ازالت قوات التحالف التهديد الايراني- الحوثي- الصالحي عن تلك البوابة، فإن دول “مجلس التعاون” تحرص على اعادة ترتيب البيت الداخلي اليمني بما يكفل مشاركة مكوناته كافة، مدفوعة بتأييد العالم اجمع، لذا فليستغلوا هذه الفرصة التاريخية، والا فليتفكروا بمصير مجرمي الحرب في رواندا والبوسنة والهرسك و الكونغو الديمقراطية، و أفريقيا الوسطى، وأوغندا، و كينيا، وساحل العاج، اذ ليس مسموحا دوليا ان يصبح اليمن بموقعه الستراتيجي المهم صومالا آخر، أو يبقى شعبه لعقود تحت رحمة الجماعات الارهابية من كل حدب وصوب وتبقى ايضا بوابة الخليج الجنوبية مهددة من الارهابيين. على فريقي التمرد والانقلاب التيقن أن العالم هو من سيقاتلهما وليس التحالف العربي فقط، اذا لم يتوبوا ويصحوا من نشوة المغامرة الاجرامية الموهومة، وان يعتبروا من الدرس الذي لقنتهم اياه عاصفة الحزم، والقرارات الدولية، ولا يحاولوا تخريب البيت اليمني الذي لن تسمح الدول العربية ان يكون مشرع الابواب على الريح الايرانية والارهابية او لمن يتربص بالخليج وخاصرته الجنوبية الشر، لذلك الافضل ان يتخلوا عن حججهم الواهية ويشاركوا بإيجابية وحسن نية في طاولة الحوار التي عليها يكتب مصير اليمن، ويعلموا ان اتفاق الأطياف اليمنية سيكون محل ترحيب الجميع، وربما كما اسلفنا خشبة الخلاص للحوثيين وصالح … وإلا ستشرع أمامهم أبواب المحكمة الجنائية الدولية.