(قد تخدع كل الناس بعض الوقت ، ويمكنك حتى أن تخدع بعض الناس كل الوقت ، ولاكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت ) ابراهام لينكولن ، منذ فترة وجيزة صرح أحد أتباع نظام بشارالأسد أن العقل العبقري للنظام هو الذي يدير المعركة على الأرض السورية ، وهو الذي صنع تنظيم داعش ، حتى يجعل العالم أمام إختيارصعب ، إما داعش أونظام بشار ، ولوأمعنا النظر قليلا ً في مجريات الثورة السورية منذ بدايتها ، سنجد أنفسنا نسير في طريق الرأى ، الذي يقول أن النظام السوري لم يصنع تنظيم داعش فحسب ، بل صنع أيضا ً المعارضة السورية المسلحة . وهنا تألق فعلا ً "العقل العبقري " للنظام السوري ، وهو ليس عقلا ً عبقريا ًبإعتقادي ولاكنه عقلا ً شيطانيا ً ، فقد رأى هذا العقل الدموي ، أنه في حالة لو إستمرت الثورة السورية ، سلمية ، لسقط النظام في وقت مبكر ، ولأظطر بشار الأسد إلي التنحي ، فلجأ هذا العقل الجهنمي الي عسكرة الثورة السورية ، عبر خطوات مدروسة ودقيقة أولى وثانية وثالثة ، ومايؤكد هذا الرأى ، ما تناقلته بعض مصادر الإعلام ، من أن معظم أسلحة "الجيش الحر " و "جيش الإسلام " و"فيلق الرحمن " و"النصرة " ، ومعظم الفصائل العسكرية للثوار ، مصدرها نظام بشار . بعد مرورأكثر من أربعة سنوات على إنطلاق الشرارة الأولى للثورة السورية السلمية ، تمكن العقل العبقري للنظام السوري ، من تحقيق أهدافه ،ونزع صفة السلمية عن الثورة السورية ، ولاكن في الوقت ذاته نزع صفات الإنسانية والرحمة عن نفسه ، ومازال بشار يتربع على كرسي السلطة ولاكن على حساب دماء الأبرياء ، وحسب سيناريوهات "العقل العبقري " للنظام ، فقد إنسحب من عدة مدن ، وسلمها لفصائل الثوار المسلحة ، ولتنظيم داعش ، لذلك إستمرت الحرب لأكثر من أربعة سنوات ،و لم تحسم المعركة لإي طرف ، وفي الوقت المناسب ، الذي يبدوا أنه قدإقترب ،سيبدأ النظام بإستعادة المدن التي سلمها لعملائه ، وهذا ماحدث منذ عدة أشهر عندما إستلم النظام "مدينة تدمرالأثرية " من تنظيم داعش ، وهو في طريقه الأن لإستلام مدينة "حلب " من فصائل الثوار المسلحة ، ولاكن يبدوا أنه يريد أن يستلمها خالية من السكان ، بعد أن يبيدهم بالبراميل المتفجرة ، والقصف الجوي العشوائي . ولاحظ أخي القارئ ، أن القتلى يسقطون فقط من بين صفوف المدنيين الآمنيين في منازلهم ، ولم نشاهد قتلى يسقطون من بين صفوف "الجيش الحر " أو " جيش الإسلام " وبقية فصائل الثوار المسلحة ، فيما عدا بعض الإغتيالات المفبركة لبعض قادة فصائل الثوار، والتي يراها النظام ضرورية لإقناع الناس بصدق ثواره ، وهنا يتجلى العقل العبقري المخابراتي العريق للنظام السوري الفاشي ، نستنتج من هذه الأراء المطروحة ، أن ما يدور على الأرض السورية ليست ثورة حقيقية ، وليست حرب حقيقية ، إلا ضد الشعب السوري المسالم والأعزل ، الذي يباد ويهجّر من أرضه ، وكل من يمتلك السلاح على الأرض السورية الأن ، هو مجرد محارب مأجور ، يحركه العقل العبقري لنظام بشار الدموي ، والشعب السوري الأعزل هو أخر من يعلم . وللأسف الشديد ، فإن مايدور الأن في اليمن هو نسخة مكررة ومملة لما يدور في سوريا ، والي هذه اللحظة ، نحن بإنتظار ، أي تابع لنظام صالح يمتلك الشجاعة الأدبية ، ليعلن لنا ، عن العقل العبقري لنظام صالح ، الذي تمكن بجدارة ، من صناعة وتحريك جماعة الحوثي ، وأحزاب اللقاء المشترك ، والمقاومة ، والجيش ، في آن واحد ، لنظام بشار ونظام صالح نفس الرؤى والأهداف ، ولاكن نظام بشار ، بصراحة ، كان هو الأكثر عبقرية ، فقد إحتفظ بشار بكرسي السلطة ، بينما الأخير فقده . لقد تمكن العقل العبقري لنظام صالح ، من إدراة الحرب في المناطق الجنوبية ، على الرغم من الضربات الجوية للتحالف العربي ، وأستطاع صناعة طرفى الحرب أنذاك ، الحوثي والجيش من جهة والمقاومة المأجورة من جهة أخرى ، وفي وقت معين إختاره العقل العبقري لنظام صالح ، أمربإنسحاب جماعة الحوثي والجيش من عدن والمناطق الجنوبية ، ثم سلمها للقاعدة ، وصنع الفوضى والإنفلات الأمني والتفجيرات والإغتيالات اليومية ، بشكل يثبت عبقرية عقل النظام ، ودولته العميقة . ثم عبر خطوة مدروسة أخرى ، لإشعال بؤرالصراع ، أمرجماعة الحوثي والجيش بإجتياح مدينة تعز ، (التي هي في طوع يده أصلا ً ) ، وفي نفس الوقت ، صنع مقاومة تعز ، ووفرلها السلاح ، وما حدث في سوريا ، تجلى في أبهى صورة في تعز ، فالعقل العبقري لنظام صالح ، لا يريد الحسم لإي طرف في هذه المدينة المنكوبة ، ولا يُقتل في هذه المدينة ، إلا المدنيين العزل في منازلهم ، عبر القصف العشوائي لجماعة الحوثي وجيش صالح ، ولم نشاهد في اي يوم ، قتلى للمقاومة المأجورة في تعز ، إلا في بعض الإغتيالات النادرة المفبركة ، لمقربين من قادة المقاومة المزيفة ، وهذه الإغتيالات ضرورية كما أسلفنا ، أنفا ً في الحديث عن نظام بشار، من أجل إقناع جمهور المشاهدين . لقد قارنّا بين نظام بشار ونظام صالح ، وتبقى لنا أن نقارن بين الشعب السوري والشعب اليمني ، ويحضرني هنا عبارة قرأتها للكاتب السوري الدكتورخالص جلبي في أحدى مقالاته وهي تتحدث عن الشعب السوري قبل الثورة السورية السلمية حيث قال ( مامن إثنين سوريين إلاوأحدهما مخبرلنظام بشار ، ولاإثنين إلاوثالثهما مخبر ، ولاثلاثة إلاورابعهما مخبر ،) على الرغم من ما كتبه الدكتورخالص جلبي عن شعب سوريا ، إلا انه شعب لا يستحق بإعتقادي كل هذا التنكيل والقتل والإبادة الجماعية ،والترحيل القسري ، أما بخصوص الشعب اليمني ، فيحضرني هنا أيضا ً ، مقولة لسياسي يمني قال فيها ( لا تقل :- من يعمل مخبرمع نظام صالح ، ولاكن قل :- من لا يعمل مخبر مع نظام صالح ) وعلى الرغم من مقولة هذا السياسي اليمني ، إلا ان شعب اليمن الأصيل ، لا يستحق ما يحدث له .