هل هناك ما يمنع القوى الدولية الكبرى من الحسم في اليمن بعد انقلاب محور المخلوع صالح – الحوثي على انقلابهما الاول في خطوة إلغائية للحكومة الشرعية وللقوى السياسية الاخرى، أم أن الاممالمتحدة ستكتفي بدور شاهد الزور مرة أخرى حيال تقويض قراراتها من خلف ابواب مصالح بعض الدول الفاعلة بالقرار الدولي؟ تبادر إلى ذهني هذا السؤال بعدما قرأت ما قاله ل”السياسة” احد قادة “حزب المؤتمر الشعبي” عن دعم كل من روسيا والولايات المتحدة والصين اتفاق الانقلابيين من دون العودة الى مجلس الامن، رغم ان هذه الدول تحكمها مصالحها، الا انها المعنية اولا واخيرا باثبات مصداقيتها على الصعيد الدولي، خصوصا بعد اصرارها على اصدار القرار 2216 تحت البند السابع، فكيف تتراجع اليوم عنه أم ان مجلس الأمن بات كالزوج المخدوع؟ السؤال الاخر هو: كيف اجتمعت هذه الدول مع ايران وكوريا الشمالية حول الاتفاق، فما علاقة بيونغ يانغ بالشأن اليمني، ام لسذاجة الكذبة لم يجد المسؤول الحزبي غير هذه الدول ليجعلها الداعمة للخطوة الانقلابية الجديدة، فهل كانت، ايضا، كل من تمبكتو وجزر الواق واق وتورا بورا من رعاة اتفاق جمع الاضداد الذين لا شأن لهم مباشرة باليمن ممن لم يسمهم؟ مهما كان من امر يحاول تمريره محور الانقلابيين فاذا صدقت اقوال مسؤول حزب صالح، فلا تفسير لذلك غير ان واشنطن وبرلين وموسكو وبكين تسعى الى تسوية حساباتها من رصيد الدم اليمني، خارج سياق المؤسسات الدولية التي تلوح بها حين تشاء، وهنا يصبح مشروعا للحكومة الشرعية والتحالف العربي ان يعملا على حسم الوضع عسكريا غير عابئين بما يسمى المجتمع الدولي الذي لم تحصل منه اليمن الا على التسويف واطالة امد المعاناة. الامر الاخر المثير للريبة في هذا الشأن هو اعلان الاتفاق غداة تقديم كل من الكويت والمملكة العربية السعودية رسالة احتجاج مشتركة عن اعتداءات ايران على المنطقة المقسومة المغمورة واطلاق حملة تهديدات جديدة عبر ابواق العمالة الفارسية ضد دول الخليج والولايات المتحدة واوروبا بدأها “قائد التصريحات العنترية” المدعو نعيم قاسم من احد سراديب الضاحية الجنوبية لبيروت عبر وكالة “فارس”، وتبعه زعيم العصابة حسن نصرالله بسيل من الشتائم ضد السعودية ودول “مجلس التعاون” الخليجي ولحقهما خطيب جمعة طهران. فهل المقصود من كل ذلك ايصال رسالة إلينا مفادها أن ايران اصبحت شرطي المنطقة الجديد؟ ربما بات على ما تسمى الدول الكبرى تغيير قواعد اللعبة في الاقليم، ليس لأنها تراهن على الحصان الايراني الخاسر فقط ضد الحلفاء التاريخيين، بل لأن طهران في الحقيقة ليست اكثر من بعبع اعلامي، ولنا تجربة ماثلة في الاذهان بهذا الشأن منذ الحرب العراقية – الايرانية حين قال قادة نظام الملالي انهم سيحسمونها ب”فد” يومين، لكنهم اعلنوا استسلامهم بعد ثماني سنوات من الحرب المدمرة بطريقة مهينة جدا، ولم يستطيعوا طوال 37 سنة من رعايتهم للارهاب بكل اشكاله تحقيق اي من اهدافهم، خصوصا “تصدير الثورة”. اذا كانت تلك الدول، المسماة كبرى، ترتجف خوفا من التصريحات الايرانية فان دول “مجلس التعاون” الخليجي باتت لديها الخبرة الكافية في معالجة حماقات نظام الملالي، وستعود إلى المنظومة الخليجية تجر اذيال الخيبة من رهاناتها الخاسرة، أما الاممالمتحدة فباتت مطالبة باثبات مصداقيتها من خلال حسم الوضع في اليمن او اعلان عجزها عن ذلك وترك الامر للحكومة الشرعية والتحالف العربي اللذين لن يسلما المنطقة على طبق التسويات الدولية للمشروع الفارسي مهما كانت الاثمان، بل انهما سيمضيان في الحسم ولن يلقيا بالاً للمعاتبات الدولية التي كانت السبب في المزيد من الغي الانقلابي في اليمن حيث منه تبدأ عملية الحسم في المنطقة كلها.