في ظل حكم عفاش الرشيد - كما يسميه البعض- أدارت عصابته حروب الثأر بين قبائل مأرب، راح ضحيتها ما يقارب 8000 قتيل حسب أحدى الاحصائيات على مدى 33 عام، حتى أنه وصل بهم الحد الى أن يغذي بعض القبائل المتصارعة من مخزن واحد وذخيرة واحدة - والقصة معروفة عندنا في مأرب - وحتى لا نفكر كمأربيين في موضوع السلطة والثروة والتعليم ويظل الجهل هو المتحكم في تصرفاتنا، ويكون تفكيرنا الوحيد هو كيف كلن منّا يتصادف مع غريمه ويقتله وبهذا يرى أنه قد حقق أكبر منجز في التاريخ . فمثلاً كانت قبائل مديريتنا (العبدية ) -التي تقطن فيها أكثر من 10 قبائل، كل قبيلة لها ثأر مع الأخرى، والبعض منها لها ثأر مع كل قبائل المديرية، فكانت تدور رحى معارك أشبه بأفلام آكشن، ولم نعرف أو نسمع أن دولة عفاش تدخلت أو كان لها دور في إيقاف أي مواجهات تحصل، مما يؤكد ادارتها لتلك الصراعات عدا أدوار المصلحين الاجتماعيين من أبناء المنطقة الذين يقومون بدور الوساطة من قبل أنفسهم إيماناً منهم بأسلاف وأعراف القبيلة . ومع مرور الأيام شاءت الأقدار أن تسقط دولة عفاش، وحاول أن يعود الى الواجهة بقوة السلاح راكباً ظهر مليشيا الحرس "الجمحوثي" فانقلب على الشرعية، فهيأ الله لمأرب بل لليمن أجمع، ابن العبدية البار بل إبن اليمن، الشهيد المغوار عبدالرب الشدادي، الذي وحد جميع قبائل مأرب على كلمة سوى بعد توفيق الله له، فكان يجتمع الغرماء والمتقاتلين والخصوم في مترس واحد وكلن منهم يحرس الآخر ويده على الزناد وباستطاعته أن يقتله ثم يهرب ، لكنهم عرفوا حقيقة ما كان يدور وراء الكواليس فجعلوا عدوهم الوحيد مليشيا الحوثي وعفاش وتعاهدوا على أن تظل مارب عصية وبعيده على عفاش بُعد النجوم، ولم يعد بمقدور ادواته أن تحرك ملف الثأرات بعد أن ٱغلق الى الأبد إن شاء الله . وأكبر مثال ودليل على ذلك أن قبيلة آل شداد -التي ينتمي اليها الشهيد القائد - كان بينها ثأر هي وقبيلة آل حدج التي يتزعمها -خالي الشهيد علي محمد حدج الغانمي – فلم الله الشمل ووحد الصف حتى أنه وصل بهم الحد الى أن يكون عدد من شباب قبيلة آل حدج حراس شخصيين للقائد الشدادي في مكتب عمله في قيادة المنطقة العسكرية الثالثة وفي جبهات القتال والجميع يعرف ذلك . كما وصل الحال بخالي الشهيد القائد علي محمد حدج الى أن يقول : والله أني أتمنى أن يأتيني خبر استشهاد اثنين من اولادي ولا يصاب القائد الشدادي بجرح بسيط ؛ فكان وفاؤه الحقيقي ليس بالكلام وإنما بالأفعال وسطر ذلك بدمه الطاهر ، فحين أتاه خبر استشهاد رفيقه الشدادي في جبهة صرواح وهو حينها في موقعه بجبهة العبدية قطع عهد على نفسه أن لا يعود الا وقد انتصر لدم رفيقه وحقق ما كان يصبوا اليه أو يموت على ما مات عليه ثم رحل عنا شهيداً بعد أسبوع من ذلك العهد . رحم الله الشهداء وشفى الجرحى ولا نامت أعين الجبناء .