سقوط إعلام الإخوان في اليمن.. تخادم مكشوف مع الحوثيين لضرب الجنوب    قتل أبناء عدن مستمر.. من عذاب الكهرباء إلى التهديد بالموت عطشاً    الأحزاب والمكونات السياسية في عدن تطالب بتحرك عاجل لإنهاء معاناة السكان    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى أكثر من 68 ألف شهيد    مليشيا الحوثي تحتجز جثمان مختل عقلياً في قسم شرطة بإب    ثوار 14أكتوبر وعدوا شعب الجنوب بأكل التفاح من الطاقة    الخدمة المدنية بعدن تعلن عن فتاوى لآلاف الوظائف الجديدة وتتجنب الحديث عن معايير توزيعها    أسرة المتوكل توضح بشان الاتهامات الموجه له باختطاف طائرات اليمنية    العلاقات الجنوبية - الروسية: جذور راسخة وشراكة استراتيجية متجددة    برشلونة غارق في الديون: 159 مليون يورو مستحقة لأندية أوروبا    رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية الأستاذ عبدالوهاب المهدي ل"26 سبتمبر": نطالب بتدخل أممي عاجل لوقف استهداف العدوان المباشر أو غير المباشر للمناطق الأثرية    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يزور فرع مصلحة الضرائب في شبوة    الراية الثقيلة... عام على رحيل صالح الناخبي الحاضر في الغياب    العليمي: العدالة في تعز ماضية كمسار مؤسسي شامل لا استثمار سياسي    صنعاء.. تشييع جثمان رئيس هيئة الأركان العامة السابق    بكأس مونديال الشباب... المغرب يتربع في قلب التاريخ    الدين العام الأميركي يسجل رقما قياسيا    الارصاد: أجواء باردة على المرتفعات وتوقعات بأمطار متفرقة على عدد من المحافظات    اليمن يودع الشهيد الغماري على درب الفتح الموعود والجهاد المقدس    الونسو: مبابي لاعب حاسم يمنحنا النقاط، وهذا ما نحتاجه    تقرير حقوقي يوثق ارتكاب مليشيات الحوثي 4896 جريمة بحق رجال الدين ودور العبادة    أمين عام حزب الرابطة: الجنوبيون يدفعون ثمنًا باهظًا لجريمة "يمننة الجنوب"    اتفاقيات لدعم موازنة الحكومة اليمنية وتوفير نفط للكهرباء    مدرب ليفربول متفاجئ من خسارة فريقه أمام مانشستر يونايتد    انطلاق مراسيم تشييع الشهيد المجاهد الغماري    عدن غارقة في الظلام والمرتزقة ينهبون الايرادات    قبل الكلاسيكو.. مبابي يعيد الريال إلى الصدارة    يونايتد يذيق ليفربول الخسارة الرابعة تواليا    خلال 7 دقائق.. عملية سرقة "لا تقدّر بثمن" في متحف اللوفر    مقتل شخصين بحادث اصطدام طائرة أثناء هبوطها في مطار هونغ كونغ    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن. "17"    الشهادة بداية حياة وليس نهايتها    بالنظر إلى تعاطيه الإيجابي مع مأساة (قطاع غزة) وكادره الطبي ..تخطى (غوستافو كولومبيا) 21 حاكمًا عربيّا    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    فيما تم تدمير 300 لغم من مخلفات العدوان .. المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام يبحث توسيع الشراكة والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر    اللواء الغماري.. فارس الميدان ومرعب الكيان    قراءة تحليلية لنص "رغبة في التحليق" ل"أحمد سيف حاشد"    الاتحاد السياحي اليمني يكشف عن فساد في مجلس الترويج السياحي    قافلة من وادي حضرموت تصل إلى الضالع دعماً للمقاتلين وتجسيداً لوحدة الصف الجنوبي    الإمارات شعلة العلم في سماء الجنوب .. من بناء المدارس إلى ابتعاث العقول.. بصمات لا تُمحى في مسيرة التعليم الجنوبي    أبعدوا الألعاب الشعبية عن الأندية!    رئيس تنفيذية انتقالي لحج الحالمي يُعزي الشيخ نائف العكيمي في وفاة والده    وزارة الإعلام تُكرم الفائزين بمسابقة أجمل صورة للعلم اليمني    اجتماع موسع للامناء الشرعيين لمناقشة آلية تفعيل وتنفيذ وثيقة تيسير الزواج في البيضاء    700 طالب وطالبة يؤدون اختباراتهم في المعهد العالي لتأهيل المعلمين بذمار وفرعيه    الدوري الالماني: بايرن ميونيخ يفوز على دورتموند ويبتعد في الصدارة    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على اوساسونا بهدف يتيم    قراءة تحليلية لنص "العيب المعوَّق للمعرفة" ل"أحمد سيف حاشد"    حضرموت بحاجة إلى مرجعية دينية بحجم السيد "الحداد"    لو فيها خير ما تركها يهودي    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد فتحي... الوتر السابع
نشر في المشهد اليمني يوم 19 - 03 - 2017


كتب/ عمار الأشول

لولا أحمد فتحي لما عرفنا أن العود كائن حي، يتنفس كما نتنفس، وتختلجه المشاعر والأحاسيس أيضاً. نراه يائساً، مغموراً، ومتفائلاً، وفي أحيانٍ أخرى حزيناً يذرف الدموع. يحب، ويعشق، ويصلّي، ويحلم. تارةً يناجي الرب، وتارة أخرى يعزف للحب. العود ليس مجرّد آلة، بل حياة اكتشفتها أنامل أحمد فتحي، فعادةً ما يترنّم العود، لكنه في حضن أحمد فتحي يتكلّم، لقد استطاع أن يستنطقه.

ولد أحمد فتحي في محافظة الحديدة عام 1957م، واحترف الفن منذُ نعومة أظافره. لقد نَمَت أنامله وهي تداعب الوتر وتروّض خواصره. كَبر فتحي وكبرت معه موهبته وشرهه وأحلامه. كانت صدفته الأولى والأجمل لقاءه بالفنان أحمد قاسم، في حفلة موسيقية في الحديدة، الذي نصحه بأن يترك الحديدة وينتقل إلى عدن، كون الأخيرة بيئة مناسبة للموهوبين والمبدعين، والذي، بلا شك، فتحي أبرزهم.

في عدن، وفي إحدى الليالي الموسيقية الساحرة، وبينما هو يغنّي ويعزف، سمعه أحد مسؤولي المحافظة بقلبهِ قبل أن يسمعه بأذنيه، فما كان منه إلا أن كافأه بمنحة دراسية إلى بلاد الفن، إلى القاهرة، ليكمل فيها تعليمه الثانوي، والجامعي، ويحصل فيها عام 1998م على درجة الماجستير بتقدير ممتاز، من المعهد العالي للموسيقى العربية، عن "دور آلة العود في مصاحبة الغناء اليمنى".

وصفه الشاعر والإعلامي اللبناني البارز، زاهي وهبي، بأنه "ساحر العود، عازفٌ على أوتار الروح"، ألّف ولحّن العديد من الأعمال، وعمل في عدّة معاهد للموسيقى في دول الخليج. في عزفه بعدٌ روحي يعزّز من مكانة المقام الموسيقي الذي يكاد يكون معدوماً في موسيقانا، رغم أنه أساسنا وآلتنا الأساسية، المتمثلة بالعود والناي والقانون، التي أصبحت شبه غائبة لولا حضور هذا النجم وتواجده على الساحة الفنية العربية والعالمية، فهو من بين القلائل الذين لازالوا يؤدّون المقامات العربية الصعبة.

يسعى فتحي على الدوام للمحافظة على الإرث الموسيقي اليمني، خاصة ما يتم مصادرته من قِبل بعض يهود اليمن في إسرائيل وأوروبا، الذين يقدّمون هذا الفن على أنه فنٌ إسرائيلي، بينما هو في الحقيقة تراث يمني، حيث أنه لا يوجد ليهود اليمن فن خاص بهم، فغناؤهم هو يمني، لكنهم أضافوا له لكنة خاصة. أشهر أغاني فتحي في هذا المجال "يا هزلي يا هزلي... قد لقيت اليوم خلي، بدر في وقت التجلي... يا هزلي... إلخ". يقول فتحي في إحدى مقابلاته التلفزيونية "ذُهلت عندما سمعتها من اليهود في أميركا، ومكتوب عليها في الألبوم (تراث إسرائيلي)، فما كان مني إلا أن قمت بإنزالها في ألبومي، وغنائها بالشكل اليمني، وهو أفضل رد".

ليس غريباً أن لحّن فتحي لكبار مطربي الخليج والوطن العربي من محمد عبده، إلى طلال مدّاح، وغيرهم من الأجيال الصاعدة، ويعد من بين أفضل من لحّن الأوركسترا السيمفونية في العالم العربي، بحسب شهادات كبار النقاد والمؤرخين الفنيين، الذين من بينهم زين نصار قال نصار: إن أهم ما في فتحي هو "محافظته على الطابع العربي بأعماله"، من جانبه قال فتحي: "أنني أعمل مؤلفات موسيقية بمرافقة الأوركسترا السيمفونية، تتسيّدها آلة العود من أجل أن ندهش العالم"، هذه هي ألحانه، أمّا صوته ففيه خصوصية لا يتذوقها إلا من يمتلك ذائقة فنية وإحساسا عالياً.

غنّى لليمن وللوطن العربي، عزف لبيروت وعن غنائها الذي يضمّخُ البيوت، وعن جنوبها الذي يعيش في ضلوعنا فلا يموت، من قصيدة للشاعر اليمني عبد الرحمن الخضر، غنّى أيضاً "يا معتصم" في "الثورة الشبابية" عام2011م، أمّا آخر أعماله التي قيد الإعداد فهي "مدد مدد مدد... الناس في كبد، والأرض يا سيّدها تبدو وحيدةً بلا سند"، من كلمات الدكتور عبد العزيز المقالح.

عُرف فتحي بأنه حالم لم يشف من عشق اليمن؛ فبرغم العروض الكثيرة التي قُدّمت له بمنحه جنسية أخرى، إلا أنه رفضها كلّها وتمسّك بيمنيته. أمّا عشقه للنّغم فهو صادحٌ في موسيقاه التي استطاع أن يمزج فيها الموروث المحلي بالعالمي، إن شكا فلعوده، وإن حنَّ فلأنغامه، عوده خِلّه الوفي، وأنغامه حياته، بينما صوته هدير حمام، يُقرّب المسافات لمن أضناهم الوجد.

عزف فتحي للأرواح الخيّرة وطرد الأرواح الشريرة، وهو بذلك أول موسيقار عربي يعزف مشاركاً في احتفالية جائزة نوبل عام 2011م. عزف أيضاً، في نفس المناسبة، "سلامٌ سلام" للحوار بين الثقافات العالمية. وبعد الخطاب الشهير للرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، في جامعة القاهرة، والتي أعلن فيها مد يده للعرب والمسلمين، قدّم له فتحي هدية عبارة عن مقطوعة موسيقية تعبّر عن حوار الثقافات؛ "حوار مؤلّف بين آلة العود الشرقي العربي، وبين الفوت الغربي".

فتحي العازف والملحّن والفنان، صاحب الأغنية الجميلة "أن يحرمونا"، والأغنية الأجمل "صنعانية"، الحاصل على العديد من الشهائد والجوائز والتكريمات، لا شك أن الكتابة عليه صعبة، والصمت هو الأصعب، لقد اكتمل اليوم حلمه، وتحقّقت بالنجومية رؤياه، فبعد أن حصد النجومية العالمية، وحصل على شهادة الدكتوراة الفخرية، وأنجب النجمة العربية بلقيس، لم يعد يحلم، كما يقول، سوى "بارتقاء الذائقة الفنية اليمنية والعربية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.