قطعت أحزاب الشرعية أشواطا طويلة و مهمة، منذ أن اصطفت للمقاومة لمواجهة التحالف الانقلابي، الذي لم يتورع عن الارتهان للمشروع الفارسي. كان اصطفافا وطنيا شريفا ، تألق ميدانيا في أدائه و فدائيته و تضحياته. تجلى كل ذلك في جبهات المواجهة و خطوط التماس، و تجلى في صمود القيادة السياسية و الحكومة أمام مخططات الكواليس الخفية، كما تجلى في المؤازرة الشعبية، و المساندة المجتمعية، و الجبهة الإعلامية التي وقفت تؤازر و تساند الجبهات، و تعبئ الصفوف، و تفند إشاعات الخصوم، و تعري مزاعم التحالف الظلامي للحوثي و المخلوع، و تكشف أباطيلهم و مشاريعهم الطائفية و السلالية . بهذه الصورة للجبهة المتراصة و المصطفة في كل الميادين العسكرية و السياسية و الإعلامية في خندق واحد هو خندق المقاومة ؛ مضت أحزاب الشرعية - و بمساندة دول التحالف العربي - تسجل انتصاراتها موحدة في خطوها ، متحدة في خطواتها، محددة هدفها. هكذا مضت الشهور الأولى، بله السنة الأولى التي تجاوز فيها الجيش الوطني و المقاومة الشعبية مرحلة الصمود، و امتلاك زمام الهجوم و التحرير لمحافظات و التقدم في أخرى . هذه الانتصارات كان يفترض أن تكون دافعا لمزيد من التمسك و الحفاظ على تلك الصورة النقية و الشريفة لجبهة الشرعية، بمختلف مكوناتها السياسية و الاجتماعية ، لكن الذي حدث أن تلك الانتصارات أعطت استرخاء في تماسك قواعد المكونات، ربما لأنها اعتقدت زوال أو ضعف الخطر المتمثل بالمشروع الظلامي ! و تبعا لهذا الشعور الخاطئ ؛ بدأت تطفو على السطح بوادر مناكفة و تنافس سياسي لدى قواعد الأحزاب، و زاد في إشعال جذوتها و إثارتها مطابخ الحوثي و المخلوع، و ربما أيضا سلبية تعامل بعض القيادات لهذه البوادر المرضية و عدم مواجهتها و توجيهها في بدايتها. من المستحيل أن نزعم أن القواعد يمكن أن تخلو نهائيا عن التنابز و التنافس ، و لكن من العيب بل العجز أن يجر أفراد أو آحاد في القواعد القيادات أو بعضها إلى مربعها . المشهد السياسي اليوم يشهد متغيرات و مستجدات، تستدعي من الشرعية و أحزابها الحذر و اليقظة، و إلا فهي على درجة واحدة من الاستهداف، و المثل الشعبي يقول : ( الجراد متعرفش حول ابن علوان )! و أي استرخاء في جبهة أحزاب الشرعية، ستكون نتيجته التفريط بما حققته من منجزات و انتصارات ساهمت جميعها مع السلطة الشرعية في تحقيقه و إنجازه . و أهم من ذلك التفرط بدماء الشهداء و الجرحى، و لو فعلت - لا قدر الله - فسيكون ذلك قاصمة الظهر لها ، ناهيك عن المغامرة بحاضر و مستقبل الوطن! فيا أحزاب الشرعية اتحدوا، و لتؤجل المنافسات و التنافس إلى ما بعد استرجاع الدولة و استقرارها، و عشر سنوات أخرى بعد الاستقرار على الأقل. لا يعني هذا القول إغلاق الأبواب على الآخرين بما فيهم حزب المؤتمر و هو يقر بالمرجعيات الثلاث، لكن الباب يجب أن يغلق أمام من يدعي الحق الإلهي في الحكم، أو مشروع التوريث، أو من يريد فرض آرائه بالقوة . فيا أحزاب و كل مكونات الشرعية اتحدوا.