أظهر تحقيق واسع النطاق بشأن تسرب بيانات 50 ألفاً من أرقام الهواتف، التي كان أصحابها مستهدفين للمراقبة، فيما يبدو، أن برمجيات التجسس التي ابتكرتها مجموعة إن إس أو قد استُخدمت في تسهيل ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق هائل في مختلف أنحاء العالم. ومن بين المستهدفين لهذا التجسس رؤساء دول، ونشطاء، وصحفيون، بما في ذلك عائلة الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وقد اضطلع بهذا التحقيق "مشروع بيغاسوس" (Pegasus Project)، وهو مشروع رائد أثمر عنه التعاون بين أكثر 80 صحفياً من 17 مؤسسة إعلامية في 10 بلدان، بتنسيق من منظمة "قصص محظورة" (Forbidden Stories)، وهي منظمة غير ربحية تتخذ العاصمة الفرنسية باريس مقراً لها، وبدعم فني من منظمة العفو الدولية. وفي إطار هذا المشروع، تم إخضاع الهواتف المحمولة لاختبارات بأحدث أساليب الاستدلال العلمي الجنائي بغية اقتفاء أي آثار لبرمجيات التجسس. وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار: "إن مشروع بيغاسوس يكشف للعيان كيف وجدت الحكومات القمعية في برمجية التجسس لمجموعة إن إس أو السلاح المفضل في مسعاها لتكميم أفواه الصحفيين، والاعتداء على النشطاء، وسحق أي معارضة، الأمر الذي يهدد ما لا يُحصى من الأرواح". وأضافت كالامار قائلة: "هذه الحقائق التي تكشفت تنسف أي ادعاءات لمجموعة إن إس أو بأن تلك الهجمات نادرة الحدوث، وتعود إلى استخدام منحرف لتقنيتها. فلئن كانت الشركة تزعم أن برمجية التجسس التي ابتكرتها لا تُستخدم إلا في التحقيقات المشروعة المتعلقة بالجرائم والإرهاب، فمن الواضح إن تقنيتها تسهِّل إساءة الاستخدام بصورة شاملة؛ وترسم الشركة صورة تكتسي الشرعية، في الوقت الذي تتربح فيه من الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان". وقالت كالامار: " من الواضح أن أفعال الشركة تثير أسئلة أوسع نطاقاً عن الغياب الشامل للضوابط والرقابة الذي هيأ مرتعاً خصباً لتفشي الاستهداف غير المشروع للنشطاء والصحفيين بلا ضابط ورابط. وإلى أن يحين الوقت الذي تظهر فيه هذه الشركة، بل هذا القطاع بوجه عام، قدرته على احترام حقوق الإنسان، فلا بد من فرض حظر فوري ومؤقت على تصدير وبيع ونقل واستخدام تقنية المراقبة". وقد أرسلت مجموعة إن إس أو رداً مكتوباً إلى منظمة "قصص محظورة"، وشركائها الإعلاميين، قالت فيه إنها "تنفي بشدة... المزاعم الكاذبة" الواردة في التقرير؛ وأضافت أن تقرير المشروع المشترك يستند إلى "افتراضات خاطئة"، و"نظريات غير مؤكدة بالأدلة"، وقالت مجدداً إن الرسالة التي تسعى الشركة لتحقيقها هي "إنقاذ الأرواح".