سبب الضجة حول "بئر برهوت" الذي تم اكتشاف حقيقته من قبل فريق بحث عماني هو ارتباط البئر بأحاديث ومرويات اعتبرها المسلمون حقيقة مؤكدة بالنص حتى سقطت دفعة واحدة بمجموعة من الحبال والخطافات التي مكنت الفريق من الوصول لقاع البئر. قالت الأساطير الدعوية بإحاديث نبوية ومرويات عن الصحابة إنه محبس الجن وشر بقاع الأرض وماؤوه اخبث ماء. بينما أكتشف الفريق أن عمقه لا يزيد 100 متر، ودرجة حرارته طبيعية وماؤوه على درجة عالية من العذوبة! انقسم الناس إلى فريقين. فريقين العقلانيين الذين رحبوا بالاكتشاف ونشروه واعتبروه دليلا إضافيا على الخرافات الدينية التي تسقط تحت أنوار العلم. واعتبره آخرون دليلا إضافيا على عدم صدقية الاحاديث وضروري التخلي عن السنة والاكتفاء بالقرآن فقط، ورآه البعض دليلا على أن الدين نفسه خرافه. الفريق الثاني هو فريق المتدينين الذين استشعروا خطرا في الاكتشاف فحاولوا، كالعادة، على مر العصور على تبرير. البعض قال أن الأحاديث المذكورة لم تأت في كتب الصحاح، والبعض قال أن بئر برهوت الحقيقية في مكان آخر هو كهف برهوت في حضرموت مع أن الأحاديث تتكلم عن بئر وليس عن كهف، والبعض شكك في الاكتشاف كله. الحدث وتداعياته نموذج مصغر حول الجو الفكري اليوم. وحول المخاوف المتوارثة حول قدرة العلم على كشف الخرافات المرتبطة بالدين وخطر ذلك على "قوة العقيدة"! لقد استطاع العلم بأدوات بسيطة فضح اسطوره مشهورة ومدعمة بعشرات المرويات، لكن الطريق طويل .. هناك خرافات أخطر وأكثر دموية يمكن دحضها بأجهزة استكشاف بنفس البساطة والفعالية.. اجهزة العقل والتفكير النقدي وصولا إلى الأساطير المؤسسة نفسها.