أنت تريد تحويل لحظة طيرفة إلى موقف من الدين . الفهنة بضاعة إنسانية وليست سلعة حصرية لا توجد الا في دكان الكفر . افتهن يا علي ودع للناس دينهم ، الدين الذي يبقيهم بأمان ولا يحول بينهم وبين الحياة ، اليمنيين تحديدا وفي حال تخلوا عن دينهم سيكونون قد تخلوا عن حياتهم . هذا الذي تقوله بشأن السماوات والكون الشاسع وتساؤلات : اين الله إذن ؟ وكانك فقط ترد على من يقال عنهم فرقة " المشبهة " الذين يحددون مكانا لإله الكون وخالقه ويحددون له كرسي انتزعوه من تصوراتهم عن كراسي الملوك والأباطرة التي في أذهانهم ، ثم إن هذه المحاججة بدائية يا علي حتى بالنسبة لتاريخ الإلحاد ، هذه محاججة ابن شيخ نزل عدن في السبعينات وقرأ كتاب رأس المال وعاد إلى قريته في ريف إب ليخوض مع والده معركة ليرغمه على توزيع أراضيه بين المزارعين . يا علي فكرة الكون ومن خلقه تبقى سؤالا فيزيائيا لا شان له بالدين ، الأديان إن كانت صناعة بشرية فهي كذلك حقا وهذا لا ينال منها ، ذلك أنها صناعة ضرورية احتاجها العقل البشري السوي وهو يبحث عن إجابة لسؤال عقلاني ومنطقي للغاية : من خلقني ومن أوجد الأرض والسماء ؟ وبالتالي هذه التي تقول عنها صناعة بشرية هي صناعة استجابة للمنطق والبحث عن أجوبة لسؤال الوجود الأهم ، وافصاح عن سلامة العقل وجدارته بالتقدير وليس العكس ساعود معك لأبجد الإلحاد والإيمان وإعادة كلام قد تبادله البشر العاديون والفلاسفة والتجريبيون منذ القدم ، وهي أن للكون صانع ، الكتلة والطاقة وهذه النسب الدقيقة لعلاقة الجاذبية بحركة الأفلاك ومايقال عنه مؤخرا المعادلة الضابطة لهذا كله ، تلك المعادلة هي آله الفيزيائيين ، والفيزيائيين هم نخبة النخبة ، والمعادلة هي العقل الأعظم يا علي ، وهذه المقاربة عادية وبسيطة ومتداولة ولقد اجتذبتنا لهذا النقاش البدائي في لحظة طيرفة تسعى لتحويلها لمعتقد جديد هو مزيج من الرغبات . الجنسانية ليست نظاما فكريا حديثا وشكلا من التقدم ، ولقد تم تجريب الانفلات الجسدي عقب الحرب العالمية الثانية في سياق تجارب جماعية ، في فرنسا تحديدا حيث يعتقد الفرنسي أن استعراض مؤخرته والتجول بها مكشوفة للمارة هو شكل من مهمة ثقافية في معركة الفرنكفونية ، وقبلها وأثناء ها اختبر جيل بأسره تجربة العري وتكونت مجتمعات صغيرة عارية بقيت لسنوات هكذا مغلقة على مجاميع من العراة جربوا هذا القدر من فكرة إطلاق العنان حتى الأقاصي ، لكنهم لم يجدوا شيئا ذا بال ، وانتهى بهم الأمر للسأم والحنين لحياتهم السابقة . ليس نفاقا يا علي ، إخفاء الرغبات ليس نفاقا ، لكل إنسان نزعاته وفي ذهن كل منا نساء وتهويمات لكنهن لسن لنا ، وليس حق أي منا الإفصاح عن كل ما يتنازعه من رغبات بوصف ذلك شكلا من تكريم إنسانيته على هذا النحو . سيتضرر شعبنا كثيرا في حال وجدت من يتبعك ويتخذك ملهما ، وهو لا يفرق بين حاجة اللحظة وتاريخ شعب يمثل الدين ملامحه و أنت تخمش بأظافرك المتلاعبة المرحة هذا الوجه . الإلحاد مشروع قاسي يا علي ، قاسي ومرير ، ولقد خاضه أناس مدفوعين بضراوة التصورات ومواربات وايماءات التجربة وما يعتقدونه العلم ، بينما تخوضه انت بشكل من الاستظراف ولم تحاول إلى الآن مغافلتنا ولو قليلا ببناء منطق الحادي متماسك . الخروج على ما نرفضه والتمرد على مايكبلنا هما حق إنساني ، حقك التخلص من جلادك لكن لا يمكنك التخلص من جلدك .