محمد عبيد مبارك المتطوع بلجنة زكاة الرميثية التابعة لجمعية النجاة الكويتية التحق بها عام 2002 يقول: تعلمت من العمل الخيري الكثير. فالعمل الخيري الكويتي مدرسة بكل ما تعني الكلمة، حيث تعلمت لذة العطاء التي يشعر بها من جربها. فالسعادة كما تعلمنا ليست بمقدار ما تملك بل بمقدار ما تعطي، والحمد لله الكويت بمؤسساتها الخيرية ولجانها وجمعياتها وأهل الخير فيها تظل منارة خيرية بامتياز. من القصص التي أثرت في نفسي كثيرا قصة عندما كنت مسافرا اليمن برا وأثناء الطريق مررت ببقالة لشراء بعض الأغراض وإذا بطفل استوقفني لا يتجاوز عمره ثمانية أعوام فقال لي يا عم ساعدني وأخذ يكرر النداء والطلب فالتفتّ اليه وقلت له ما اسمك يا بني؟ قال اسمي وليد، قلت له اين والدك؟ قال الولد: توفي والدي منذ زمن قريب، عندها قال صاحب البقالة نعم هو ولد يتيم، سألت الولد كم عدد اخوانك؟ ومن يعولكم؟ قال الولد: عندي أخت واحدة صغيرة، وأمي غادرت المنزل وتركتنا وحدنا، عندئذ تعجبت من قوله، فقلت له أنتم تعيشون مع مَن؟ قال الولد: مع جدي، سألته أين منزلكم؟ قال الولد: نسكن قريبا من هذا المكان. فأخذت الولد معي بالسيارة ليرشدني على مسكنهم، وعندما وصلنا الى المبنى إذا هو عبارة عن غرفة قديمة ومهجورة، وهي في الأصل مبنى حكومي قديم ومهجور فقال الولد: هذا بيتنا! وهنا نسكن، فوقفت بالسيارة وأنا أقلب بصري في هذا المكان المهجور لعلي أجد شيئا يصلح للسكن. توقفت الدموع في عيني لأتابع مسلسل القصة المأساوية وعندها نزل الطفل مسرعا ثم سبقني الى احدى تلك الغرف، وهو يناديني: يا عم تعال الى هنا، فتبعته، ودخلت معه الى تلك الغرفة القديمة، فكانت المفاجأة اذ يقع بصري على شيخ كبير تجاوز عمره الثمانين عاما، وبجانبه طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها ثلاث سنوات، وقد رأيت هذا الرجل المسن وهو يقوم بطهي الطعام، وعندها علمت ان الطفل الصغير كان يتسول في الطريق ليحصل على المال ليشتري به الخبز، في الوقت الذي يقوم جده بطهي الطعام ليأكلوا وجبة الغداء، أجل انها قصة غريبة وعجيبة! طفلان صغيران يتيمان يعيشان مع جدهما، حيث يقوم على رعايتهما وتدبير شؤونهما بعد ان تركتهما قاسية القلب وخرجت، تركتهما يبكيان ويصرخان في مشهد بشع لا تفعله الوحوش مع صغارها تلك التي تموت دون أبنائها. ويكمل عبيد: هذا ما وجدناه، شيخ كبيرا أصابه الفقر الشديد، ليس لديه بيت أو عمل، أو دخل، أو زوجة، أو أبناء، ورغم ذلك قام الجد بشؤون اليتيمين الصغيرين، وهو لا يملك شيئا. وطلبت من الجد ألا يرسل حفيده وليد للتسول مرة اخرى، وان يقوم بإرساله الى المدرسة وفي الفترة المسائية يلحقه بحلقات تحفيظ القرآن الكريم في المسجد، وكانت الدهشة عندما قال لي الجد: ان وليد يذهب كل يوم في الصباح الباكر الى المدرسة وبعد عودته من المدرسة يذهب ليبحث لنا عن الطعام عن طريق التسول، وفي المساء يذهب الى المسجد لأداء الصلاة ثم يجلس في المسجد لأنه ملتحق بحلقة ليتعلم القرآن الكريم، وقابلت إمام المسجد وأكد لي هذا الكلام. وبفضل الله تعالى تمت كفالتهم عبر جمعية النجاة الخيرية لجنة الرميثية للزكاة والصدقات واستطعنا ايضا بفضل الله تعالى ان نقوم ببناء مسكن جديد لهؤلاء الأيتام، بمساهمة من الخيرين من أهل الكويت وكان قد تبرع لهم بقطعة الأرض احد المحسنين في المنطقة وسجلت وقفا باسم اليتيمين (وليد ورجاء) واشترينا لهما عشرة من الماعز ليكسبوا منها، ويستفيدوا من لحمها وحليبها.