تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني يمثل مسيرة وطنية طويلة في طريق شاقة مملؤه بالمخاطر والتحديات. الشرط الاساسي للمشاركة الفاعلة في هذه المسيرة ولظمان نجاحها يتمثل في توفر حد ادني من الطمأنينة لدى كل الأطراف المشاركة في هذه المسيرة، من خلال تحجيم حالة الشك والارتياب المتبادل بين الأطراف المشاركة في هذه المسيرة وجعلها في الحدود الآمنة. الصراعات المتتالية بين هذه الأطراف رسخ في ذاكرة كل منهم طبقة كثيفة وسميكة بل ولزجة من المخاوف والمحاذير من بعضهم البعض. المصالحة الوطنية ستعالج مبررات المخاوف والمحاذير لدى كل الأطراف وتوفر الحد اللازم من الطمأنينة والثقه الذي سيمكنهم جميعاً من السير معاً والمشاركة بفعالية في مسيرة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني. الاعداد المهني الجيد للمصالحة الوطنية وفي مقدمته يجب ان تكون عملية الرصد والتشخيص الموضوعي والجاد للمخاوف والمحاذير الحقيقية لكل طرف وتنقيتها من تضخيم التهيؤات غير الموضوعية يمثل اهم عوامل وشروط نجاح المصالحة الوطنية. الامر يتطلب عمل وجهد اكثر مهنية، اكثر عمقاً، اكثر موضوعية، واقل ضجيجاً اعلاماً وبهرجة اضواء . الامر يتطلب مثابرة، وصبر، وقيادة حكيمة، حصيفة، وحاسمة. الامر يتطلب إفتراق حاسم حد القطيعة مع الخفة السياسية.