بغض النظر عن النتيجة التى ستسفر عنها المظاهرات الشعبية ضد جماعة الاخوان والرئيس محمد مرسى فإن الرسالة التى ينبغى أن تصل إلى الجماعة وحزب الحرية والعدالة والرئيس محمد مرسى هى أن حجم شعبيتهم قد تآكل بدرجة كبيرة، والرفض الشعبى بلغ أحيانا مستوى هستيرى. مساء السبت تجولت فى ميدان التحرير والشوارع المحيطة به. الصور والمشاهد مختلفة. تذكرك بأجواء 25 يناير حتى 11 فبراير، باستثناء وحيد هو اختفاء التيار الإسلامى، ولذلك لم يكن غريبا وجود لافتة عند مدخل الميدان من اتجاه كوبرى قصر النيل تقول: «ممنوع دخول الإخوان».
دققت فى الوجوة كثيرا، فلم أر أدلة دامغة على أن الموجودين فلول، قد يكون هناك بعض المندسين لكن الغالبية العظمى من الموجودين مواطنون مصريون عاديون ثاروا ضد نظام مبارك بعد 30 عاما من الاستبداد، ويثورون الآن ضد الإخوان بعد عام واحد بسبب الاخفاق الشامل.
بحثت فى الأيدى عن صور حسنى مبارك التى قيل إن المتظاهرين يرفعونها، فوجدت صورة فعلا لمبارك لكنها لنصف وجه، والنصف الآخر لمحمد مرسى.
هل يستفيد الفلول مما يحدث الآن من انقسام شركاء الثورة؟.
بالطبع يستفيدون والمسئول عن ذلك هم الاخوان الذين حشروا المعارضة فى زاوية كان موجودا فيها الفلول، ولذلك يبدو غريبا أن يتم معايرة المعارضة بالفلولية ولا يتم لوم من قرر سياسات جعلت أبوالفتوح والبرادعى وصباحى وحزب النور فى معسكر واحد مع أحمد شفيق وتوفيق عكاشة وسائر أركان نظام مبارك.
تركت الميدان واتجهت إلى باب اللوق، ظللت نصف ساعة أبحث عن تاكسى، فلم أجد وفى النهاية ركبت مينى باص تابع لهيئة النقل العام، كان داخله أكثر من 13 راكبا جميعهم كانوا ينتقدون الإخوان بألفاظ هادئة حينا وبذيئة أحيانا.
هؤلاء كانوا عينة عشوائية، لم يدفع لهم مبارك ولم يعطهم أحد عشرين جنيها ليقطعوا الكهرباء.
نزلت من المينى باص ومشيت من حى عابدين إلى قرب ميدان السيدة زينب، كل الشوارع بلا استثناء رفعت لافتات تقول «ارحل.. ولا للإخوان».
لو أن الفلول هم المسئولون عن هذا الحشد وهذا الرفض الواسع للإخوان، فهم نجحوا بمهارة. الإخوان يدركون حقيقة انخفاض شعبيتهم ولا يجرءون على إعلان ذلك ويستخدمون شماعة الفلول.
هناك احتمال نظرى بأن الإخوان قد يتمكنوا من عبور أخطر أزمة مرت عليهم منذ 25 يناير 2011 لكن المعضلة الكبرى التى يصعب عليهم عبورها هى الكراهية الشعبية المتنامية ضدهم.
لا يدرك الإخوان أن ما كان غالبية الناس يضعون الاخوان الان فى نفس منزلة نظام مبارك.
صاروا هم فى نظر قطاعات شعبية عديدة الخصم أو العدو. ليس مهما كثيرا من فعل ذلك وكيف فعله، المهم أنه حدث.
عندما يكون غالبية القضاة والإعلاميين والمثقفين والدبلوماسين وكل الشرطة وكل المعارضة ضدك، وعندما تواجه ازمة اقتصادية طاحنة وعندما تفقد تأثيرك العربى، وتكون عندك أزمة كبرى فى مياه النيل وفى سيناء.
وعندما تكون محاصرا بكل ذلك، ثم تصر على أن تعمل بمفردك وتتحدث بلغة استعلائية وتريد «التكويش» على كل شىء.. فيصعب تماما وقتها أن تكون أنت على صواب والجميع على خطأ..هل يستوعب الاخوان الدرس أم أن الأوان قد فات؟!!. * بوابة الشروق