عندما ظهر الحوثي في صعدة خافوا من ظهوره وقرروا القضاء عليه نهائياً وحشدوا كل الأدوات لهذا الغرض، وعندما واجههم الحوثي ودافع عن نفسه وأهله وأبدى قدرة في ذلك، زادت مخاوفهم منه أكثر وقرروا إعادته إلى مربع الظهور الخافت في نطاق بعض مديريات صعدة. وعندما لم يستطيعوا ورأوا اتساع حجم التأييد متجاوزاً نطاق صعدة أرادوا إعادته لحصاره في داخلها، وهكذا يفشلون كل مرة لأنهم يرفضون الواقع بمتغيراته. أما تمدد الحوثي وسرعة التفاف الناس حول فكره في الوقت الذي تنكمش القوى المعادية له، فهو ببساطة استطاع أن يلامس تطلعات فئة واسعة من اليمنيين وكان لتضحياته في سبيل تبني تلك التطلعات أثر في نفوسهم وزاد التنكيل الذي لحق به من حجم التعاطف والتأييد، ودفع الكثيرين لدراسة الفكر الحوثي والتغلغل لفهمه حقيقة، وكان هذا في مصلحة انتشار الفكر وليس ضده. ولضرب مثال أكثر وضوحاً، فالثورة جذبت إليها ملايين الناس على اختلاف انتماءاتهم؛ لأن شعاراتها وأهدافها كانت تلامس تطلعاتهم وأحلامهم ولم يربهم حينها تهافت أشباح وإمعات الماضي عليها، بل كان الناس يحملون هدفاً أكبر من تفكير ضيق كهذا، بما فيهم الحوثي الذي وجد جزءاً من أهدافه وتطلعاته ضمن هذه الثورة، فبادر بالانضمام على عكس توقعات الجميع، ولم يبدأ الناس بالاستياء من نتائج الثورة إلا حينما خرجت عن تطلعاتهم النبيلة، وبدأت الأهداف بالتلاشي والضياع. ولذا فعلى خصوم الحوثي أن يطمئنوا ويضعوا في بطونهم بطيخة صيفي، ويهملوا القلق والحساسية من احتفالاته وحضوره القوي، لابد أن يدعوه يدخل ميدان الاختبار الذي دخلوه وفشلوا فيه، وحينها سيكون عليه أن يثبت إما نجاحه وسيكون نجاحاً مشروعاً وناضجاً، وإما فشله وسيكون فشلاً لاشية فيه ولا دماء ولا أشلاء، وعليهم أيضا أن يوقفوا الهجوم الإعلامي والسياسي الممنهج والتحريض والكيد، لأن هذا السلوك ثبت فشله في السابق ولم يؤدِ إلاّ إلى نتائج عكسية يزداد فيها الحوثي تمدداً. [email protected] * صحيفة المنتصف