* نعم الكتابة كذبةٌ.. ونحن كذبةٌ كبرى، نحاول تمريرها حتى على أنفسنا.. كذبةٌ نظل نشغلُ بها وقتنا وحياتنا الفارغة تماماً إلا من هذه الكذبة الحقيرة.. فكم من الأعلام والرموز الذين رحلوا من بين أيدينا، فلم يبق منهم سوى ركامٍ من الورق والحبر والكلام الذي لاغاية منه، سوى شغل الفراغ باللاشيء، أو شغل الفراغ بالفراغ.. * عبدالله علوان.. لن تسعفنا لغة مهما كانت منمقةً بالبيان والتعابير ، لأن نعبِّر عن فداحة فقدانه.. لأننا إنما نكتب عن فقدان جمعي لوجودنا، وعن غاية ذلك الوجود الحقير الذي تكون نهايته أشبه ما تكون بعقب سيجارةٍ اُستهلكت بشراهةٍ مفرطةٍ.. * لا شيء يستحقُّ كلَّ ما نتجشمه من عناء موغلٍ في شخوصنا المهترئة.. ولا موجود مما نحاول الإقناع بكونه منجزاً، يستحق أن يرحل أحدنا بهذه الكيفية المهينة، التي لا تكاد تدلُّ على أننا حتى مجرد كائناتٍ تشغل حيزاً من الفراغ، ذراتٍ لا تكاد ترى بالضمائر المجردة.. * عبدالله علوان.. من يوم رحيلك هذا بدأنا نعرف من وما نحن.. وكيف ينظر إلينا الواقع الحقير.. صدقني كنت أنت ربما الأجدى منا، والأجدر بأن يعترف الوجود بمكانك فيه.. فما عسانا سنكون، في زمن أصبحت الكينونة فيه زيفاً محضاً، وصار التميز في شاراته غباراً لا يحيط به حيزٌ مدركٌ أو محسوس؟! * كنتَ تشد من أزرنا وتدعونا إلى مواصلة ذلك العناء الهامشي ، عناء الكتابة، أو عناء الكذب على النفس.. صدقني يا أبي العزيز أنني لولا محبتي فيك وندمي على ما منحناك إياه من خذلان.. ولو وصاياك الأبوية تلك حول الكتابة، ما عدت لأكتب حرفاً واحداً.. لذا سامحنا إن كفرنا بالكلمة بعد رحيلك، فقد صبرنا على شقائها لأنك كنت تريد منا ذلك.. والآن ها أنت لم تعد موجوداً، جف حبرك، فماذا عن هرائنا المزعوم؟! * برحيلك سيدي العظيم ذلك الرحيل الذي أوصل إلينا الكثير من الرسائل المؤلمة، أصبحنا ننظر إلى الكتابة باحتقارٍ شديدٍ واشمئزازٍ لا حدود له.. ولكن لأننا بحاجة لأن نقول شيئاً في وداعك الذي فتح أعيننا على حقيقة وجودنا في هذا الزمن التااااافه للغاية، كان لا بد من أن نحتاج إلى اللغة لتحمل عنا كل هذا الحزن الذي أورثته لنا..