بادئ ذي بدء حتى لا يؤول الكلام إلى غير مقصده نقول أن مصطلح الدحبشة جاء إلى اليمن من خلال مسلسل بدائي في الجودة والنص والأداء على الرغم أنني لم أشاهد منه سوى لقطات سريعة في حينه وقد جسّد الفنان المختفي أو المعتزل آدم سيف شخصية دحباش الفوضوية الغير منضبطة والتي لا تلتزم بنظام ولا قانون ولا حتى بالقيم و الأخلاق المتعارف عليها . وبالتالي فان أيما شخص فوضوي فهو دحباشي بامتياز سواء كان من جزر واق الواق أو من بلاد العم سام ولذلك فهو لا يقتصر على جنسية أو قبيلة بعينها ولا منطقة بذاتها . فمن كبار الدحابشة جورج بوش الابن الذي ضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية والأعراف العامة والخاصة وأهلك الحرث والنسل في العراق وأفغانستان . وهو ما لم يستطع احد قبله ولن يستطيع احد بعده أن يفعله. ومن كبار الدحابشة في عالمنا العربي العقيد المسخ العروبي الأفريقي الفاطمي معمر القذافي الذي عبث أيما عبث بتاريخ ليبيا العربية وحضارتها وثروتها وشعبها على مدى اثنان وأربعون عاما فجعل من دحبشته أضحوكة العالم لا نظام لا مؤسسات لا قوانين لا مواقف لا مبادئ وما يحصل الآن في ليبيا ما هو إلا فضح بكل ما تحمله الكلمة من معنى لأمثال هؤلاء الدحابشة الكبار وما أكثرهم . تلك كانت المقدمة ضرورية لعنوان الموضوع أعلاه . نحن نعرف أن الهند من الدول النووية ورغم كثافة سكانها البالغ مليار نسمه متعددي الأعراق والديانات واللغات إلا أنهم يتمتعون بدولة ديمقراطية توجد بها مؤسسات وأنظمة وقوانين تدل على أنها دولة ذات وزن وثقل دولي وإقليمي . لا تقارن بعالمنا العربي المليء بأنواع الدحبشة من كل شكل ولون . وهذا الكلام لا يعني عدم وجود اختلالات في الهند يكتوي بنارها الطرف الأضعف ويستفيد منه الجانب الأقوى. وكذلك عرفنا عن الهنود المنتشرين في العالم العربي إنهم دائما في مستوى من الضعف متدني أمام أنظمة تلك الدول التي يقيمون فيها وهم في جانب كثير من الذل والمهانة وخاصة أمام الكفيل وأمام صاحب البلد الذي يعيشون فيه . ولم يخطر في بالي أنهم في اليمن حاجة ثانيه إلا بعد احتكاكي بهم بصورة مختصرة حيث قادتني الأقدار في العام الماضي أن اذهب إلى السفارة الهندية في صنعاء لاستخراج تأشيرة لولدي كي يسافر للدراسة . فوجدت عددا لا باس به من المواطنين اليمنيين وغيرهم أمام بوابة السفارة المحمية بكتل خرسانية وأعمدة حديدية حتى ظننت نفسي أنني أمام سفارة الولاياتالمتحدة أو المملكة المتحدة . ومجموعة من العسكر يعرضون خدماتهم الاستمارة بقيمتها على الرغم انه مكتوب عليها مجانا وكذلك كتابة البيانات وبسعر آخر يفرضه العسكري الكاتب القابع في كشك الحراسة وبخط لا يكاد يقرأ لكن الهندي يفهمه وان رفضت ما يريده العسكري فعليك انتظار الطلّة البهية لكومار الهندي الذي يظهر فجأة بكل عنجهية وغطرسة ولا مبالاة وكأنك تتسوّل منه أو كأنه سيعطيك تأشيرة دخول للإقامة في كندا أو أمريكا ولربما السويد أو سويسرا. وبالتالي مردّك إلى العسكري الفلتة الذي يعرض عليك خدماته بعد أن تستكمل كل المتطلبات من ضمان بنكي وغيره فيقول لك قيمة التأشيرة 75 دولار وتجئ تستلمها بعد أسبوعين أو 130 دولار وأنجّزها لك العصر وتستلمها من هذا الرأس ترفض هذا الكلام فتنتظر كومار الهندي حتى يتكرم بعد ساعة أو ساعتين ليعاملك بنفس الأسلوب وكأن هناك اتفاقا خفيا بينهم فتضطر لتنفيذ طلبات الفندم. سافر الولد إلى الهند وعاد بعد أن قطع دراسته وعدت إليهم لأسترد الضمان البنكي وكنت أظن أنني سأستلمه بكل سهولة مجرد إبراز جواز السفر وإذا بالعسكري يمنعني من الدخول قائلا التسليم في العصر فقلت له دعني ادخل اكلم كومار . القضية هي سحب خطاب الضمان من الملف وليست مقابلة سعادة السفير. وبشق الأنفس سمح لي بالدخول إلى الاستقبال وهو معي طبعا سلمت الجواز وصورة الجواز للموظف الهندي وقال لي تعال غدا بعد الرابعة عصرا حاولت إقناعه بأنني مسافر إلى حضرموت وهي بعيدة فلم تنفع معه تلك الكلمات ولم تكن ذات جدوى عند الرفيق الهندي فتذكرت المثل الحضرمي (( لو كان في الرز قوه كان في الهندي مرؤه)) وإذا بالعسكري يلحقني بعد الباب وقال أقطب 3000ريال وأنا أديه الآن (طبعا بلهجته) فرفضت واتيت بعد عصر اليوم التالي حسب الموعد ولم أجد إلا العسكر أمام البوابة قائلين لي جئ غدوه قد انتهى الدوام حاولت معه بشتى الوسائل فرطين الهنود مسموع من خلف الباب فقلت دق عليهم وبعد إلحاح رن الجرس عليهم فخرج الهندي يزبد ويرعد أن الدوام قد انتهى واقفل الباب بكل صلف ووقاحة فقال العسكري أدي 4000 وأنا أديه الآن قلت له صاحبك العسكري الآخر طلب بالأمس 3000وفي حينها سيجيبه مش بعد يومين قال لي هذاك ضابط مش عسكري هو المسئول حقنا قلت له ما شاء الله وأنت زودت على المسئول. فتذكرت مثلا حضرميا آخر ((من ما رضي به مظفّر با يرضى به 0000)) فما كان مني إلا أن ادفع وأمري لله فدخل العسكري واحضر الضمان والجواز . قولوا لي بالله عليكم أليست هذه دحبشة؟ وتصوروا كم يعاني المواطن اليمني وغيرهم ممن يضطرون للتعامل مع السفارة الهندية إلى هذه الممارسات السخيفة والابتزاز الرخيص . وسؤالي المطروح عليكم هل هذه الدحبشة الهندية متأصلة فيهم أم أنها مكتسبة على اعتبار الوضع العام ؟ وبالتالي ما رأي معالي الوزير الدكتور ابوبكر القربي وهو الأستاذ الأكاديمي والمسئول الأول على السفارات بمثل هذه الأعمال التي تجعل مراجعي السفارة الهندية فريسة وضحية لمثل هذه الابتزازات. خاتمة: من الشعر الشعبي الحضرمي للشاعر / مبارك باعكيم شعبان في رمضان ما هو مختلف عن لوّلي مهما تردّى واقتنع ولقّى على وجهه قناع قد كان آدم سيف قد جاب الكلام الواقعي واليوم لا تلفاز شل بسمه ولا مذياع ذاع لو تنتسي كل القصص دحباش مابا ينتسي لأن فيه الفن والإبداع ما فيه ابتداع ماحد يغطي عين الشمس عين الشمس مابا تختفي والدحبشة قصة حقيقية لها فن وايقاع [email protected]