أعترف أن الدهشة سقطت مني مغشياً عليها وهي تسمع نبأ فوز فريق اليرموك بدرع الدوري العام لكرة القدم في اليمن.. طبعاً هذا فيما يخص دهشتي، أما حالي فيعلم الله حتى هذه اللحظة أنني أنتظر أن يظهر زميلي المبدع محمد الشومي في قناة معين وهو يقول لإدارة اليرموك “كنتم معنا في برنامج الكاميرا الخفية “تعال نمزح في الميدان” لو عايزين نذيع نذيع مش عايزين نذيع مش هنذيع”.. حتى أتمكن من استيعاب الأمر ولا تتداخل عندي الأمور وأعجز عن التفريق بين معركة اليرموك التي انتصر فيها المسلمون على الكفار وبين فوز اليرموك فريق الاخوان المسلمين على الشطار.. يجب عليّ أن أقتنع أن هذا الذي حصل هو واقع حقيقي وليس كاميرا خفية. وحتى لا تفهمونا غلط وتظنوا أننا نستهزئ باليرموك ونقلل من شأنه وإنجازه ومكانته وتاريخه.. نؤكد وبالصوت العالي اننا نهنئ ونبارك لليرموك إدارة وجهازاً فنياً ولاعبين وجمهوراً هذا المنجز الكبير وغير المتوقع الذي أجزم أنهم يستحقونه عن جدارة، لأنهم بذلوا فيه جهوداً مضاعفة هزموا المصاعب والمعوقات وحققوا الأماني والانتصارات خاصة وقد اعتمدوا على جيل من الشباب المتسلح بالطموح والموهبة والحماس، شباب حفروا في جدار المستحيل حتى قهروه فكتبوا أسماءهم بماء الذهب وأثبتوا انهم بعزيمتهم وإصرارهم وتحديهم أكبر من إمكانات أهلي صنعاء وصقر تعز وهلال الحديدة وأشهر من تاريخ تلال عدن وبطولات وحدة صنعاء ونجوم العروبة وشعب إب ...إلخ وعلى ذمة صديقي البرشلوني المخرج الرائع معين شجاع الدين شهد انهم كانوا أبطالاً بكل المقايس. أنا فقط مستغرب ومندهش كيف استطاع فريق صعد بأعجوبة من دوري المظاليم ويعاني الفاقة المادية والعوز الكروي أن يكسر شوكة فرق لها صولات وجولات وأموال ومعونات وجماهير تملأ المدرجات، فرق كبيرة فيها خدم وحشم وقيادات محصنة من الشيخوخة والهرم.. فرق عريقة فيها النجوم والمحترفون وسادة القوم. متحير كيف تمكن فريق كان يبحث عن العافية والستر ان يحلم بأكل الكيكة وعسل السدر.. كيف ضحك على الفرق وأوهمها انه قصده من الزين نظرة فقط، في الوقت الذي كان مهتماً بأكل العنب حبه حبه.. يظهر لمتابعيه أن سقفه تأمين نفسه في الوسط فلا يقع في دائرة الخوف من السقوط ويبطن بداخله شيء آخر يحلم فيه بأخذ الدرع على غفلة ولسان حاله يقول “بحلم بيك عارف من امتى.. من أول معرفت العب”.. ولأنني للأسف خارج البلاد ولم أتابع الدوري اليمني إلا ما ندر ومازال خيالي يرفض أن يطرد من داخله تلك الأفكار القديمة التي لا تحتفظ بأعماقها بغير التلال وأهلي تعز أولاً ومن خلفهم أهلي صنعاء ووحدة عدنوصنعاء وشعب إب والصقر والهلال كفرق كبيرة لا أتصور ان يكون للدوري طعم ولون من غير منافساتها.. إلا إذا كان دوري (حوى حوش) دوري البركة والرحمة دوري يعطف فيه الغني على الفقير ويرحم فيه الكبير الصغير.. والفوز فيه لمن استطاع سبيلاً. ومن أجل كل هذا أجد نفسي مجبراً على ترك خيالي يتنقل في خياله ويراوغ أفكاره ويتسلل على غفلة منه الى حيث يتخيل محبو التلال في مدرجات مظلمو لا يحفظون غير (آه يا تلال آه يا تلال)، ولا يبدد ظلمتهم غير صوت مجهول يقول (يستاهل البرد من ضيع دفاه)، ومن بعيد يرد عليه محبو أهلي صنعاء (من باع نفسه وهان يصبر على ذي المهانة)، فلا يجد خيالي ما يقوله في العنيد غير (يالطيف والكبر فيك يالطيف والهنجمة).. أحاول الخروج لكن للأسف يظل خيالي يرى لاعبي الصقر والهلال وقد تركوا التفكير بالإبداع والتطوير وانشغلوا في الفلوس وقد أعمى المال النفوس فنكس رؤوساً وجعل بعض الرجال تقاد مثل التيوس وهم يسمعون عبدالرحمن الأخفش (محبوبي سرح ما قالي صرف القرش ما يفعلي). وأخيراً أرى في ظل هذا الدوري الضعيف الرتيب.. الذي تتشقلب فيه المراكز والترتيب.. نتيجة الإهمال وقلة التدريب.. والذي جعل من الكبير بعيداً والصغير قريباً.. ان يستمر الدوري كذا وكذا.. بحيث يكون هناك اتفاق غير معلن أن يذهب الدوري كل سنة الى فريق جديد ونخلي الناس تفرح فلا يعقل ان يكون جمهور أهلي صنعاء أو التلال أو شعب إب ...الخ قد تذوق طعم الفرح أكثر من مرة بينما فرق مثل حسان وشعب صنعاء وشعب حضرموت وشباب البيضاء ...الخ محرومة من هذا الحق في تذوق طعم الإنجاز.. وياريت تفكروا بعقلانية ومنطق وتمنحوا نصر الضالع حق الصعود الى الدوري العام والفوز بالدرع وتفرحوني وتفرحوا أهل الضالع واللي أخذته القرعة تأخذه أم القرون ومافيش حد أفضل من حد.. والذي يزعل يوم السبت يضحك يوم الأحد.. إذا قلنا ان دورينا عمياء تخضب مجنونة فلا وصلت للوجه ولا عرفت الخد..!