نحن متفقون على كل شيء لا يوجد ما يفرق أو يباعد يبننا أو يمزق نسيجنا الاجتماعي وهويتنا الوطنية كشعب وأمة بكل ألوان الطيف الاجتماعي والسياسي والثقافي فنجد أن مساحة الاتفاق أكبر وأوسع وأرحب من نقاط الخلافات الضيقة. إذاً لماذا يحاول البعض توسيع الهوة ؟ ولماذا نحاول الولوج إلى مشاكل ليس لها وزن ولا قيمة ؟ لماذا نضع العدسات المكبرة على الصغائر ونغض الطرف على الكبائر؟ نحن لسنا ملائكة ولا يمكن أن نكون, وفي المقابل هل يمكن أن نزن الأشياء بحيز الفراغ الذي تشغله؟ فنقول أن حيز الفراغ الذي يشغله القطن يساوي وزن حيز الفراغ الذي يشغله الحديد مثلاً؟. تجد أن الناس متفقون على معاناتهم التي يسومهم بها هذا النظام سوء العذاب, وعلى جرع الفقر التي يعانون ويلاتها ليلاً ونهارا ويدركون سياط الإذلال التي يساطون بها في كل دائرة من دوائر النظام سرقة ورشوة . متفقون على أن السلطة تعاملهم على أنهم مشروع ثراء لها لا أناس من بني البشر يجب عليها خدمتهم, فيتسولون بجوعهم ويسرقون اللقمة من أفواههم .. يقتلونهم ويقتاتون على جثثهم .. يصورونهم للغرب على أنهم إرهابيون وقبائل نكرة ,فيسترخص الأجنبي دماءهم ويسفكها جزاء ما وسوس لهم النظام, كي يحضى بدراهم معدودات يدخرها في يومه الأسود كي يعيدها لشعبه في ثورة بيضاء. هم يدركون أنه يستعظم بنظامه على من استخف عقولهم فأطاعوه .. يدركون أن الفاسدين يعزفون الحان الشبع والبطر على أوتار جوعهم ويستأنسون بتأوهاتهم والكل يفهم هذا بل وأكثر من ذلك وأشد. إذاً لماذا نختلف كثيراً حتى صار الخلاف على الجوهر لا على الطريقة التي يحقق بها الناس كرامتهم وقبل ذلك لقمتهم التي يبحثون عنها في دول الجوار تسللاً وتسولا، ونحن أكرم من أن ندخل تسللا أو أن يأكل الناس من ماء وجهنا. لماذا نتفق على أن لنا حرية مكلومة وكرامة مسلوبة ولقمة عيش منهوبة, فإذا ما جئنا لننتزع حريتنا ونحرر لقمتنا ونستعيد كرامتنا وجدتهم يتراجعون إلى الوراء ويعذرون الوزراء ويفتون بعدم صحة الوقت وكأنهم خبراء ويصرون أن مذهبهم وديدنهم مع الشرفاء واالنبلاء .فهل ياترى أهم كذلك أيها الفضلاء؟. لا يأمل الناس من هذا النظام الشيء الكثير أو أنه سوف يعمل على تحسين أحوالهم ومعيشتهم، على العكس من ذلك فقد عودهم هذا النظام أن ينتقلوا من السيئ إلى الأسوأ فكل ما يأملوه هو البقاء على ما هم عليه فحسب فتجاربهم السابقة مع هذا النظام قد أوصلتهم إلى القناعة بأن القادم هو السيئ وما بعده الأسوأ, فهم قد يأسوا من المستقبل لأنه لا يأتي بأفضل ومن يحدثهم على أن القادم هو الأفضل فهو يتحدث عن عالم آخر غير اليمن, ولهذا أصبحت ثقافة العامة موزونة بميزان المثل القائل: (جني نعرفه ولا أنسي ما نعرفه) . تجد أن الناس فاهمون لكل ما يجري حولهم ويتألمون مما يعيشوه، لكن البعض يكابر لأن النظام قد أوغل في فكرهم عن فساد قادم وسؤ مستقبل وظلام أفق بدونه .. عودهم أن ما خلا السلطة باطل وأن من ينادون بحرية أمة ما هم إلا دعاة خراب, ومن يهتف بزوال الفساد هم أفسد من في الأرض فأنتج لنا أناسا يفهمون كل شيء حتى تحسبه أكثر منك حدة وتبرم من واقع صار كابوساً يطارده في نومه يريد أن ينسلخ منه. هولاء هم مناصرو النظام ممن غلبت عليهم شقوتهم واختزلوا القضية في شخص واحد وأصبح الهم لدى بعضهم كيف يجمع أكبر قدر من كلام التضليل والهروب خلف شعارات الفضائية وأكاذيب قناة سبأ وإيحاءات قناة العقيق وفتاوى الإيمان كل ذلك أنتج وأوجد حوار المتناقضات ومتناقضات الحوار في آن واحد مع هولاء فيسقط عليهم المثل المصري (أسمع كلامك أسدئك أشوفك أمورك أستعجب). فنحن متفقون على أن هناك فساد، ونختلف معهم على من هم المفسدين؟ نتفق على وجود رشوة، ونختلف معهم على من هم المرتشين؟ نتفق على وجود مشكلة، فنختلف معهم هل هي ثورة أم أزمة؟ نتفق على أن الأعلام رسالة سامية، ونختلف معهم من هي القنوات التي تقدم هذه الرسالة السامية؟ نتفق على أن القتل حرام، ونختلف معهم على من قتل أولاً. نتفق على الحوار، ونختلف معهم على كيفية الحوار. نتفق على عدم إقصاء وتهميش الأخر، ونختلف معهم على من همش الأخر. نتفق على الظلم الواقع علينا، ونختلف معهم على من ظلمنا. نتفق على فحش وجرم الغلاء، ونختلف معهم على من هو المسئول عن هذا الغلاء؟ نتفق على حب الوطن، ونختلف معهم على من هو الذي يحب الوطن؟ نتفق على احترام بعضنا، ونختلف معهم عندما نمارس ذلك الاحترام؟ وهناك الكثير والكثير من القضايا التي نتفق عليها لكن البعض عن جهل والبعض عن مصلحة والبعض الأخر عن خوف والبعض عن مواقف شخصية والبعض عن قصور في أداء المعارضة والأحرار في لحظة زمنية معينة ,يكابر هولاء بل وتزل قدم الحقيقة عندهم بقصد الهروب من الأسوأ الذي رسمته لنا هذه السلطة وأوغلت قتلاً وتنكيلاً لأحلامنا فصار الموت السريري لآمال وطموحات الشباب هو مصير محتوم وأجلاَ مسمى أرادته هذه السلطة لكل ما يعتمل في فكرنا ومختزل في ذاكرتنا فإلى متى سيضل أخواننا هولاء قابعين خلف أفكار خطتها يد السلطة ,فمارسوا دور الحاوي والمهرج الذي يمارس الدجل والشعوذة على نفسه وإلى متى سنظل نتفق حتى الاختلاف؟ يحكى أن تاجراً كان له عبداً طويل القامة مفتول العضلات قوي الشكيمة مهيب الطلعة ,وقد عمد هذا التاجر أن يجعل هذا العبد في حراسته . وفي إحدى المرات حدثت مشاجرة في السوق وكان التاجر يعول كثيراً على العبد في هذه المشاجرة فخاض غمار المعركة دون وجل .محدث أن ضرب التاجر العبد من قبل آخرين وأثناء المشاجرة وصلت إحدى الضربات أنف العبد ,فقام وكأنه ثور هائج وأمسك بهم وأشبعهم ضرباً حتى لاذوا بالفرار فستغرب التاجر لحال العبد ,فسأل التاجر العبد. لماذا لم تدافع عني وعنك حتى أوسعونا ضرباً وبعد ذلك قمت وفعلت ما فعلت؟ قال العبد في البداية لم تصل الخيشوم لكن بعد أن وصلت الخيشوم أثار ذلك حفيظتي وضربتهم جميعا. فهل ياترى وصلت الخيشوم ؟أم لازالت في جرابنا المزيد من الصبر والوقت حتى تصل الخيشوم؟