تعود قصة عسكرة مليشيا الحوثي للمدارس إلى ما قبل 2006م؛ منذ كانت تتمرد على الدولة في محافظة صعدة، وتحتل المنشآت العامة في مديريات حيدان وساقين ورازح. ومن ذلك التاريخ كانت مليشيا الحوثي تقوم بتحويل عدد كبير من مدارس محافظة صعدة إلى سجون ومعتقلات سرية وغير سرية، فضلاً عن اتخاذ بعضها كمقرات وغرف عمليات للمليشيات المسلحة، وكذا أماكن للتحقيق وتعذيب الخصوم وفي مقدمتهم المعلمين. وحين كانت المليشيا الحوثية تتوسع جغرافياً في الأعوام اللاحقة باحتلال مديريات جديدة من محافظة صعدة، فإن تعطيل التعليم والتموضع في المدارس عسكرياً هو أول ما تقوم به؛ وفقاً لمعلمين طردوا من أماكن عملهم. كان إجمالي عدد المدارس الموجودة في صعدة 556 مدرسة أساسية وثانوية، غير أن ذلك العدد كان يتقلص كل عام، فقد استمرت مليشيا الحوثي المسلحة بتحويل عدد كبير منها إلى مقرات مسلحة ونقاط تخزين للسلاح وسجون خاصة. من تلك المدارس التي احتلها الحوثيون وحولوها إلى سجون وثكنات لهم مدرسة السلام الأساسية بمنطقة الشوارق بمديرية رازح صعدة، حيث احتلها الحوثيون في حروبهم الأولى مع الدولة، وقاموا بتحويلها إلى مقر لمليشياتهم، ففي حين تم تحويل أحد طوابقها إلى سجن، جرى تحويل بقية المبنى إلى مقرات وقاعة اجتماعات ومكتب الواجبات لجباية الزكاة والضرائب، وكذا مقراً للمسئول الأمني، ومكان للمقيل تتجمع فيه عناصر الحوثي المسلحة. ومن المدارس المدمرة أيضاً مدرسة أسماء للبنات بمديرية رازح، حيث تعرضت للاحتلال من قبل الحوثيين الذين تمركزوا فيها أثناء فترة الحرب الثانية، وتعرضت إثرها للتدمير والضرب، وقد قام الحوثيون آنذاك بحرق كل الوثائق والشهادات والمناهج الدراسية، كما قاموا بنهب ما تبقى من أثاث المدرسة المقاعد والماسات، وكذا خزانات المياه وغيرها، وبعد ذلك تم تسكين 3 عائلات لقيادات حوثية في الفصول غير المدمرة منها، والأخطر من ذلك أن الحوثيين حولوا فناء المدرسة إلى ورشة لإصلاح معداتهم الحربية. ومن أهم المدارس التي تعرضت للاعتداءات الحوثية آنذاك مدرسة أبي بكر الصديق برازح والتي كانت تعتبر من أفضل المدارس على مستوى محافظة صعدة، إلا أن مليشيات الحوثي قامت بنهبها وإطلاق النار عليها والاعتداء على المعلمين فيها، وإحراق مكتبتها. ومدرسة سعد بن معاذ تعرضت هي الأخرى لاعتداءات متكررة من قبل جماعة الحوثي، حيث قاموا أثناء حربهم مع الدولة بنهب معظم محتوياتها وبالذات الإذاعة ومحتويات السكن الخاص بها والمطبخ أيضاً، وبعد ذلك بفترة زمنية قريبة اعتدت مجاميع مسلحة تابعة للحوثي على مبنى المدرسة القديم والذي يحوي سكن المدرسين وإدارة المدرسة وكذا الإرشيف، وقاموا بتدمير كل شيء، وحينما سألهم المواطنون عن السبب أجابوا بأنهم يريدون تحويله إلى سجن خاص بهم. والبعض من المدارس تم اتخاذها كاملةً أو أجزاء منها كسجون خاصة بجماعة الحوثي، ك: مدرسة الشهيد أحمد زياد، ومدرسة عبدالله بن رواحة، ومدرسة السلام بالشوارق رازح، ومدرسة النصر بساقين، ومدرسة النور بعريمة ومجمع الحرية ومدرسة البنات في القامة، وكذا مركز محو الأمية بمنطقة الهجر بحيدان، ومدرسة بن تيمية بمنطقة القطينات بساقين, ومدرسة الإمام علي بالعضلة منطقة الحشوة. وظلت هذه المدارس تعمل كسجون خاصة للحوثيين إلى ما قبل عاصفة الحزم. هذا بالإضافة إلى تعرض عدد كبير من المدارس للاعتداء والنهب والتهجم المستمر من قبل الحوثيين آنذاك، ومنها مدرسة الوحدة والشهيد منصور، بالإضافة إلى تعطيل الدراسة في مدارس أبي ذر الغفاري والفاروق وحمزة، وكذا مدرسة معاذ بن جبل ومدرسة الميثاق والجمهورية والتيسير والبخاري وعمار بن ياسر وابن الأمير، ومدرسة الإمام الشافعي. ما سبق من نماذج يؤكد بحسب الأستاذ فؤاد باربود رئيس شؤون المعلمين بنقابة المعلمين اليمنيين، أن "عسكرة المدارس وتعطيل التعليم سياسة ممنهجة وأسلوب متعمد مارسه الحوثي منذ كانت مليشياته في منطقة مران، وأن ما يجري اليوم بعد الانقلاب على الدولة إنما هو امتداد لتلك السياسة الحوثية التي تعتبر العلم والمعرفة خصماً وعدواً لها". وقد تساءل باربود في تصريحه للصحوة نت "أين كانت المنظمات الدولية واليونسيف بعد العام 2004م من جريمة حرمان آلاف الطلاب في محافظة صعدة من التعليم بسبب احتلال مليشيا الحوثي للمدارس وتحويلها إلى ثكنات ومخازن أسلحة وسجون خاصة؟". وأضاف باربود "قبل تمرد الحوثي على الدولة في 2004م كان في محافظة صعدة 556 مدرسة و5693 معلم ومعلمة، ولم يتبق اليوم شيء من التعليم الرسمي هناك، فمعظم المدارس باتت مقار حوثية، و90% من المعلمين طردتهم مليشيات الحوثي وهجرتهم خارج صعدة". وأوضح المسؤول النقابي أن " ما تبقى من المدارس قام الحوثيون بتحويلها إلى مراكز تعبئة طائفية وعنفية تففخ عقول الأطفال وتقودهم إلى جبهات الحرب لا إلى الجامعات". أما بعد الانقلاب على الدولة، فيؤكد وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله لملس أن ميليشيا الحوثي الانقلابية حولت 2000 مدرسة إلى ثكنات عسكرية لعناصرها. وقال لملس في تصريح إعلامي إن ما يقارب 3600 من مدارس التعليم الأساسي والثانوي أُغلقت منذ بداية الحرب، وأن قرابة 2000 مدرسة أساسية وثانوية تضررت أو استخدمتها الميليشيا الحوثية متارس لميليشياتها. وأن حرب الحوثي دمرت كل ما تم إنجازه على مدار 15 عاماً من مشروع تطوير التعليم الأساسي الذي كان يمول من البنك الدولي وأميركا والاتحاد الأوروبي، وبعض الدول الأخرى، ونتج عنه بناء ما يزيد عن ألفي مدرسة، وتحطيمه في أقل من عام.